يوم الأيام ويوم الحظر وما بينهما: البعث توق أمة وخروج الأمة من الرمة.
الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام
كان عندنا قيادة نثق أنها سبقت عصرها فكراً وقدرات تخطيط وإمكانات تنفيذ. قيادة تحترم نفسها وتقدس مسؤولياتها وتحسب ألف حساب لشعبها وأمتها وأخلاقيات إيمانها.
وكان عندنا شعب سبق زمانه وعصره. يعشق قيادته ويثق بها ثقة مطلقة وخولها حق الهجوم وحق الدفاع بعد أن جربها في سوح البناء والإعمار وبرامج ومناهج التغيير الجذري التي كانت كل يوم تعلي بناء وتغني الفقراء وتعلم الصغار والكبار على حد سواء. بعد أن رآها بعيون مفتوحة ومنبهرة وهي تعبد الطرق وتشق الترع والأنهار وتعالج بور الأرض ومالحها وتخضر حقول واسعة في الأرض المستصلحة وتفتتح كل يوم مصانع للغذاء وأخرى للدواء وثالثة للمواد الإنشائية وغيرها للسيارات والدبابات والصواريخ والمدافع وسواها للمواد الكيمياوية الصناعية وللبتروكيمياويات.
شعبنا كان بلا بطالة. قيادتنا أنهتها وفتحنا أبواب الاشتغال لأشقاءنا العرب فصار العراق أمة عربية واحدة.
وغلب الأمية في ملحمة وطنية فذة شهد لها العالم كله.
قيادتنا تضخ كل يوم منجز للشعب وتصدر كل يوم قرارات تسعد الإنسان وترتقي بمستويات معيشته وقدره وكرامته.
جامعاتنا تخرج كل عام آلافاً مضافة بزيادات مضطردة في اختصاصات الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء وعلوم الفقه والشريعة وكل التخصصات الأخرى.
آلاف من ماجداتنا وفرساننا يشغلون ماكنات البحوث في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا وبلغاريا والهند وكندا وأستراليا … ويعودون للوطن فيثرون الجامعات ويغنون مراكز البحوث ويعلون صروح الصناعة والزراعة والطب والاتصالات والمواصلات…
كنا في عرس وأي عرس.
في النهار نعمل بلا أي ضياع للزمن وعصراً ومساءاً وليلاً نشتغل وتجمعنا اجتماعات وندوات ننقد فيها المسيرة ونعالج العثرات ونقترح ما نراه لإثراء الثورة وفعلها.
ومؤسستنا الأمنية تحمي الأمن والاستقرار.
ومؤسستنا العسكرية تنمو وتتطور لتؤمن استقلالنا وسيادتنا ووحدة أرضنا وعزة أمتنا وتتحرك بثبات لتمنحنا الثقة بأننا نحمي حقنا وحقوق أمتنا وأننا في الطريق لتحرير حقوقنا المغتصبة في فلسطين وغيرها من أرض العرب المسلوبة والمغتصبة.
هكذا كان عرسنا حين أطل علينا العدوان الإيراني. هكذا كنا حين مد لنا الغول رأسه وفتح لنا الشيطان فاه. كنا نرتل القرآن وكنا نغني في معسكرات البناء وجني الثمار وإنشاء المجمعات السكنية عندما أطل علينا الطاعون من إيران وأصدر خميني قرار تصدير ثورته المجوسية لنا..
نحن في عرس ثوري فكيف نستقبل ثورة عبدة النار.؟
نحن نؤسس لأمتنا التي نريد لها أن تكون جنباً إلى جنب مع الأمم الراقية فماذا يريد لنا ذقن إبليس وعمامة النخاسة؟
وحين وجدنا أنفسنا مع قيادتنا أمام خيارين: أن تحتلنا إيران الخمينية فنذل وتذل معنا أمتنا التي أعياها الإذلال وصارت بغداد نقطة الضوء ومحط الرجاء.
أو
نسل سيوفنا ونحمي الحمى والعرض والديار وندفع الردى عن تجربتنا التي نعشقها ونمنحها العرق والفكر والدم لتدوم وتتواصل.
وكان ما كان … لسفر التاريخ والأزمان.
طلعت الصدور الأبية.
وانتخت الرؤوس التقية.
وتشمرت الزنود السمر والسواعد البهية.
قيادة في الصدارة.
جيش
جيش شعبي
شرطة
أمن ومخابرات
وشعب له أول وما له آخر ..
رجال يصدون الطوفان الخميني وماجدات يمارسن البناء وينجبن الرجال. قاتل العراق شيباً وشباناً بل وقاتلت نساءنا بالسلاح وبسواه من وسائل القتال. كبر الصغار والتحقوا بجبهات العز وتخرج الطلاب وصاروا ضباطاً وجنود حتى أعيينا عدونا ولوينا ذراعه وقصمنا ظهره وحنينا رقبته وأدخلنا اليأس والقنوط إلى صدر الغل والحقد والضغينه فأجبرناه على السلام والاستسلام. خضناها معارك يومية وملاحم أسبوعية. دخلنا أرضهم ومزقنا حشودهم ودخلوا أرضنا فصارت جحيماً يأكل أجسادهم.
قاتل الهور وغابات النخيل ورمال البوادي وصخر الجبال. قاتل الشمال في الجنوب وقاتل الجنوب في الشمال.
قاتل شيعة العراق ببسالة العراقيين العرب الشجعان وكنا شهوداً على بطولاتهم وشهوداً على شهداءهم الذين غصت بهم مقابر النجف وكربلاء.
وقاتل سنة العراق بذات الروح وقدموا أغلى التضحيات. وقاتل الطيف العراقي كله فكان الأيزيدي جنب الكردي والكردي جنب الصابئي والصابئي جنب التركماني ..
توحد العراق في عرس البطولة كما كان موحداً في عرس البناء ودفاعاً عن ذاك البناء.
وبقينا أعزة ننتصر .. انتصرنا في يوم الأيام وفي ملاحم بعده منها يوم النداء وعدوان الثلاثين دولة … قدمنا تضحيات جسيمة نعم لكننا لم نفنى كما أريد لنا بل بقينا نعيد بناء ما دمره الأشرار وبقى العراق حراً سيداً .. وواجهنا الحصار الذي ما مر على الكون له مثيل ولا شبيه..
جعنا .. عرينا .. مات شيوخنا وأطفالنا لانعدام الغذاء والدواء.
لكننا بقينا صامدين نقاتل وننتصر في معركة الوجود التي صممت لاغتيالنا شعبا ووطن.
أربعة عشر عام .. حاصرنا فيها الصديق مرغماً والعدو متقصداً سلبنا فخار النصر الذي حققناه .. وإطفاء ألقه الذي شع في الأرجاء وتنفس في فلسطين المحتلة والقاهرة الصابرة وتونس المنتظرة والخليج الواقف على جمر اللظى..
وخلال الحصار كانت النار تأكل زرعنا بقصف الصواريخ والطائرات وغزو الطائفية كما الفايروسات يبث في جسدنا والجوع ينخر عظام المنتصرين الصامدين الصابرين والعوز وشح الموارد وانعدامها في أشرس حرب اقتصاد شهدها الكون تأكل لحمنا وتهشم عظامنا …
واستكمل الغدر يوم الغزو … يوم تحشدت مع أميركا أكثر من ٤٠ دولة بجيوشها واقتصادها وإعلامها…
ونفذت ذات ما أراد خميني تنفيذه عام ١٩٨٠ وقبرناه عام ١٩٨٨.
منذ اليوم الذي دخل فيه الغزاة بغداد والعراقيون يعيشون وقائع تثبت وتبرهن ان غزو أميركا قد جاء لينجز ما عجز عنه غزو خميني.
وكل ما جرى ويجري من يوم ٩-٤-٢٠٠٣ هو استكمال لما قبر في ٨-٨-١٩٨٨. هو انتقام وثأر ليوم نصرنا العظيم.
إلغاء دولتنا الوطنية إيراني بيد الغازي الامريكي.
حل القوات المسلحة العراقية إرادة خمينية نفذها بوش الأمريكي.
اجتثاث البعث وما نتج له من آثار إنسانية مدمرة قرار خميني أصدره بول بريمر الحاكم المدني للغزو.
وقرار حظر البعث الذي زامنوه مع ذكرى يوم النصر هذه الأيام هو استكمال لأركان النظام الذي ارادت خطة تصدير الثورة الخمينية تأسيسه في العراق.
هم أرادوا .. اميركا نفذت .. ونحن روح الله التي لا تغلب .. نحن نقاتل ونقاوم وسنطرد الغزاة والمحتلين طال الزمن أم قصر..
نحن سيل الدماء الشهيدة التي حفظ الله حقها.
نحن جند القرآن والإيمان الذين سيمكنهم الله فهم بقيته في الأرض.
نحن .. عراق علي والحسين وأبا حنيفة النعمان والكيلاني رضي الله عنهم وسلم تسليماً عقول وسيوف ورايات للبقاء السرمدي.
عاش يوم النصر تاريخاً لأمة محمد العظيم صلى الله عليه وآله وسلم.
عاش يوم النصر إنجازاً بعثياً عربياً إنسانياً خالداً على المدى.
المجد والخلود للشهيد الحي قائد قادسية العرب الثانية صدام حسين رحمه الله.
العز والنصر للحبيب الأسد المرابط يقاتل الطوفان الفارسي الصهيوني بمدد واقتدار من رب العزة عزة العرب والإسلام المجاهد عزة إبراهيم.
وسيصل يوم الثامن من آب ٨٨ بيوم آتٍ لا محال ليكون كل الخراب والدمار والفواجع نسغ له .. لهذا اليوم الأغر الذي يقر الحق ويقيمه في أرض العراق أرض الحق يوم تبصق فيه جماهير شعبنا على قانون حظر البعث.