قال إبن خلدون:(لا يمكن للعرب أن يعيشوا في مدينة منظّمة لأن عصبيّتهم تجعلهم يختلفون في كل شئ)
وقال أحد الرّؤساء الأميركيين:(نحن لم ننتصر على العرب لأنّنا أقوى منهم بل لأن نقاط الضّعف ومواطن الخلل فيهم كثيرة)
هذا الكلام ليس تجنٍّ ولا افتراء ولكنّه واقعٌ مريرٌ لا بدّ من التّوقّف عنده وتحليل أسبابه ونتائجه والظّروف المحيطة به عسى أن نكون قد أضأنا على أخطر مرضٍ أجتماعيٍّ له الدّور الرّئيس في تفكّك المجتمع العربي وتخلّّف أبنائه والسّماح لكلّ متربّصٍ وطامعٍ بالتّدخّل في شؤوننا وزرع الشّقاق بيننا.
لا شكّ أنّ العرب ومنذ أقدم العصور كانوا يتميّزون بأخلاقهم الحميدة وعاداتهم وتقاليدهم وإرثهم الحضاري ولكن طبيعة الحياة القبليّة والمناخ القاسي والمعيشة الصعبة فرضت عليهم الانتماء إلى صلة الدّم واعتبار القبيلة هي الملاذ والحامي للفرد والمجموعة والسّدّ المنيع في مواجهة الأعداء.
ومن المؤسف ورغم الزّحف المتسارع للمدنيّة الغربيّة على وطننا العربي ألّا أنّنا وتجاوباً منّا مع هذه المدنيّة تخلّينا عن القيم الإنسانية والاجتماعية والأخلاقية بداعي التّطوّر وظلّت العصبيّة والتمييز العنصري وعدم تقبّل الآخر متأصّلة في نفوس النّاس باسم المحافظة على الترّاث والعادات والتّقاليد الّتي تحمي الهويّة وتصون الشّرف والعرض.وكانت النّتيجة:
أولا~تحويل الدّين إلى طوائف ومذاهب متناحرة
ثانيا~الإختلاف ضمن العائلة الواحدة على النّفوذ والسّلطة.
ثالثا~التّمسّك بالحواجز النّفسيّة الّتي وضعتها معاهدة سايكس بيكو بين أبناء الشعب الواحد من خلال الحدود الّتي رسمتها وحوّلت الوطن العربي إلى أقطار، كلّ قطرٍ منها دولة قائمةٌ بذاتها.
كلّ هذه العوامل وغيرها ساهمت ولا تزال في:
أولا~إضعاف الموقف العربي الموحّد أمام العالم .
ثانيا~انهيار بنية الدّولة
ثالثا~استشراء الفساد
رابعا~الهجرة إلى بلاد الغرب حيث الشّعور بالأمن والأمان.
خامسا~ظهور فوارق شاسعة بين طبقتين من المجتمع واحدة تستمدّ قوّتها من رجالها في السّلطة وأخرى فقيرة معدمة لا حول لها.
لذا فإنه لا يمكن للوحدة العربيّة أن تتحقّق إلّا بمعالجة جذريّة لهذا الواقع المؤلم والقضاء على كلّ عوامل التفرقة فيه لكي تعود ثقة الإنسان العربي بهويّته وأرضه وأمّته ولكي يدرك أنّ الوحدة لا تأتي عن طريق الأنظمة بل هي تلاحم شعب.