البعث شمس.. لا يحجبها الغربال
بقلم د/ معمر محمد سالم
أشرقت شمس حزب العربي الاشتراكي من مقهى الرشيد بدمشق، صبيحة السابع من إبريل (نيسان) عام 1947. وانطلق النسر العربي يمضغ حدود " سايكس بيكو" مطوحا بجناحيه، حين أعلن وحدة العروبة و الإسلام، يقول الأستاذ المؤسس:(العروبة جسم روحه الإسلام).
و هي ثنائية تلازمية، أشاد بها الباحثون المحايدون، يقول الدكتور محمد عابد الجابري:(إن علاقة العروبة بالإسلام، كعلاقة المبتدإ بالخبر لا تستقيم بدونهما ـ معاـ جملة مفيدة).
حكمت تجارب البعث " جدلية الموت والحياة" فهو بعث للأمة في عهد البطولة: (أيام كانت تتحد الصلاة مع الساعد المفتول) كما يقول الأستاذ أحمد مشيل عفلق في كتابه في سبيل البعث، فهو صراع دائم بين إرادة الحياة و الانبعاث و التجدد و البناء مع إرادات الموت و الفناء و الدمار.
و لـأنه شمس، فلا يغيب إلا ليشرق من جديد!! عام 1963 انتصرت ثورة آذار، التي قادها البعثيون و الناصريون في العراق، لكنها كبت، فتعرضوا لاعتقالات واسعة أعقبتها إعدامات بالجملة في شوارع بغداد و على بوابات الجامعات، وقد جسد أحد الطلبة البعثيين المحكوم عليهم بالإعدام حينها، قيم البطولة و الجسارة و تحدي الجلادين، حين أنشد وهو أمام المقصلة:
ولما سلكنا الدربَ كنا نعلمُ ـ أن المشانقَ للعقيدة سُلمُ.
وقد أمعن الشيوعيون في الإعدام والقتل و السحل.. لكن شمس البعث أبت إلا أن تشرق من جديد صبيحة 17 يوليو (تموز) 1968.
واليوم و بعد أن استعصى اجتثاث البعث الذي أصدره حاكم المحتل الأمريكي "أبريمر" بعد أن وفق على ضريح الأستاذ المؤسس ليجتثه، تماما مثلما وقف أحد قادة الصليبيين على قبر صلاح الدين و خاطبه:(ها قد عدنا يا صلاح الدين!!).
رحل الاحتلال الأمريكي تحت ضربات المقاومة العراقية بقيادة الرفيق عزت إبراهيم الدوري، وترك أشباه رجال "كرتونيين" تحركهم الأصابع الأمريكية والصفوية، فأنى لهم حظر البعث؟!!
وكيف السبيل لاجتثاث باسقات النخيل وقصور الرشيد والنحو العربي؟!! أنى لهم أن يقبضوا قبضة من مصلى أبي حنيفة النعمان بالأنبار، لينبذوها؟!!
يسعون لتحويل الحنفية التي أحالت النار بردا و سلاما إلى حرائق حقد، توقد من نار كسرى!! يريدون ترميم إيوانهم، الذي تصدعت جدرانه ليلة مولد النبي العربي عليه أفضل الصلاة و السلام. يتطلعون للثأر لذي قار و القادسية الأولى و الثانية و تجرع "الخامنائي للسم الزعاف..
استشرف فيلسوف البعث و شهيده في بيروت: موسى شعيب الطموحات الفارسية منذ الثمانينيات، حيث يقول في قصيدته المشهورة "أسرج خيولك":
أسرج خيولك كسرى عاد ثانيةـ وشهوة الملك في عينيه تتقد
أسرج خيولك فالصحراء ظامئة ـ لوابل من شفار السيف ينسكب
أعد بسيفك للصحراء وثبتها ـ وهز بالنخل كي يساقط الرطب.
ويرد شاعر البعث في موريتانيا، فاضل أمين على دعوات الحظر و الاجتثاث في إحدى قصائده بقوله:
نحن أبقى من الضباب وأغنى ـ نحن شمس لم يفترعها ضباب
فاحمل الهم يا رفيقي وهيا ـ إنما يصنع الحياة الضراب
وطن واحد ورب غفور ـ وعطاء ثر وحب عجاب.
مصادقة برلمان الاحتلال الأمريكي الصفوي على مشروع حظر حزب البعث العربي الاشتراكي بالعراق، محاولة يائسة لحجب الشمس بغربال!! فنحن باقون رغم الحظر، ما دامت الصحراء و الناقة والشعر باسقات النخيل، باقون: "ما بقيت فينا العروبة و الإسلام و السور.".