سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

صلاح المختار - لماذا دفنت جيفة حافظ اسد ؟

                                                                                 
  سئل الامام الشافعي : كيف نعرف اهل الحق في زمن الفتن ؟
  فقال اتبع سهام العدو فهي ترشدك اليهم .
 وردتني العديد من الرسائل المتضمنة تعليقات او استفسارات حول ماورد في مقالي الاخير المعنون (واخيرا دفنت جيفة حافظ اسد) المنشور يوم 16-5-2017  وفيما يلي توضيحاتي المطلوبة :

 1-تعبير دفن جيفة حافظ كناية ليس عن شخص بل عن تنظيم متمرد على اصله الشرعي ولد مشوها ومنحرفا عن الاصل واطلقت عليه تسمية زائفة ومضللة وهي ( البعث السوري) واتخذ الفساد والافساد والخيانة ادوات بقاء له واغراء لضحاياه ، فالتنظيم لم يكن اكثر من حاوية انحرافات جوهرية منها تسليم الجولان بلا قتال وتحطيم  سوريا بالفساد والاستبداد ودعم اسرائيل الشرقية ونغولها العرب رغم انها تحتل اقطار عربية وتبيد وتعمل علنا على محو الهوية العربية ، ومن يقبل تلك الممارسات يتحول تلقائيا الى اداة غزو ومعاد للعروبة .
 2-حافظ اسد كان الظاهرة الاخطر في التاريخ العربي المعاصر في سلم الخيانات العربية الرسمية لانه وبخلاف الخونة الاخرين تخفى بقميص وطني وقومي مناهض للامبريالية رغم انه مارس اكثر انواع التبعية للغرب والصهيونية ولانظمة عربية ، وهنا نرى مصدر نتانة نظامه وحزبه  الشديدة . وموقفه المعادي للعراق وبصورة علنية اثناء الحرب التي شنتها اسرائيل الشرقية عليه كان واضحا جدا ولم يسبقه اليه حتى انور السادت في فعل الخيانة الوطنية والقومية .
السادات بزيارته للقدس وما تبعها اراد الاستجابة لضغوطات امريكا والصهيونية اللتان ارتبط بهما مسبقا واعتمد على مساعداتهما العسكرية والاقتصادية ودعمهما السياسي ، لكن حافظ كان يدعي انه ضد التبعية والعمالة للغرب والصهيونية ومع ذلك قاتل تحت راية امريكا ضد العراق في عام 1991 وبحماس اكثر من حسني مبارك ، كما قاتل دعما لاسرائيل الشرقية ضد العراق في حربها التوسعية الامبريالية بين عامي 1980و1988. فالسادات  ومبارك كانا حالة اضطرار للخيانة بينما حافظ كان حالة تطوع للخيانة .
   وفي الحالتين فان حافظ لم يكن مجبرا على خوض الحرب ضد العراق مثل حسني مبارك ولكنه اختار هذا الفعل لانه يتحرك بدوافع اكثر خطورة وتعقيدا من دوافع السادات ومبارك وهي خطوات اكمال او توسيع نطاق خيانة السادات ومبارك بعمل يشمل ليس سوريا فقط بل العراق والوطن العربي كله ، وبهذا المعنى فان ما قام به السادات بزيارة القدس وغيرها وما قام به مبارك كان خطوات متعاقبة ومترابطة اكملها حافظ اسد ولكن خطوات الاخير كانت اخطر بكثير لانه خدم الصهيونية الغربية تحت غطاء مموه وشعارات خدعت البعض بينما السادات قالها علنا (ان   99% من الاوراق بيد امريكا ).
3-بعد ان اكمل السادات انهاء الناصرية في مصر وتحطيم منجزاتها الاساسية وتحويل مصر الى دولة تابعة لامريكا اخذ حافظ اسد ينخر بنية البعث من داخله، فتأمره على الحزب لم يكن الا اكمالا لعملية تدمير من اقاما وحدة عام 1958 بين مصر وسوريا ، وهما البعث وناصر ، وكانا يعتزمان توسيع نطاق تلك الوحدة لتشمل كل الامة العربية وهذا هدف لو تحقق سيقلب كافة موازين القوى في الوطن العربي ومحيطه الاقليمي والعالم ويحقق للعرب اعظم اهدافهم وهو الوحدة العربية والتي تعد الضمانة الاساسية لتحقيق الاستثمار الامثل لطاقات العرب وقدراتهم الكامنة بدل ان تبقى قوة محيدة بفضل التجزئة ، لذلك كان القضاء على البعث في سوريا  بعد القضاء على ناصر  هدف صهيوامريكي رئيس .
وكما حاول السادت شيطنة الناصرية والقضاء عليها فان حافظ اسد حاول شيطنة البعث والقضاء عليه في سوريا والوطن العربي في خطوات متتابعة مرسومة مسبقا ، وكان الانموذج الفاسد والمستبد والطائفي والمفرط في ارض الوطن – الجولان - هو طريق  حافظ اسد الافضل لشيطنة الطرف الثاني والباقي في تحقيق اهم منجزات العرب وهي الوحدة العربية وهو البعث . وعلينا هنا كي ننتبه لاهمية هذه الحقيقة الاساسية ونتجنب فصلها عن سياقات ما جرى في مصر وعدم اهمال دلالاتها ان نتذكر بان اهم اهداف الصهيونية والاستعمار الغربي هو منع الوحدة العربية وهذا يفرض القضاء على كل قوة وحدوية عربية  ، فحينما تدمر اداة النضال تمنع تحقيق هدفه .
لقد قام حافظ اسد بمهمة شيطنة البعث في سوريا مكمن نشوء الفكر القومي الحديث  وتدميره بشريا ومعنويا وتنظيميا وتحويله الى مجرد اداة قمع وفساد كي يثبت بان من قاموا بوحدة عام 1958 انتهوا في مصر وسوريا وان دعاة الوحدة العربية فشلوا وسقط برنامجهم القومي. وهنا نرى كيف ان حافظ اسد اكمل مهمته الاساسية وهي شيطنة البعث من داخله بتقديم انموذج سيء ومفزع له ففقد في سوريا كل صلة له بعقيدة الحزب وستراتيجيته القومية وجماهير الامة ، وحاول نشر هذا الفشل في العراق وغيره عندما  نجح في لفت نظر العالم الى وجود ما سمي ب( البعث العراقي) و(البعث السوري)...الخ وهي تسميات مضللة تدخل في اطار الحط من شأن الحزب ودوره وتضعف من تأثيره .
4-على المستوى العربي فان وجود تنظيم للبعث في الكثير من الاقطار العربية كان يوجب شق تنظيماته في الاقطار الاخرى ولكن هذا الهدف لم يتحقق لان غربة حافظ ونغوله عن البعث في ممارساته وعلاقاته الداخلية والخارجية قد نبه مبكرا البعثيين العرب الى ان نظام حافظ ليس بعثيا وانما هو متأمر على الحزب فارتبطت الاغلبية الساحقة من البعثيين بالحزب الشرعي والفعلي وقيادته القومية ، ومن ارتبط بحافظ - وبقي معه - كانت الحثالات المتساقطة من التنظيمات العربية للبعث والتي تميزت اما بتخلفها الفكري والسياسي او بضعف روادعها الاخلاقية وهي لذلك عزلت ولم يكسب النظام السوري سوى الحثالات القليلة العدد والتي بقيت عاجزة عن الدفاع عن حافظ ونظامه رغم دعمها ماديا.
 5-اما السبب الاخر لفشل حافظ في كسب بعثيين عرب اصلاء فانه قيام ثورة 17تموز عام 1968 في العراق بعد حوالي العامين على ردة 23 شباط في عام 1966 الانقلابية الدموية التي ضربت الحزب وقيادته المنتخبة والشرعية فجاءت ثورة البعث في العراق لتشد البعثيين العرب الى الحزب وبقوة اكبر وتضمد الجروح التي احدثتها جريمة حافظ وتزيد من عزلة نظامه ، وهكذا لم يعد يملك ادوات عربية تحضى بالاحترام والتاريخ المشرف لكسب الناس . قيام ثورة 17تموز عام 1968 كان ردا تاريخيا قوميا حاسما ضد محاولات الغرب والصهيونية شيطنة القوى القومية العربية من ناصرية وبعثية فكان الانموذج الذي قدمه النظام الوطني في العراق مبهرا بانجازاته العظمى وفي مقدمتها ازالة الفقر والامية وتعميم مجانية الطب والتعليم واقامة دولة قوية وصناعات متقدمة واحياء الزراعة وجعلها تعيد للعراق دوره في الاعتماد على النفس في غذاءه ، وبناء الانسان المتعلم والمختص وبناء جيش عد واحدا من اقوى جيوش العالم ...الخ .
 ونجاح البعث في العراق كان سببا اخرا لتعاظم العداء له وهو مازاد من اعتماد الغرب المتصهين على نظام حافظ لان احد اهم اهداف الغرب المتصهين بعد الوحدة العربية هو منع العرب من تحقيق اي تقدم علمي وتكنولوجي واجتماعي وثقافي لهذا رأينا حافظ يتطرف اكثر ضد العراق كلما حقق العراق انجازات تقدمية على طريق ترجمة اهداف الحزب والامة العربية .
 6- كانت مقارنة ما يقدمه البعث في العراق من انجازات عظيمة بما يقوم به  النظام الاسدي من خطوات تراجعية تسلط الضوء الساطع على انحرافات نظام حافظ عن هوية البعث وعقيدته القومية الاشتراكية ، فالفساد ونهب المال العام واثراء اقارب حافظ وبطانته مع انهم  كانوا فقراء وتحكمهم في الاقتصاد السوري واعتداءاتهم على كرامات وحقوق الناس جعلهم يتيقنون بان هذا النظام لاصلة له بالبعث لا من قريب ولا من بعيد باستثناء استخدام اسم البعث للتضليل من جهة ولشيطنته من جهة ثانية . وهكذا وفي ضوء ما تقدم فان الناس اخذت ترى نظامين كل منهما يقول انه بعثي لكن هذه الجماهير كانت تستطيع رؤية البعث في العراق منسجما مع هويته القومية والاشتراكية فيما كان نظام حافظ مناقضا في ممارساته لتلك العقيدة ويمثل اسوء اشكال الفساد  والتراجعات العامة في الثقافة والوعي وبناء الانسان وهي المهمات الاساسية في عقيدة البعث  ، ومن ابرز انحرافات بشار التي تؤكد بانه لم يكن يوما ما بعثيا على الاطلاق هو تبنيه لمفهوم جديد للمواطنة عندما اعتبر رسميا السوري هو من يدافع عن سوريا وليس الذي ولد فيها !
اي ان الافغان والايرانيين وغيرهم الذين يقاتلون الان في سوريا دفاعا عن تضليل طائفي وهم مرتزقة في الواقع احق بالجنسية السورية من السوري العربي الاصيل ، وبناء عليه سحبت الجنسية من ملايين السوريين الاصلاء  وهجر اكثر من عشرة ملايين سوري ومنحت الجنسية للمرتزقة الاجانب ، وهذا انحراف بشع لم يقدم عليه اي خائن من الحكام العرب وغير العرب والذين استخدم بعضهم المرتزقة مقابل المال وليس الجنسية ! وبعد الانتفاضة السورية ضد بشار تفكك النظام وادواته كليا ولم يعد مجديا اعادة تجميعها فتبلورت قناعة بان دفن جيفة حافظ اسد الان – اي حزبه - هو الحل نظرا لتحوله الى مجرد جيفة تنتشر وتفسد اجواء الحالة الجديدة في المنطقة والعالم . ومما قوى ضرورة دفن الجيفة حقيقة ان الغرب والصهيونية يصران على اجتثاث البعث كما رأينا ونرى ويطالبان بضمن ذلك بالتخلي عن اسم البعث حتى ولو كان غطاء للخيانة والافساد كما هو حال نظام بشار ، فتقرب بشار للغرب والصهيونية احد اهم دوافع تغيير الاسم وحل القيادة القومية  لجثة حافظ .
 اذا نحن بأزاء حالة جديدة لم يعد فيها النظام السوري يدعي انه يمثل البعث وتبنى انشاء احزاب اخرى على انقاض وبقايا جثة حافظ وهي خطوة سوف تسهل الطريق اكثر امام كل وطني وقومي بعثي لتعزيز الخط الوحدوي الاشتراكي في النضال القومي العربي المستند مباشرة  على هوية ليس هناك من يشوهها بالسطو على اسم الحزب او العروبة .
 Almukhtar44@gmail.com
 2017-5-19

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018