نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام
لا يخفى على أحد مدى عمق المأزق الذي وقع فيه أركان العملية السياسية التي أنشأها الاحتلال" الأميركي الفارسي" في العراق ومحاولة بناء الدولة العصرية المزعومة وأزمة التحول الديمقراطي المنشود !!!!
مما لاشك فيه، لقد أحدث الإحتلال الأمريكي للعراق تداعيات كبيرة على أقطار الوطن العربي وعلى منطقة الشرق الأوسط وقد استغلت إيران تحطم جدار البوابة الشرقية للأمن القومي العربي فى تحركاتها فى المنطقة وفى حسابها لخطواتها الإقليمية، مطمئنة إلى ضعف وتناقض ردود الأفعال العربية تجاهها!!.
فالممارسات السياسية الخاطئة في حكومات ائتلافية بنيت على اسس المحاصصة الطائفية والاثنية أدى حتما إلى الفشل في أداء برنامجها السياسي في عراق حديث وديمقراطي!! نتج عنه تهميش دور بناء الهوية الوطنية الجامعة(المفترضة) !!!
أن الإحتلال الأمريكي للعراق تجاوز مرحلة إسقاط نظام عربي إلى مرحلة تدمير مقومات الدولة العراقية، بحيث يقسم العراق إلى طوائف من سنة وشيعة وعرب وأكراد كل منهم يبحث عن دور فى العملية السياسية ويريد تحقيق مكاسبه الخاصة. وبهذا أصبح العراق خارج ميزان القوى العربية والإقليمية ومن المعادلة الإستراتيجية خارج منطقة الخليج، وهذا ما سعت اليه ايران منذ الإتيان بالخميني الى طهران .
فليس تصنيف الاحتلال الأميركي للمجتمع العراقي بأنه متعدد القوميات جاء صدفة!!، وكرسه بالدستور العراقي الجديد الذي كُتب تحت اشرافه، وتضمين فقرة إقامة الأقاليم والحق بتشكيلها على أساس عرقي أو قومي أو طائفي، بل وإعطاء الحق بانفصال تلك الأقاليم إذا شاءت ذلك.
اذا الدستور الأميركي الجديد جعل العراق دولة فدرالية، بحيث يحق لأي ولاية أو إقليم في العراق الانفصال، بينما بالدولة الموحدة يُعتبر ذلك كحركة تمرد ضد الدولة ويتم التعامل معها على هذا الأساس.
وقد أثر هذا التقسيم القومي للعراقيين على الأقليات القومية الأخرى الموجودة في العراق.
ًكما وفتح باب الصراع بين الكرد والعرب على الأراضي في المناطق المتلاصقة بينهما، والتي عرفت فيما بعد “بالمناطق المتنازع عليها”.
تمزيق المجتمع على أساس ديني وطائفي،
لم يكتف الاحتلال الأمريكي والإيراني بهذا القدر، إنما تعدى ذلك إلى الأمر لتمزيق المجتمع دينياً، فقد تضررت الأقليات الدينية في العراق من الاحتلال، ضرراً بالغاً من خلال تسليط المنظمات الإرهابية والميليشيات الطائفية عليها، تهجيراً وقتلاً وسبياً،
هذا ما حصل للمسيحيين في بغداد والموصل، وحصل للأيزيدين في سنجار ومناطق مختلفة من الموصل، ولم ينج من ذلك حتى الشبك والصابئة في مناطق مختلفة من العراق.
قام الاحتلال أيضاً بمحاولات تمزيق المجتمع على أساس طائفي، من خلال زرع الفتنة بين العرب سنَّة وشيعة، ساهم فيها الاحتلال الإيراني مساهمات كبيرة لتأجيج نارها، وقد أجاد الإيرانيون تأجيجها بشكل كبير .
كما وقام الاحتلال الأمريكي بتمكين مؤيدي التوجهات الايرانية من كل مؤسسات الدولة التي أنشأها وأعطى لهم الأفضلية بكل المؤسسات الأمنية والمدنية ،لتتم السيطرة لهم على حساب الاخرين .
اما الدور الإيراني الأبرز في المشهد العراقي بعد الاحتلال، وضع اليد والهيمنة المطلقة بمباركة أميركية وصمت دولي مريب .
هذا الدور ذو الأبعاد السياسية، الأمنية، والاقتصادية، والعقائدية، ما كان ليصل إلى ما هو عليه لولا الأزمات التي يمر بها العراق؛ وقد تعزز بعد مسرحية استيلاء حصان طروادة الفارسي" داعش” على عدد من المحافظات العراقية واتخاذها حجة لتكوين حشد شعوبي من الأحزاب المغطاة بالدين الموالية لإيران، عندها أخذ الدور الإيراني شكلا أمنيا حاسما في الحرب ضد تنظيم داعش في العراق من خلال وجود ضباط وخبراء وقوات إيرانية بشكل مباشر في الساحة العراقية، وكذلك عن طريق بيع الأسلحة والمعدات العسكرية وتقديم المعلومات الاستخبارية للقوات العراقية.
والسؤال الذي يفرض نفسه امام كل هذه الإشكاليات والأزمات الذي يتخبط فيه العراق، ما هو دور الإعلام في كل ما جرى ويجري ؟؟؟؟!!!!
فقد لعب الإعلام العراقي(الديمقراطي) بعد الاحتلال دورا سيئا ، فقد شهدت الساحة الإعلامية العديد من الصحف والإذاعات والفضائيات التي هي لسان الأحزاب والحركات السياسية التي تفتقر إلى الموضوعية والمهنية .
وتغيب دور الإعلام الموضوعي والمهني كسلطة رابعة، ومن واجباتها المفترضة أن تقدم الحقائق وتكشف الفساد والمفسدين للمواطن ،
وهذا الأمر لا يعني بالتأكيد التعميم، اللهم بعض الأصوات هنا وهناك ، محدودة التأثير وقليلة الفعالية في المشهد العراقي بعد الاحتلال .
ومشكلة غياب الوصول للمعلومة الصحيحة والحقيقية مما فتح الباب واسعا أمام الشائعات ونظريات المؤامرة التي غلفت الحياة السياسية العراقية في العراق، وموقف الإسلام السياسي من الديمقراطية المزعومة وادعاء أحزاب وحركات الإسلام السياسي زورا تمثيل طوائفها، التي حشرت المواطن في مأزق الهوية المذهبية وعلى حساب الانتماء الوطني في عراق عربي واحد ؟؟؟!!!
...وبعد ١٤ سنة من الاحتلال الأمريكي للعراق والعمل جاري لم يتوقف من قبل الاحتلالين الأمريكي والإيراني على إحداث تغيير للمجتمع العراقي في قيمه وطبقاته وقومياته، وتحويل العراق إلى شبه دولة وليس دولة .
ان المجتمع العراقي وبالرغم من كل هذه المحاولات لتغير طبيعته، إلا أنه ما زال يتمسك بمجموعة من القيم والمبادئ التي تجعلنا نطمئن للمستقبل إذا رُفع عن كاهل هذا الشعب الكابوس الجاثم على صدره الآن، ذلك لأن الشعب العراقي، أدرك الأهداف الحقيقية للاحتلال منذ وقت مبكر، وما نشوء فصائل المقاومة إلا نتيجة لهذا الإدراك، لكنه الآن بحاجة إلى قيادة وطنية، تؤمن بقيمة الشعب العراقي بكل أطيافه، بعيداً عن الفوارق القومية أو الدينية أو الطائفية، وجعل المواطنة هي الأساس في التعامل مع أفراد المجتمع العراقي، ويقيننا أن تلك القيادة المنشودة من ابناء العراق الغيارى من قوى وطنية وعروبية وبعثية وإسلامية سوف تنهض بالعراق وتعيد بناء ما خربه المحتلون، كما فعله مراراً على مر تاريخه الحديث والقديم.