تحرير العراق من الاحتلال الإيراني هو أولوية العرب وواجبهم الآن
الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام
ثمة حقيقة مطلقة ونهائية وثابتة هي ان حزب البعث العربي الاشتراكي هو من أطلق شعار مركزية القضية الفلسطينية في النضال القومي التحرري الاشتراكي للأمة العربية وهو من كرسه فكرياً, نظرياً وعملياً, وسوقه إعلامياً عربياً وعالمياً ومن البديهي أن يبقى البعث متمسكاً مؤمناً به حتى تتحرر فلسطين كامل فلسطين وتعود حرة عربية من البحر إلى النهر. ومعلوم أن مركزية القضية الفلسطينية في عقيدة ونضال البعث الميداني قد صارت إحدى سمات حزب الوحدة والحرية والاشتراكية, حزب البعث العربي الاشتراكي.
البعث هو من حول العراق بعد ثورة تموز ١٩٦٨ إلى قاعدة العرب المحررة الثائرة التي تدعم عملياً, معنوياً ومادياً, نضال العرب عموما وشعبنا الفلسطيني خصوصاً لإنجاز التحرير وطرد العصابات الصهيونية المغتصبة لها.
البعث في العراق لم يساوم ولم يتنازل عن القضية الفلسطينية وقاتل من أجلها بالسلاح وبالمال وفي الإعلام والدبلوماسية ويعلم كل العرب والعالم أن غزو العراق واحتلاله عام ٢٠٠٣ قد كان في مقدمة دوافعه هو القضاء على العراق المؤمن والمشتغل بثبات وتحت كل الظروف والأحوال لتحرير فلسطين. وقبل هذا فقد كان العراق يوم وصل خميني لطهران قادماً من باريس كان العراق في ذروة دعمه لفلسطين وأهلها وفي ذروة عطاءه للأمة في كل أقطارها غير أن خميني قد أعلن الحرب عليه وبدوافع ونوايا مصممة مسبقاً تحت شعار زائف مفبرك مقنن ومدروس سياسياً ومخابراتياً هو: الطريق إلى فلسطين يمر عبر بغداد وكربلاء…!!!!!!! وبديهي أن الدلالات الظاهرة لهذا الشعار الخبيث اللئيم تريد أن تخدع العراقيين والعرب بأمرين:
الأول: أن نظام البعث في العراق غير معني بقضية تحرير فلسطين وهذا يناقض قناعات العرب كلهم رسميين وشعب غير أنه قد يفتح نوافذ للرجعية العربية للطعن بالعراق وبحزب الأمة وتقوض كل ما يقدمه العراق وما يقوم به لجعل فلسطين هي محور نضال العرب وتحريرها هو طريق الوحدة الحلم الحق.
الثاني: أن النظام الإيراني الجديد الذي يدعي الإسلام هدفه تحرير فلسطين ومعلوم أن العراق يقع جغرافياً في الطريق إلى فلسطين وعليه فإن احتلال العراق من قبل إيران يصبح له وجه عربي ومصلحة عربية ويغازل بعض الأحلام التائهة أو الباحثة عن الاسترزاق باسم القضية.
إذن: حرب إيران على العراق كان لها هدف معادي للقضية الفلسطينية لأن إشغال العراق كان هدف لحرف بوصلة جهاده ونضاله من فلسطين إلى حالة الدفاع عن النفس. واحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والكيان الصهيوني بدعم وإسناد إيراني قد جاء لإتمام المهمة الموكلة لخميني التي دحرها العراق في حرب قادسية صدام المجيدة. والاحتلال اتخذ من الطائفية منهجاً سياسياً للحكم الذي أسسه في العراق والطائفية هي المنهج الذي تتستر بغطاءه الصهيونية في نظامها العنصري في أرض فلسطين المحتلة وإيران بنظام ما يسمى بولاية الفقيه التي تدين بالصفوية وليس بالإسلام.
إن غزو العراق قد أسقط جدران الصد التي كانت تحمي الأمة من حدودها الشرقية مع إيران وحتى شواطئ موريتانيا الأطلسية والدليل هو الانهيارات الكارثية في بنية النظام الرسمي العربي والاختراقات الخطيرة للأمن القومي العربي التي يشهدها العالم العربي بوضوح وبادراك كل العرب.
من الواضح بالأدلة القاطعة أيضاً أن الأمريكان قد هربوا من العراق عام ٢٠١١م وسلموه للاحتلال الإيراني الذي مارس بشكل خاص بعد هذا التاريخ منهجه الاحتلالي للعرب في العديد من أقطارهم وخاصة المشرقية منها.
إذن: أميركا مكنت إيران في العراق ومنحتها اليد الطولى في النفاذ عبر أدواتها المذهبية التي عملت على تشكيلها منذ مئات السنين وتغيرت البوصلة الإيرانية المزعومة لتحرير فلسطين لتمر عبر البحرين والسعودية واليمن وسوريا ولبنان وعبر مصر والسودان وتونس والجزائر ولم يعد طريق كربلاء وبغداد مجدياً ولا كافياً للثعلب الفارسي المخادع….!!!!
هل ظل عربي أو إنسان لا يدرك هذه الحقائق غير حزب الله وحزب الدعوة وتشكيلات إيران الأخرى القابعة في الجسد العربي ومعهم بعض قومجية المؤتمر القومي العربي الذين يعرفون ويحرفون؟؟
هل نحتاج إلى جدل بيزنطي عقيم لنعلن أن إيران عملت وتعمل على حرف بوصلة النضال العربي وأجبرت قوى الأمة الحية والأصيلة بعد تمهيدها مع بعض الأنظمة العربية المعادية للوحدة العربية ولحامل لواءها حزب البعث العربي الاشتراكي والغارقة في المحلية المصلحية النفعية السايكس بيكوية للاضطرار إلى جعل قضية تحرير العراق هي الطريق الوحيد والأوحد للعودة إلى الهدف المركزي ألا وهو تحرير فلسطين؟
نطالب ببرهان من كل من يدعي أن تحرير فلسطين ممكن من دون العراق كقوة عربية ضاربة وبدون الحزب الذي علم الأمة كلها أن فلسطين هي طريق وحدتها والى فلسطين طريق واحد يمر عبر فوهة بنقية!!!!
من جهة أخرى… فإن الاحتلال الإيراني للعراق وللأقطار العربية الأخرى هو نوع من الاحتلال الاستيطاني السرطاني الخبيث الذي لا يكتفي باحتلال الأرض والثروات كما هو حال الاحتلال الصهيوني مثلاً بل إنه يتجاوز بأهدافه الخبيثة الشريرة هذه الأطر الاحتلالية التقليدية لينفذ إلى المجتمع يفرسنه ويصفونه أي أنه يعمل على تغيير الهوية الدينية والقومية في آن معاً ويجند العراقي والسوري والتونسي والمصري والمغربي لقتال أشقاءهم من أبناء وطنهم وهذا مالم تطاله الصهيونية على ما تحمله من أحقاد وخبث وإجرام بل ولم تفكر به بحيث أننا لم نر إلى الآن عرباً يشكلون كتائب وميليشيات صهيونية تقاتل في العراق وتونس مثلاً لاحتلالها رغم أن الصهيونية قد اجتهدت بوسائل أخرى لاختراق الأمن القومي العربي.
إن اغتيال العراق كقطب محرك للمنهج القومي التحرري الثوري الاشتراكي وكرافع لراية تحرير فلسطين وكمشارك فعلي في الحروب وفي حيثيات الصراع العربي الصهيوني هو طعن واغتيال ممنهج للقضية الفلسطينية وحماية للكيان الصهيوني المغتصب وعليه فإنه يفرض ويوجب منطقياً وعلمياً وجدلياً أن يصير إنقاذ العراق وتحريره من الاحتلال الأمريكي الإيراني الصهيوني هو محور نضال العرب شعباً وأنظمة وقوى سياسية وطنية وقومية وإسلامية. وتوجيه النضال العربي هذه الوجهة هو تكريس لبوصلة العرب المتجهة لتحرير فلسطين وتثبيت لها وليس كما يحاول البعض تشويه الحقيقة وحرفها وأن أبناء فلسطين هم من بين العرب الذين ينتظر منهم وطنهم العراق أن يكون لنضالهم وجهادهم العظيم والبطولي حصة منه لكي يعود العراق الذي يعرفونه بلا مزايدات ولا تسويف ولا تشويه.
من يتاجرون الآن بمركزية القضية الفلسطينية ليس هدفهم تحرير فلسطين ولا حتى تقديم دعم استراتيجي لفصائل المقاومة الفلسطينية بل هدفهم تمكين الاحتلال الإيراني من بسط نفوذه على العراق وباقي أقطار الأمة ودواعيهم سياسية طائفية فارسية الهوى متوافقة ومتماهية تماماً مع المشروع الإيراني الصفوي و أو نفعية تومانية دولارية وسخة.