بين ( دارفور) و(دار ..دور)
الاستاذ عدنان الجزائري
عند تعييني معلما في ١٩٦٥/١/٩ في احدى المدارس الابتدائيه أُسْنِدَ لي تدريس الصف الاول الابتدائي وكان النظامُ التربوي جادا وصارما فضلا عن قدسية العلم والمعلم (الذي كاد ان يكون
رسولا) وكنت كعادتي والتزامي بوقت الدرس والمنهج والاسلوب التربوي الذي درسته وتعلمته من ذوي الخبرة قبلي ،،ان اهتم بالطالب من جميع النواحي ولكني بين آونة واخرى امازح طلبتي لاخفف عنهم اعباء الدرس فسالتهم يوما عن رغبة كل منهم ماذا يتمنى ان
يكون في المستقبل وما ان سالت اول تلميذ دخل عليّ ( المفتش ) المرحوم الاستاذ (قاسم خليل الهيتي ) بعد ان استاذن مني بالدخول بقرع باب الصف وطلبت من تلاميذي القيام احتراماً للمفتش قال لي تفضل استمر فافصحت له بما انا عليه الان وباشرت بالاسئله وكان عددهم( ٢٥ ) تلميذا كنت حفظت اسماءهم بدقه . وسالت احدهم ماذا تريد ان تكون بالمستقبل؟
فاجابني بصوتٍ عالٍ اصير ( مطي ) لاول مرة اشاهد المشرف الوقور يفصح عن ضحكه لما تزل ترن بمسمعي ،، ثم اكملت بعضاً من الدرس ،، هذا التلميذ اتعبني كثيراً في إيصال المعلومه وكذلك في مسك القلم او الطباشير وظل فترة شهر تقريبا يناديني ( عمي ) ولم يعرف كلمة ( استاذ ) رغم اني ركزت اهتمامي به ،، ومرت الايام ،،،ودارت الايام وصادفته صيف ٢٠٠٨ وسالته : عن شغله لان اهله انتقلوا منذ عام ١٩٧٠ الي الديوانيه ،،، اجابني بزهوّ وفخر انا يا أستاذي( عضو مجلس النواب ) فباركت ( للمطي ) هذا المنصب المرموق الذي يسن القوانين لمعاقبة المعلم ،، فلم ينتابني الدوار حينها بل تذكرت قول الشاعر :-
إذا كان ( الحمارُ) دليلَ قومٍ ............. فما للساكنينَ سوى الرحيلِ ::::