نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام
بعد مؤامرة ضرب العراق الوطني واحتلاله مباشرة من قبل التحالف الذي تقوده أميركا، دخل العراق في منعطف تاريخي نوعي خطير وبات محشورا في عنق الزجاجة، حيث نجح عملاء امريكا وايران الى حد ما في تفكيك الدولة العراقية التي تأسست في عام ١٩٢١
أن إزاحة النظام الوطني وتغييب منطق الدولة وتعريض الاستقلال إلى الانتهاك ووقوع البلاد تحت نير الاحتلال الأميركي الإيراني، ساهم في تفكيك مرتكزات الهوية الوطنية الرئيسية وتكريس مفاهيم الطائفية والعرقية إلى الدرجة التي يمكن القول فيها بأن الهويات الفرعية طغت على الهوية الوطنية في سلوك ومناهج أحزاب العملية السياسية .
في نظام سياسي على أسس وقواعد طائفية وقومية وليس على أسس المواطنة، من البديهي أن تبرز فكرة المحاصصة بأنواعها و اختفاء الولاء الوطني وحل محله الولاء القومي والطائفي، الذي أدخل العراق في أتون الصراعات والأزمات والحرب الأهلية و تنامي مظاهر الإرهاب والفوضى والعنف والمليشيات المسلحة والمنظمات الإرهابية من حصان طروادة "داعش" وحشد "شعبي" فارسي ، التي كلفت الشعب العراقي الدماء الغزيرة والدمار والخراب والفوضى" الخلاقة" .
إن الدستور الذي وضعه المحتل الأميركي عام ٢٠٠٥ في ظل أوضاع سياسية واجتماعية وأمنية في غاية التعقيد، قد صيغ بشكل أوقع العراق في نفق مظلم بسبب الغموض والتناقض والروح الطائفية والعرقية التي تخللته.
ومع هكذا دستور كله عورات فهو عبارة عن مشروع لقيام أقاليم عرقية طائفية سهلة التهشم والابتلاع الإقليمي.
أن العملاء والأحزاب السياسية العميلة التي توافقت مع المحتل في قيادة العراق، في ظل الاحتلال الأمريكي أو ما بعد انسحاب القوات الامريكية من العراق، عملت جاهدة لإجهاض أي محاولة لقيام المصالحة الوطنية وترسيخ الوحدة الوطنية ونيل السيادة والاستقلال والتخلص من التبعية الإقليمية والدولية.
فقد تفاقمت الأزمات والصراع على السلطة والنفوذ بين القوى السياسية باستخدام الأدوات الطائفية والعرقية لإثارة الشارع، وظهور النزعة الفردية وملاحقة المختلفين في الرأي، وزيادة حدة الصراع السياسي والإعلامي بين شركاء العملية السياسية، مما أفقد ثقة الشعب بهذه العملية .
تجاوز القوانين والتحايل على الدستور، والهيمنة على ما سمي بالهيئات المستقلة من مفوضية الانتخابات والبنك المركزي وهيئة الاعلام ومنظمات المجتمع المدني وهيئة المساءلة والعدالة وغيرها، بالتزامن مع قمع الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاح السياسي، وتوفير الخدمات، والقضاء على الفساد الذي استشرى في كل مفاصل الدولة ، وصعود وتيرة التجييش الطائفي إلى أعلى المستويات وإقصاء للطوائف والمعارضين وتهميش الآخرين وقمعهم . استحداث قوانين جائرة وظالمة بحق المواطنين مثل ٤ إرهاب واجتثاث البعث وغيرها هي بعض منتجات الاحتلال ودولته الفاشلة .
المالكي كنموذج لهذه السلطة العميلة قد أوصل الدولة في العراق إلى أسوأ حالاتها، كدولة فاشلة بامتياز لا تستطيع القيام بواجباتها بما يخص الأمن والخدمات حيث ارتفاع معدلات العنف والعمليات الإرهابية وكذلك معدلات الفساد وإهدار المال العام وسرقته، و سلم محافظة نينوى لحصان طروادة "داعش" في صفقة مشبوهة يكون العراق الواحد ضحيتها، وخزينة عراقية خاوية تماما، والصراع الطائفي والتوتر الأمني والمعيشي للمواطنين على أشده .
وبناء على ما تقدم من استعراض موجز لما آلت اليه احوال العراق بعد الاحتلال، يمكن القول ان امام العراق احتمالات مستقبلية متشائمة في وضعه السياسي، تتراوح بين البقاء كدولة فاشلة، أو الانتقال إلى حالة الأقاليم العرقية والمذهبية، والاكثر تشاؤما التقسيم إلى دويلات "شيعية وسنية وكردية" هشة و متصارعة على الحدود والمياه والثروة، تابعة للأطراف الإقليمية والدولية، مما يضع المنطقة برمتها في صراع له بداية ولكن ليس له نهاية لو تحقق هذا الاحتمال .
إن عودة العراق الى سابق عهده تتطلب إزالة العملية السياسية
فعراق وطني قوي سلمي، هو الذي يساهم بشكل كبير في جلب الأمن والأمان والاستقرار لشعبه و للمنطقة .