من ثمرات الانترنيت المرة الى جانب ثمراته الحلوة وجود القراصنة (الهكرز) الذين يقومون باستهداف المواقع والشبكات والصفحات لاجل اختراقها ، فتلك هي احدى نتائج
شبكة عنكبوتية عملاقة يمكن لاي منا استخدامها لاي غرض وبأي طريقة ، وهنا نرى البوابة التي ما ان نفتحها حتى نبدأ باكتشاف المزيد من الغاز طبيعة البشر التي مازالت عصية على فهم العلماء والمختصين . ولكن هناك نوع من الاستهداف الغائي اي المتعمد لذات الهدف وليس لمجرد القيام بمغامرة الاختراق وتحقيق الشعور بلذة النجاح في تحقيقه ، ولدينا مثال شبكة البصرة التي لم يتوقف الهكرز عن استهدافها منذ تعاظم دورها في الشهور الاولى لما بعد احتلال العراق ، فكيف حصل ذلك ؟ ولماذا ؟
قبل الاحتلال ببضعة ايام قررت مجموعة من الشباب العراقي انشاء شبكة خاصة وغير سياسية بأسم شبكة البصرة لتكون منفذهم الى العالم بعد ان اصبح الانترنيت المنفذ الاهم والاكثر اغراء ، وما ان تاسست ولم تكد تكمل الا بضعة ايام حتى وقع الاحتلال ،وبسرعة تغير هدف من اسس الشبكة من نافذة شخصية وغير سياسية الى اشهر واهم شبكة اقترن اسمها واكثر من غيرها بالمقاومة العراقية للاحتلال ، فقد تولت بمبادرة منها تغطية بيانات ثوار العراق الذين لم يكن احد يعرفهم بعد ، فتفرقت اخبارهم وتناثرت بين ماكان موجودا من شبكات وبطريقة هامشية وغير مركزة ، وهكذا اكتشف من اسس شبكة البصرة النقص الخطير في تغطية اهم احداث ما بعد الاحتلال وهو حدث نشوء المقاومة المسلحة فبادرت بسد هذا النقص وولد صوت المقاومة العراقية الاول وبلا منازع واكتسبت بسرعة شهرة عراقية وعربية وعالمية فريدة وصارت واحدة من اشهر الشبكات في العالم كله .
كان تصميم الشبكة مناقضا لدورها الكبير والطليعي فقد كان ومازال بسيطا جدا ووضعه نفس من انشأها اعتمادا على تعليمات موجودة في الانترنيت ولم يضعه خبير لسبب معروف وهو انه ليس لديهم فائض مالي يكفي لجعلها متميزة بالتصميم مثلما هي متميزة بما تنشره ، بل كانوا ومازالوا يعتمدون على دخلهم الشخصي الشحيح ، ولكن هذه الشبكة البسيطة التصميم تحولت خلال شهور الى صوت المقاومة العراقية الاشهر والاقدم وبلا اي منازع وصارت تنشر بيانات كافة فصائل المقاومة وما يصل اليها من مقالات تدعم المقاومة وتكشف الاحتلال ، وهكذا حققت اوسع واهم استقطاب عراقي وعربي ومتابعة عالمية والجميع مبهور بظاهرة المقاومة العراقية التي انطلقت بقوة هائلة وبزمن مدهش بقصره بعكس كافة توقعات من خطط للغزو ونفذه .
كانت اجهزة المخابرات العالمية ،الامريكية والبريطانية بشكل خاص، اكثر من اهتم بمعرفة من وراء الشبكة ومن يديرها ، وكان الاعلام الغربي المعارض للاحتلال يعتمد بصورة رئيسية على شبكة البصرة كمصدر رئيس في تغطية ما يجري في العراق ، وكانت حكومات العالم تبحث عمن يمتلكها لدرجة وقوع حكومة اليابان في مطب كبير فقد دفعت مالا كثيرا لشيوعي عراقي سابق اعلن دعمه للمقاومة فتصورت مخابرات اليابان انه من قادة المقاومة وبدات الاتصالات تجري به ودعي لزيارة اليابان لمعرفة هوية المقاومة وكيف تعمل لكن الحكومة الوحيدة في الغرب التي كانت تعلم بان ذلك الشخص لا صلة وباي طريقة بالمقاومة هي الحكومة التي منحته اللجوء !
ومثلما كانت اجهزة المخابرات تحفر باظافرها لتعرف من خلف شبكة البصرة فان احرار العالم من ايطاليا حتى امريكا مرورا باسكندنافيا كانوا يعرضون خدماتهم التطوعية لشبكة البصرة فتكونت لديها القدرة على نشر تقاريرها وبعض مقالاتها باللغات العالمية فتحولت الى المصدر الاساس لعمليات المقاومة العراقية لكافة الجهات الغربية والعالمية ولاجهزة المخابرات وللاعلام العالمي واصبح دخول الشبكة بعشرات الالاف يوميا .
ومع الشهرة الهائلة التي حققتها شبكة البصرة عرف العالم كتابها واغلبهم كان مغمورا لكنه بفضل نشر مقالاته في الشبكة اشتهر ، وكلما صدر بيان من فصيل وبغض النظر عن هويته الايديولوجية كانت شبكة البصرة هي التي توصله للاعلام العالمي كله باللغات الاساسية الانكليزية والالمانية والاسبانية والفرنسية وغيرها ، وكانت اجهزة المخابرات تتابع تلك البيانات واسماء (كتاب المقاومة) وهو مصطلح ظهر اول مرة في شبكة البصرة ليقصد به كتاب شبكة البصرة التي تشرفت بانها كانت الصوت الاول والاقوى للثورة العراقية المسلحة ضد الاحتلال ولفصائل المقاومة العراقية . بل ان شبكة البصرة وهذا سر اكشفه الان وبدون قصد منها تحولت الى وسيلة لاعادة ربط المناضلين البعثيين الذين تفرقت دروبهم بسبب الحملة الفاشية الدموية التي قام بها الاحتلال الامريكي وميليشيات اسرائيل الشرقية ضدهم وادت الى استشهاد الالاف منهم في الاسابيع الاولى للاحتلال ، لذلك انقطعت صلة الكثير من البعثيين بحزبهم لكن الشبكة بفضل البيانات التي كانت تنشرها باسم الحزب وباسم المقاومة تحولت الى وسيط غير مباشر في اعادة ربط الالاف بالحزب اضافة الى دورها الكبير جدا في ابقاء الامل بتحرير العراق حيا وادامته .
وكانت ظاهرة البحث عمن يملكها عبارة عن سباق محموم فكل فترة يتغير التوقع وتتغير الاسماء التي تنشر على انها لصاحب شبكة البصرة ، وفي عام 2005 نشرت جهات اعلامية امريكية انني صاحب شبكة البصرة ومديرها وهذا غير صحيح رغم انه شرف كبير لي ان اكون كذلك ، والصحيح هو انه نشأت صلة رفاقية متينة ومتميزة بيني وبين شبكة البصرة بعد الغزو من خلال الكتابة فيها ومعاونتي للشبكة في بعض القضايا الاعلامية ، ومازالت علاقتي المتينة بالشبكة مستمرة حتى هذه اللحظة وبقوة اكبر نتعاون من اجل تواصل نضالنا الوطني من اجل تحرير العراق .
وبعد ان اسس كل فصيل وحزب وجماعة شبكة له لم تفقد شبكة البصرة القها وتميزها رغم تفوق الشبكات الاخرى عليها بالتصميم والشكل وحتى بكثرة المواد لان البصرة بقيت الاكثر جذبا للعراقيين والعرب والنخب العالمية المهتمة بقضية العراق بفضل ماضيها العريق وتواصل تميزها النوعي عن غيرها . لهذا بقيت اغلب فصائل المقاومة العراقية تعتبر نشر بياناتها في شبكة البصرة اهم من نشرها في شبكاتها الخاصة وهذه الظاهرة مستمرة حتى الان .
وفي ضوء ما تقدم يتضح لنا بان استهداف الشبكة نتيجة طبيعية فمادامت شبكة البصرة تمثل صوت العراق الاكثر قوة ووضوحا واصالة فان اعداء العراق والامة العربية سوف يبقون يستهدفونها بكافة الوسائل وقد اشتدت حملة الاستهداف في الشهور الاخيرة لان التأمر على العراق وقواه الوطنية قد اشتد وزادت ظاهرة التزييف واستخدام اسماء وطنية في التشويه والتزوير لهذا بقيت شبكة البصرة خير من يزيح غمامات التعتيم ويجلي الحقيقة ويقدم الصورة الاصيلة لما يجري في العراق فاصبح اسكاتها مطلبا صهيونيا امريكيا فارسيا .
وبالامس كان اخر استهداف للشبكة والجديد الان ان غوغل قد ساهمت في استهدافها هذه المرة وليس الهكرز فقط ! بالتحذير من دخلوها بادعاء انها تحمل فايروسات مثل وصف الشبكات التي تقدم برامج مجانية وتدس من خلالها فايروسات ! وادخال شبكة البصرة من قبل غوغل ضمن هذه الفئة من الشبكات يؤكد ان غوغل يعتمد معايير منحازة وتخدم جهات عنصرية معادية للعراق والعرب ، كما يؤكد اهمية شبكة البصرة وتميزها وصمودها رغم فقرها المادي وحاجتها المستمرة لتطوير عملها لكن فقرها المالي لا يسمح لها بتنفيذ كل طموحاتها المشروعة . ومن الضروري لفت النظر الى انه لولا تعاظم اهميتها في نشر الوعي الوطني العراقي والقومي العربي لما دخلت غوغل ضمن من الجهات التي تستهدف الشبكة وتحاول تعطيلها او تطلب ممن يريد الدخول اليها تجنب دخولها لمنع الفايروسات من اختراق حسابه او شبكته ! انها ضريبة النجاح في اداء الواجب الوطني والقومي .
فتحية للرفاق الاعزاء في شبكة البصرة المجاهدة الصامدة النقية .
Almukhtar44@gmail.com
30-8-2016