قانون حظر البعث: محاولة للتغطية على فشل قانون الاجتثاث سيئ الصيت
الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام
أصدر الحاكم المدني لما يسمى بسلطة الائتلاف المدنية واجهة قوات غزو العراق الأمريكي بول بريمر قانون اجتثاث حزب البعث العربي الاشتراكي كأول قانون للغزاة تلاه قانون حل الجيش والقوات الأمنية في دلالة واضحة وصريحة ولا يخطئها عقل ولا عين إلى الأهداف التي جاء من أجلها الغزاة:
ذبح حزب البعث العربي الاشتراكي لأنه حزب عربي قومي يعمل لتحقيق أهداف العرب في الحرية والسيادة والتطور فوق كامل أرضهم من عدن اليمنية إلى دهوك العراقية ومن ديالى العراقية حتى نواكشوط الموريتانية مروراً بفلسطين أفقياً
وعمودياً.
والثأر لهزيمة إيران على يد القوات المسلحة وشعب العراق في الحرب التي فرضتها إيران الخمينية لتصدير ثورتها الصفوية المجوسية للعراق ولوطننا العربي ومنح إيران فرصة تحقيق ما لم تتمكن من تحقيقه في عدوانها الإجرامي القذر الذي بدأته عام ١٩٨٠ وقبرناه عام ١٩٨٨.
ونشر الفتن السياسية والعرقية والمذهبية التي لم تقتصر على العراق بل سرت تدريجياً في الجسد العربي لتؤكد حقيقة ما كان يقوله العراق وقيادته من أن المؤامرة على العراق والعدوان عليه واستهدافه إنما هي في حقيقتها مؤامرة على الأمة العربية وعلى الأمة الإسلامية كلاً لا تجزئة ولا استثناء فيه. والعرب الآن كلهم يعترفون ويقرون ويعضون أصابع الندم.
ويمكن لأي باحث أن يضيف لهذه الأهداف الشريرة ما يحلو له ليس استنتاجاً نظرياً بل من بين ثنايا وطيات الواقع الذي خلقه وأنتجه الاحتلال عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وإعلامياً في العراق وفي الأرض العربية الواقعة شرق البحر الأحمر كلها بالدرجة الأساس.
إذن:
الغزو جاء لاجتثاث وإفناء حزب البعث العربي الاشتراكي ودولته الوطنية القومية لأن البعث أجرم ودولته أجرمت: أجرمت في تحصين الأمن القومي العربي
وأجرمت في بناء العراق وتطوره وتحويله إلى بلد يصنع ويزرع ويعلم ويشع أنواراً وعطاءاً للعرب جميعاً.
وأجرمت في بناء جيش عربي قهر الغرب الإمبريالي الصهيوني ممثلاً بإيران الخمينية وأجرم في ترصين الوحدة الوطنية العراقية لتكون نموذجاً لوحدة العرب وأجرم في تحويل العراق إلى بلد محصن بقوة القانون والنظام واحترام العمل واستثمار الزمن الذي كان يهدر ويضيع لتدام مظاهر وحيثيات التخلف والجهل وعبودية الطقوس والشعائر الدخيلة على عروبتنا وديننا قبل استلام البعث للسلطة في العراق عام ١٩٦٨.
كنا نحذر من هذه النتائج قبل وقوع الغزو...
وها نحن نسطرها كحقائق لا حقائق غيرها على أرض العراق المسبي أرضاً وشعباً: سياسة مذهبية لا تجيد غير الموت والفساد... شعب مهجر يواجه الفناء في العراء يقتله البرد أو الحر أو رصاص المليشيات.. إرهاب يولد من رحم أجهزة مخابرات الاحتلال وشركاءه في الجريمة وعبيده في السلطة .. إفلاس لبلد هو الأغنى في ثرواته وموارده الشمسية والمائية والهوائية والأرضية والبشرية. .. إلخ.. إلخ.. إلخ.
هذا ما أنتجه الغزو الذي تزعمته الديمقراطية المزعومة وركبت ديمقراطيته العمامة المجوسية الإيرانية وأتباعها حوزة وأحزاب وميليشيات واستثمر بعض ما در به من أدران وزبد وخسة ونذالة المغامرون والمقامرون وتجار السحت والجريمة.
ورغم أن الاجتثاث كان هدفاً أولاً و(قانوناً أول من قوانين الغزاة المحتلين) إلا أنه لم يحقق أغراضه وأهدافه الإجرامية الوحشية المعادية للإنسان وخياراته الحرة. بأدلة:
1- انطلقت مقاومة وطنية قومية إسلامية أسس لها البعث مبكراً وأطلق، يفتها الأولى شهيد الأمة الخالد صدام حسين يوم 10 -4- 2003م أي في نفس يوم دخول دبابات الاحتلال لبغداد السلام. وظلت المقاومة البعثية الباسلة تلحق بجيوش الغزاة خسائر فادحة بل كارثية حتى أرغمتهم على الهرب من شوارع العراق عام 2011م.
2- ظل البعث يحرك المشهد العراقي سراً وعلناً من جنوب العراق إلى شماله ومن شرقه حتى غربه وصار جبلاً يصد الغزاة ويحجر مشروعهم ويذل عبيدهم من محكومي العملية السياسية الخونة. ودليلنا أن كل أحزاب العملية السياسية كانت تخاطب البعث سراً وعلناً طالبة إسناده في الانتخابات الصورية المزيفة التي دبروها لتعمية أبصار وتغييب عقول البسطاء والسذج والمغفلين ليصدقوا أكذوبة تداول السلطة واللعبة الديمقراطية.
٣- ظل البعث شماعة يعلق عليها أرباب الاحتلال الأمريكي الإيراني الصهيوني فشلهم السياسي والإداري ونهجهم المذهبي السياسي الخائر البغيض القاتل ولجوئهم للإرهاب والتفجيرات والاعتقال والإقصاء والتهجير الداخلي والخارجي رغم أنهم كل يوم يقولون أنه حزب مقبور!!!!.
٤- حار إعلام الغزو والاستعمار والاحتلال وأذنابهم على مدى ١٤ سنة في إيجاد وتطوير وسائل الشيطنة والتبشيع والتكفير والتجريم الباطل لفرسان البعث ولا زال ولكن البعث ظل يرهبهم وينغص الوسن في جفونهم.
٥ - وهذه نقطة في غاية الأهمية في مقاصد هذا المقال وهي أن الاجتثاث قد تم تعديله بعد أيام من إصداره تلافياً لتداعياته المهلكة التي بانت فور تطبيقه من قبل بول بريمر... ثم عدل ثانية بإدخال ما عرف بـ (حق الاستثناء).. ثم عدل ثالثة ورابعة وخامسة بما لا يليق ولا يتوافق مع تسميته بمصطلح قانون حتى تم استبداله بما سمي بقانون المسائلة والعدالة الذي تعرض هو الآخر لهزات وهزات وتعديلات وإلغاءات...
٦- تم حظر البعث في دستور الاحتلال الذي صدر عام ٢٠٠٤م فلماذا لم يصدر قانون الحظر إلا بعد مضي قرابة ١٣ سنة على إصدار الدستور؟ ألا يعني هذا أن الدستور المزعوم لم يطبق طيلة هذه السنوات وان أهم فقرة من فقراته ظلت تتراوح بين قانون بريمر وبين تغييرات واستثناءات لا تفسر إلا بكون الفعل المزمع تنفيذه هو قمة الإجرام وذروة الفساد وقاع الرذيلة التي تحتاج كلها إلى زمن يلائم إطلاقها ولا أحد ينكر أن ظرف العراق المحتل الآن قد وصل إلى غاية مرام التخريب والدمار والفوضى التي تسمح بإصدار رائحة هكذا قمامة؟
٧- رغم استخدام مصطلحات الأيتام والبقايا والشراذم لقرابة ١٤ عام فإننا نصدم بإصدار قانون من سلطة الاحتلال قبل يومين يستهدف (الأيتام والشراذم والبقايا) كما يسمونها وليس البعث لأن البعث طبقاً لهم هم وإعلامهم قد مات و(قبر) فهل يليق ب (دولة) أن تصدر قانوناً (قانوووووون) على (شلة أيتام)؟؟؟ أم أننا إزاء محنة يعيشها الاحتلال وموظفيه أسمها محنة الخوف من البعث الفاعل على الأرض (شهداء ومعتقلين ومهجرين ومرابطين ينتشرون بكل أرض العراق)؟
عموماً...
لقد سقطت أهداف الاحتلال وماتت أحلام الغزاة واضمحلت آمال الخونة والعملاء باجتثاث البعث. إنهم يرون بأم أعينهم أن البعث قمة لا تغرق وتنظيم عصي على الاختراق وطاقة جهاد وطنية تهدد بجدية وقوة مشروع الاحتلال الأمريكي الصهيوني الإيراني في العراق والأمة العربية وأنه يقوى يوماً بعد آخر وأسمه يلعلع في المساجد والمراقد والبيوت والمجالس ورهابه ينفذ إلى البرلمان ومكاتب الوزراء وأزقة وقصور الخضراء المسلوبة من أهلها العراقيين والمقطونة من العجم والشركات الأمنية فاضطروا لمداراة فشلهم وأجبروا على تجريب وسائل جديدة تجبر العراقيين على نسيان أسماءهم وأمسهم ويتجنبون ذكر ما بنوه وما عمروه وما تطوروا به وأنجزوه... ينسون أنهم عرب ولهم لغة استخدمها الله جل في علاه في كتابه المجيد.. ينسون أنهم أكراد وتركمان ووو جمعتهم خيمة العراق الواحد... ينسون أنهم حصلوا على مئات الآلاف من فرص الدراسة في الغرب وفي الشرق نالوا منها الشهادات التي تخدم الآن نظام الاحتلال مرغمة أو مخيرة وينسون أنهم تحملوا الموت وسوء التغذية في زمن الحصار الذي رتبه وأدامه الذين غزو العراق والذين وظفهم الغزاة ليقتلوا ويسجنوا ويغتصبوا كل ما هو ينتمي للعراق!!!!.
لقد ظنوا واهمين أن الحبس والإعدام في قانون الحظر سينجز لهم ما عجزت عنه فقرات الدستور ولا جيوش ٤٠ دولة ولا ١٠٠ ميليشيا إيرانية.. ونحن نقول لهم... أخطأتم التقدير فالحظر سيعمق جذور بعث الأمة وسيوسع قواعده وسيقوي وينهض بمقاومته..
لأن البعث حزب المبادئ والقيم والفكر والعقيدة و... الماجدات والأحرار... أيها المرعوبون الواهمون... وعليكم أن تفكروا من الآن باسم آخر لقانون آخر في القريب العاجل يتوجب عليكم إقراره عبر لجنة منتقاة تسرق عبر تكليفها بإعداده ملايين الدولارات من قوت شعب العراق إذا قدر لكم البقاء لزمن قادم.