10- من بين اهم الحقائق التي يجب ان لا تغيب عن الذاكرة حقيقة ان الصراع الان بين العرب والفرس ليس بين دولتين يمكن ان يزول اثره بعد عقود بل هو صراع بين قوميتين احداهما اصيلة وهي القومية العربية والاخرى منتحلة لوصف القومية لانها ليست قومية بالمعنى التاريخي والعلمي للقومية ، لانها لملوم متنافر اصلا كما اثبتت الخريطة الجينية لاسرائيل الشرقية من جهة ، وهو ايضا صراع بين بشر قتلة وبشر مقتولين واباء واقارب الضحايا يسعون بكافة الطرق لاخذ الثأرات والاهم ان الاحياء من العرب اضافة لسعيهم للثأر متيقنون الان من ان بقاء الفرس مسيطرين على شعوب اخرى ويستغلون ثرواتهم وبشرهم لخدمة مشروعهم التوسعي الاستعماري يفضي حتما اليوم وغدا او بعده لتعرض العرب لكوارث جديدة نتيجة الترابط العضوي بين وجود القومية الفارسية وطبيعتها الطفيلية ، لانها ملفقة ، ولا تعيش وتستمر الا بغزو الاخرين والاستيلاء على ثرواتهم من جهة ثانية .
11-التحجيم وتقليم الاظافر ليس فقط حلا مؤقتا بل الاخطر هو انه يجعل عدوك اشد خطرا مثل ان تجرح الافعى دون قتلها فتعود اليك اشد سمية واصرارا على الانتقام لاحباط او تعطيل مشروعها التوسعي الكامل وتقييدها .لهذا فان نتيجة التحجيم ستكون وبالا علينا واكثر ضررا من الوضع الحالي ، معركتنا مع اسرائيل الشرقية تتميز بان كلا الطرفين كشف كل اوراقه ولا مجال بعد الان للتمويه والخداع وضرب الافعى يجب ان لا يتوقف الا بقتلها والتأكد التام من قطع رأسها .
12-ما يجب التأكيد عليه هو ان الغرب الاستعماري واسرائيل الغربية لن يتخليا عن هذا الاحتياطي الستراتيجي الكبير ، خصوصا وانه كما اثبتت تجربة ما بعد الشاه ان الغرب والصهيونية بوجود قوة كبيرة معادية للعرب حتى العظم واكثر من اي جهة اخرى في العالم هي اسرائيل الشرقية لم يعودا بحاجة للتدخل العسكري ضدهم اذ يكفي تشجيع النخب الفارسية سواء كانت علمانية ، كما الشاه ، او دينية ، كما نظام الملالي ، على غزو الاقطار العربية حتى تبدأ عمليات تحشيد الناس في اسرائيل الشرقية وما لديها من احتياطيات طائفية وعرقية خارجها ومنهم المرتزقة العرب الذين باعوا شرفهم وعروبتهم من اجل المال الايراني من اجل التغلغل في الوطن العربي وتفتيته او ارباك نخبه لاجل دعم الغزو الايراني ، هنا نرى الترابط العضوي بين الخطر الايراني القاتل والخطر الصهيوغربي وتداخل المصالح الستراتيجية بينهما.
13-ما سبق يجعل القوى العربية تواجه خيارا صعبا وهو الاختيار بين مواجهة الغرب والصهيونية اذا اصرا على منع اجتثاث الخطر الايراني من جذوره وهو ما واجهه العراق رسميا بعد دخول القوات العراقية اقليم المحمرة العربي اثناء الحرب الايرانية على العراق عندما هددت امريكا واوربا العراق بان (تقسيمه لايران ممنوع وانهما سيتدخلان لمنعه) رغم ان العراق لم يكن يريد تقسيم اسرائيل الشرقية ، وفعلا تدخلا ودعما نظام خميني عسكريا ومخابراتيا فقط لمنع الانهيار الكامل للنظام الايراني امام زحف القوات العراقية والموقف الصهيوغربي هذا هو السبب الرئيس لعناد خميني واصراره على مواصلة الحرب .
والان نواجه نفس المشكلة ولكن بصورة اكثر خطورة لان العرب امام خيارين : فاما اجتثاث الخطر الايراني فتسلم اقطارنا العربية الان وفي المستقبل ونحافظ على هويتنا وحياتنا وحريتنا وامن وامان شعبنا ، واما التردد والخوف من رد الفعل الغربي الصهيوني وعدم استخدام رافعة دعم القوميات الخاضعة للاستعمار الفارسي من اجل الاستقلال التام ، وعندها سوف نواجه حتما الانهيارات المتعاقبة في الاقطار العربية والتي ستجر جرا الى تقسيمها بفضل التغلغل الايراني فيها والدعم الغربي الصهيوني لطهران . لذلك على العرب اختيار بقاءهم حتى لو اضطروا لخوض صراع محدود مع الغرب خصوصا وان الاخير مستنزف الان ولا يستطيع خوض حروب شاملة كما كان حتى غزو العراق ، وهو ما فعلته دول مجلس التعاون مرتين :
مرة عندما اوشكت اسرائيل الشرقية على غزو البحرين في عام 2011 عن طريق نغولها من ذوي الاصول الفارسية والعرب البحرينيين الخونة الذين تبنوا علنا ستراتيجية جمعية الوفاق الايرانية القائمة على اعتبار اسقاط النظام هو الهدف لانهم يعلمون علم اليقين انها عملية اعدت وصممت كي لا تفضي الا الى ضم البحرين الى اسرائيل الشرقية ، وما انقذ البحرين فقط هو رعاية الله التي هدت دول مجلس التعاون الى الخروج من اسر الخوف من امريكا ونفذت عملية تاريخية مباركة وقومية الطبيعة وهي عملية درع الجزيرة التي منعت انهيار البحرين رغم المعارضة الامريكية الشديدة لعملية درع الجزيرة لان امريكا بالاصل دعمت الموقف الايراني رسميا وشجعت المعارضة البحرينية رسميا وعلنا وقدمت لها الدعم من اجل التمادي في تصعيد العنف والارهاب الدموي ضد الشرطة وهم افراد مساكين وموقفهم دفاعي صرف ويؤدون واجبهم .
ومرة ثانية حينما حوصرت السعودية من قبل اسرائيل الشرقية من ثلاثة جهات من اليمن بعد الانقلاب الحوثي ومن العراق بعد انشاء قواعد عسكرية للحرس الثوري في النخيب وغيرها ، ومن شرقها الجنوبي من دول الخليج العربي حيث الخلايا النائمة اخذت تستيقظ وتمارس الارهاب مثلما حصل في الكويت والبحرين والسعودية فلم يبق من خيار يحافظ على الكيان الوطني السعودي والوجود القومي لها ولكل دول الخليج العربي واليمن الا الرد بشمولية واصرار لا يأبه برد الفعل الامريكي مهما كان لانه لن يكون اخطر من النجاح الايراني في تفتيت اقطار مجلس التعاون والسيطرة عليها ، وهنا واجهت السعودية الخيار بين موت على يد امريكا او موت على يد اسرائيل الشرقية ولهذا طغت غريزة البقاء واختارت السعودية وبتوفيق الله ومعها دول المجلس المواجهة الشاملة ، فكانت عملية عاصفة الحزم ردا مشروعا ودفاعيا صرفا وحاولت امريكا معارضتها ولكنها ادركت ان السعودية تخوض معركة حياة او موت ولن تتراجع ، فما الذي يمنع العرب او بعضهم من تنفيذ خطة اجتثاث الخطر الايراني من جذوره مرة واحدة والى الابد ومهما كان الثمن ؟
14-اذا نحن امام خياران مصيريان : فاما البقاء والاحتفاظ بوجودنا القومي والبشري وما يتطلبه من رفض لاي ضغط غربي علينا للتوقف عند حد معين في نضالنا المشروع ضد اسرائيل الشرقية من اجل الوجود والهوية ، او الانحناء للضغوط الغربية والصهيونية والتراجع عن خطة تقسيم اسرائيل الشرقية ، والخيار الاخير هو خيار الانتحار النهائي للعرب ، لهذا فمقاومة اي ضغط دولي امر يجب اللجوء اليه بلا تردد ، فمهما بلغت هذه الضغوط فانها لن تتجاوز تقديم الدعم السياسي والسلاح لطهران – دون التدخل العسكري البري - وهو امر يمكن مواجهته واحتواءه بالمزيد من الاصرار على مواصلة حروب انهاء الكيان الايراني المصطنع ، خصوصا اذا كان العراق قد تحرر من الاستعمار الايراني لانه قوة الاختراق الاكثر حسما .
15- الغرب والصهيونية الان ليسا كما كانا قبل عقود فهما الان في اشد حالات الضعف والتراجع وعدم الانسجام الداخلي وتجربة المقاومة العراقية اثبتت ذلك فقد هزمت المخطط الاصلي الامريكي وهو البقاء في العراق نصف قرن على الاقل ،كما تعهد بوش الصغير رسميا ، فلنستغل هذه المرحلة التاريخة ونجتث الخطر الايراني الى الابد باقل الخسائر والاثمان عن طريق دعم خطة اشعال شامل ومتزامن لثورات الشعوب المستعمرة من قبل بلاد فارس.
16-وكما ان اسرائيل الشرقية تعاونت مع كل شياطين الارض وفي المقدمة امريكا واسرائيل الغربية من اجل تدميرنا وابادتنا فان تعاوننا مع اي قوة دولية او اقليمية –باستثناء اسرائيل الغربية - لاجل تحقيق اهدافنا داخل اسرائيل الشرقية خطوة مشروعة وطبيعية ولابد منها ، تذكروا ان خميني شخصيا هو من اقر ضرورة الحصول على السلاح من امريكا واسرائيل الغربية لاجل دحر العراق في الحرب التي شنها لاسقاط النظام الوطني ، وتذكروا بان امريكا هي من سلمت العراق لاسرائيل الشرقية بالتنسيق التام مع اسرائيل الغربية .
17-اثبتت التجارب التاريخية والحديثة مع اسرائيل الشرقية خصوصا في القرن العشرين والقرن الحالي بان اي حل سلمي معها مؤقت وفاشل وانها لا تفهم الا لغة القوة والطرق على رأسها حتى يتحطم فتضطر للاستسلام وتجرع سم الهزيمة كما فعل خميني الذي بقي يرفض السلام ثمانية اعوام لكنه اجبر بقوة العراق على تجرع السم حسب تعابيره ، لهذا على العرب التخلي عن اوهام التعايش السلمي مع اسرائيل الشرقية واعتماد اسلوب القوة بكافة اشكالها ابتداءا من القوة العسكرية الى القوة المخابراتية مرورا بقوة الاعلام وقوة الاقتصاد والحصار الاقتصادي . اليس هذا ما فعلته اسرائيل الشرقية معنا ؟
18-اما اذا برزت قوة ايرانية تريد التعايش مع العرب سلميا وبصدق وليس للخداع وسرقة الوقت فان على هذه القوة اولا وقبل كل شيء اثبات حسن نوايها تجاه ضحايا بلدهم وهم العرب بالموافقة على منح الشعوب المستعمرة حق تقرير المصير وتوقيع وثيقة دولية تتعهد فيها تلك القوة بعدم التدخل في الشؤون العربية وتنهي الى الابد حجة التدخل باسم طائفة معينة وتعيد ما احتلته من اراض عربية مثل الاحواز والجزر العربية ومناطق عراقية ونصف نهر عراقي اخذته بالابتزاز هو شط العرب ، فاذا فعلت ذلك فان العرب عندها يمكنهم دراسة امكانية التخلي عن ستراتيجية تقسيم اسرائيل الشرقية وليس التخلي عنها .
19-حينما تم انشاء اسرائيل الشرقية في عشرينات القرن الماضي تحت اسم (ايران ) فان دورها الستراتيجي وفقا للخطة البريطانية كان اعداد التوأم الستراتيجي لاسرائيل الغربية ،والتي كان مقررا قيامها منذ وعد بلفور، وهذا التوأم عليه توفير ضمانات بقاء الكيان الصهيوني عند انشاءه ، وتحددت الصلة بينهما على وفق صلة المطرقة بالسندان فالحديد الحار يعاد تشكيله بطرقه وهو على السندان ولهذا لا يمكن لاي حداد صنع اي شيء من الحديد الخام الحار بدون المطرقة والسندان ، واسرائيل الشرقية انشأت لتكون في ان واحد تارة مطرقة تهوي على رؤوس العرب بينما اسرائيل الغربية هي السندان وتارة اخرى تصبح هي السندان واسرائيل الغربية هي المطرقة . والان نرى ان تشبيه العلاقة بين الاسرائيليتين الغربية والشرقية بالمطرقة والسندان دقيقا جدا فبدون اسرائيل الشرقية ما كان لاسرائيل الغربية ان تعيش افضل مراحل حياتها امنا واستقرارا بعد وصول خميني واشعاله لكوارث العرب . انتهت الدراسة .
Almukhtar44@gmail.com
7-8-2017