نهضة الأمة بعثية والبعث كفؤ لها بعون الله.
أ. د. كاظم عبد الحسين عباس
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام
جرى غزو العراق لذبح عروبته وقد صممت عملية الذبح عبر قوانين اجتثاث البعث وما ترتب عليها
من تصفيات جسدية للمناضلين القوميين العرب العراقيين ومن آمن معهم بروح البعث الوطنية والقومية الإنسانية المعادية للتطرف والتعصب ومطاردتهم بواسطة العصابات الحزبية والمليشياوية التي جلبها الغزاة من إيران وغيرها وسلطوها مسنودة بقوة السلاح والمال والإعلام فصار ملايين العراقيين الأحرار بين مهجر ونازح ومعتقل ومقصي. وأعلنت نوايا الاحتلال في اجتثاث عروبة العراق بواسطة فقرات في دستور الاحتلال ألغت الهوية العربية للعراق مثلما حولت البلاد إلى دكاكين وكانتونات طائفية وعرقية عنصرية هدفها الأول تغيير البنية الاجتماعية وتفتيت الأواصر المكونة للتعشيقات الحياتية لهذه البنية.
جاء غزو العراق للبدء بإنهاء الخط القومي العروبي الوحدوي التقدمي التحرري الأشتراكي الذي أطلقه البعث عام ١٩٤٧ وعمقه وثبته كأحد مرتكزات الحياة العضوية والأخلاقية والروحية للأمة. جاء الغزو لتمييع الهوية القومية والحضارية للأمة العربية وبرهنت معطيات الاحتلال خلال السنوات الثلاثة عشر المنصرمة على أن العروبة قد وقعت بين فكي المطحنة الفارسية الإيرانية الصفوية من جهة والصهيونية الإمبريالية من جهة أخرى وأن هذه المطحنة تسحق بلا رحمة الهوية والوجود والحلم والدين والإيمان العربي.
ولعل أخطر وأمر ما أنتجته حقبة غزو واحتلال العراق هو ما نراه من محاولات خلط إقحامي ممنهجة بين الفارسية من جهة والعربية من جهة أخرى هدفها تعمية البصائر والأبصار عن حقيقة المشروع الفارسي الصفوي الاحتلالي لأمتنا وعن طبيعة المرحلة التي يجري فيها المزج الإقحامي هذا التي تمتاز بكارثة العرب في العراق وما تلاها من انهيارات بنوية للنظام العربي تهدد الهوية القومية بالفناء وقوام عملية المزج هذه هي اعتبار الاحتلال الفارسي ليس احتلالاً بل فتحا مبيناً (للمذهب الشيعي) وثأراً لما يسمى بمظلومية آل البيت وبذلك فإن دخول العجم الفرس علينا حكاماً وقادة عسكر وعمل مخابرات إن هو إلا عمل حميد وصلت الوقاحة الخيانية بالبعض إلى إسقاط الفاصل الاجتماعي الطبيعي بين الفرس وبين العراق وسوريا ولبنان واعتبرت أن أي غزو أو احتلال أو نفوذ إيراني للجسد العربي هو أمر طبيعي ولا يستدعي المقاومة والرفض. إن أعتبار الشيعة العرب مكوناً من مكونات الأمة الفارسية الصفوية هو أخبث وأخطر ما مرت وتمر به الأمة العربية في تاريخها كله وهو كذبة احتلالية وخنوع ذليل من كل من تماشى وساير الموجة الطائفية فحول العراقيين والعرب عموماً إما إلى شيعة إيرانية أو إلى سنة عثمانية وهدف هذا التوافق البليد هو العروبة وكينونتها حصراً وتحديداً وليس المذاهب ولا الأديان التي تستخدم كمفاتيح وأغطية سياسية لا غير.
حزب البعث العربي الاشتراكي هو المعبر الأول والأهم عن الهوية القومية وهو الذي قد نشأ من رحم الأمة ليحمي هويتها ورسالتها الخالدة وحضارتها التليدة. إن أجتثاث البعث في العراق كان هو الخطوة الأولى في خلط الألوان والأوراق الجاري الآن والذي يسير باتجاه فرسنة الأمة وصهينتها لتنتهي العروبة ومعها ينتهي النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وتغيب إلى الأبد فرية مظلومية آل البيت التي هي الراية والحجاب الفارسي للشعوبية التي تمقت العرب وتبغض وجودهم وينتهي الإسلام الحقيقي أولاً ثم تغييب السلفية بشقيها الفارسي والعثماني في حقبة ومرحلة لاحقة لتسود الصفوية والصهيونية على أرضنا ومقدراتنا.
الحل:
هو أن ينهض البعث من جديد، يثور وينتفض في كل الأقطار العربية. ولكي تحصل الثورة البعثية الجديدة التي تحرر العراق وفلسطين والأحواز وجزر الخليج والجولان وسبتة ومليلة لا بد أن يحصل الآتي:
١- أن يقوم البعثيون في كل مكان بكسب العرب إلى صفوف الحزب وإلى نصرته ومساندته لأنه هو أمل الأمة الأكبر في الخروج من محنتها القائمة الآن.
٢- أن يقوم البعثيون في كل مكان بنشر عقيدة الحزب ومبادئه الوطنية القومية التحررية الوحدوية الاشتراكية.
٣- أن يوضح البعثيون بلا كلل ولا ملل لكل العرب في كل مكان صلة البعث العضوية بالإسلام الحنيف كدين لمعظم العرب وبالإيمان كمسار حياتي لكل العرب وأن يدحضوا الفكر التكفيري تماماً كما يدحضوا الإرهاب وعقائده الإجرامية.
٤- أن تسود القناعات عند البعثيين بكل مستويات توصيفاتهم النضالية وصولاً إلى أعلى قيادة في الحزب بأن تحرير العراق هو المفتاح لفك الحصار القاتل المفروض الآن على النهج القومي الوحدوي التحرري وهو الطريق الوحيد لإعادة طموحات تحرير فلسطين وكل أرض عربية مغتصبة إلى مساراتها السليمة ولإعادة عوامل حشد الأمة بهذا الاتجاه.
٥- أن يتحرك مناضلوا البعث في كل بقعة يتواجدون عليها للتظاهر والاعتصام وإقامة كل الفعاليات السلمية التي تعلن عن حضوره الوطني والقومي وعن أصالة ارتباطه بقضايا الوطن والأمة.
٦- أن يقوم كل بعثي بواجباته تجاه العراق ومقاومته الوطنية الباسلة بكل فصائلها وتشكيلاتها التي تقاتل لطرد الاحتلال الإيراني والأمريكي وإعادة العراق إلى حاضنته القومية وذلك بأن يمارس كل بعثي دوره الإعلامي والتحشيدي والتثقيفي والتنويري على وسائل الاتصال الاجتماعي المختلفة. ومن الضروري أن تقوم خلايا الحزب في كل مكان بتقديم الدعم المادي للمقاومة العراقية التي ليس لها من ساند غير الله سبحانه.
لقد آن الأوان أن يدرك البعثيون ويعملون على نقل إدراكهم لكل شعبنا العربي بأن ما يجري في العراق وسوريا ولبنان وكل أرض عربية امتدت لها أذرع الأخطبوط الطائفي الإيراني الصفوي هو تنفيذ لمخطط إنهاء الأمة العربية وطمس هويتها وتاريخها ونضالها وإحلال للسلفية المتطرفة بشقيها (الشيعي والسني) لتسود على أنقاض الإسلام والعروبة وتتعايش بتفاهمات ممنهجة مع الكيان الصهيوني المشابه لها في الغلو والتطرف والعنصرية والإرهاب. وأن يكون هذا الإدراك منطلقاً فعالاً وجماهيرياً واسعاً للدور الجهادي والنضالي الحاسم والمرجح والحيوي والذي لا بديل له في إنقاذ الأمة من حلقة الموت التي تطوق الآن رقبتها.
وفي نفس الوقت على البعث أن يقوم بالدور المفصلي في توحيد الأحزاب والقوى والجمعيات الوطنية والقومية والإسلامية التي تلتقي معه في خط رفض الاحتلال الإيراني ومقاومته وكشف وفضح زيفه وباطنيته والتي يحاول التستر والتخفي وراءها لحجب الرؤيا وخلط الألوان عن حقيقته القومية الفارسية الاحتلالية التوسعية التي جندت عرباً غلبوا على أمرهم وغيبت عقولهم. وفي هذا الإطار فإن جهود البعث القائمة الآن لتنفيذ مبادرة ومقترحات أمانة البعث العامة وتوجيهات القائد المقاتل الباسل الرفيق عزة إبراهيم في تشكيل الجبهات الوطنية وصولاً إلى الجبهة القومية العريضة التي تتولى إدارة كفة صراع الأمة من أجل حقها في الحياة وحق العرب في أرضهم واستقلالهم وخيراتهم التي يحرمون منها ويكرس الجوع والمرض والجهل والأمية والفقر بإرادة أعداء الأمة التي سادت ونفذت وتقوت باحتلال العراق.
لا أمة عربية بدون البعث ولا مشروع يسير بخطى مدروسة نحو إنقاذ الأمة إلا باعتماد استراتيجية البعث وشركاءه من الأحرار العرب في داخل الوطن وفي المهجر للمقاومة والتحرير وما ندعو له هو حق صيانة الحياة وحق الإنسان العربي في الحياة وحماية الأمة التي تتعرض لأشرس عدوان وهجمة في كل تاريخها القديم والحديث. والله هو المستعان.