لم ولن تواجه الأمة العربية, أقطارا وشعب, كارثة ككارثة غزو العراق واحتلاله . لو وضعنا الاهميات النسبية للأقطار العربية ومنها فلسطين الحبيبة وليبيا الغالية جانبا وركزنا اهتمامنا بجانب اخر نراه يرجح نكبة احتلال العراق وهو: ان معظم ان لم نقل جميع الانظمة العربية قد سقطت أو أسقطت في فخ المشاركة أو الرضا بالغزو. و المحنة العظمى هنا هي أن من وافق ورضى من العرب على ما جرى لم يسقط في فخ محكم عبر جره للموافقة فحسب بل لأنه صار مرغما على الموافقة والرضى بنتائج ما ارتضاه وهي نتائج تتلخص في :
القبول مرغمين بالعملية السياسية الاحتلالية ببساطة لأنهم فقدوا أية مرونة من الممكن أن تفضي الى الرفض أو الاعتراض. أولا
السكوت على ما يحصل من تدمير وجرائم منها استشهاد ما يزيد على مليونين من العراقيين لحد الان . ثانيا
وها هي الانظمة العربية كلها تقف عاجزة عن اقتراح أي حل لما ال اليه حال العراق الذي تم احتلاله من قبل ايران بعد أن انسحبت الولايات المتحدة الامريكية لتنيب ايران وتوكلها بإدارة العراق لتستكمل مهمة تدميره .
نحن نؤمن قطعا ان الانظمة العربية برمتها لا ترضى وليس من مصلحتها أن يستقر الاحتلال الايراني للعراق غير ان ما نراه ويشهده العالم كله ان ورطتها الأولى ترغمها على غض الطرف أو التعاطي
مرغمة مع الاحتلال الفارسي الذي لم ولن يتوقف عند حدود العراق ولا حدود سوريا ولبنان ولا الخليج والجزيرة واليمن بل ان مطامعه تمتد الى بلادنا الواقعة غرب وجنوب البحر الأحمر.
ورغم اننا ندرك ان بعض الانظمة الشقيقة لا تجد أي حرج من التعاطي مع حكومة واحزاب وميليشيات المنطقة الخضراء الفارسية الهوية والهوى والولاء الا ان المؤكد ان هناك منهم من يبحث عن مخرج لما هو متوقف عنده عاجزا عن الحراك والتصرف.
الاشقاء في المملكة العربية السعودية نموذج للتردد الواقع بين النارين . نار العدوان والتوجه الايراني التوسعي المتجه اليهم ونار التعاطي مع المنطقة الخضراء وامتداداتها الذي لا يجدون منفذا للخروج منه. ونحن نرى ان لجؤهم الى مقتدى الصدر هو تعبير عن الاحساس بوطأة الورطة التي هم فيها منذ سنة ٢٠٠٣ م. ومع المملكة طبعا وتحت نفس الوصف مصر والسودان ودول الخليج بدرجات متفاوتة.
ما يؤسف له ان الانظمة العربية وخاصة القريبة من العراق تعرف ان هناك حل أمثل وجذري يخرجها من حرجها وورطتها ويفتح أمامها أيضا سبل الخروج من عقد الذنب التي تضغط عليها وتجعل من خطواتها مترددة ومرتجفة . الحل هو بالتواصل مع البعث ومقاومته الباسلة وشركاءه في الجهاد والموقف الوطني والقومي والاسلامي المتنور الوسطي.
ان العلاقة مع العملية السياسية التي أنجبتها قوات المارينز الامريكية والخط المدني المرافق لها هي الاحتلال بعينه الذي توكلت به ايران في اواخر سنة ٢٠١١ من قبل ادارة الرئيس الامريكي السابق اوباما . وأي تعاطي مع هذه العملية له معنى واحد هو الاعتراف بالاحتلال الايراني للعراق وهو احتلال له وجوه مختلفة استيطانية وعسكرية وسياسية واقتصادية. ومن بديهيات المشهد العراقي ان القوى الاساسية التي توظفت بالعملية السياسية الاحتلالية هي قوى ايرانية معروفة ومن تآلف معها لم يتألف الا بعد تعميد ايراني لوثائق انتماءه للعملية
السياسية الاحتلالية . هذا هو البئر الذي أسقط فيه النظام العربي الرسمي ومن يتبعه ونحن لا نسوق هذا التوصيف من باب العداء أو التشهير أو التنكيل ( مع مرارة ما نواجهه وحقنا التام في الرد ) بل نسوقه حبا بأمتنا أرضا وشعبا وخيارات وتوجهات . ولا نرى كعرب أحرار منفذا لخروج الانظمة العربية منه الا بالعوة الى شعب العراق وقواه الوطنية المعروفة .
ولنا ان نذكر أشقاءنا بموقف ايران بعد انتهاء الحرب عام ١٩٨٨ حيث تقاربت وتفاهمت وطبعت العديد من الشؤون مع النظام الوطني العراقي الذي استقبل تلك الايجابية الايرانية بطيبة وتسامح بل دفع الفرس اليها بعوامل متعددة غير ان الاحداث اللاحقة قد برهنت ان النظام الايراني كان يخادع وينافق ويحفر تحت أقدام العراق بأبرة كما يقول المثل الشائع. قد تبين ان ايران كانت تطبع في الظاهر وتتامر مع الامبريالية الامريكية والصهيونية وأدواتها التابعة لها طائفيا في الخفاء.
هذا معناه ان ايران ستمضي بمشروعها التوسعي ضد العرب مع محاولات التعاطي الناعم أحيانا ومحاولات تهدئة اللعب أحيانا بل وحتى مع محاولات اظهار الاخطاء والادعاء بالتراجع عنها … و.. مقتدى الصدر وعمار الحكيم وهادي العامري ونوري المالكي وحيدر العبادي والحوزة والمراجع والاحزاب والمليشيات المنتمية للعملية السياسية هم فرس وأولياء منهج الولي الفقيه الذي لا يمكن أن يتوقف عن أجندة بناء الامبراطورية الفارسية على حساب الامة العربية.
على الانظمة العربية أن تفكر بالأزمة أو المحنة أو الورطة التي سقطت بها بعد أن ساهمت بأسقاط النظام الوطني العراقي والا فأنها ستسقط كما سقط غيرها بعد ان تهاوى السد العراقي . ان التعبير عن ما وقع به العرب بأنه ورطة ليس لأن الانظمة العربية متوقع منها ان تندم على ما فعلت بالعراق بل لأن نتائج ما فعلته قد ارتد عليها .
للاطلاع على المجلة والاعداد السابقة تجدونها على الموقع: