سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

أنيس الهمامي - وزير الدّفاع الإيراني في تصريح هستيري يدلل على الاستهتار .... ّ يحذّر حكّام السّعوديّة من مصير صدّام حسين


خلّفت قمم الرّياض الأخيرة مع الرّئيس الأمريكيّ دونالد ترامب ردود أفعال عالميّة كثيرة لعلّ من أهمّها وأغربها المواقف الإيرانيّة الفارسيّة لما اتّسمت به مواقف المؤسّستين الدّينيّة والعسكريّة من حدّة وفظاظة تنبئ بحجم الارتباك الذي تعانيه طهران رغم محاولاتها للظّهور كقوّة إقليميّة فاعلة وصاحبة المبادرات والحلّ والعقد خصوصا فيما يتعلّق بقضايا المنطقة.

وبلغ التّوتّر والارتباك منتهاهما بإيران للحدّ الذي ذهب فيه علي خامنئي صاحب المكانة الدّينيّة العليا ورمز الدّولة الإيرانيّة لاعتبار السّعوديّين رحماء على الكفّار أشدّاء على المسلمين، بينما اعتبر حسين دهقان وزير الدّفاع الإيرانيّ أنّ ( "تكشير السّعودية عن أنيابها لا يعني الشّعب الإيرانيّ"، ومصير صدّام هو أبرز عبرة لحكّام السّعودية وعليهم تذكّرها دائما.).
ففي قراءة سريعة لمثل هذه التّصريحات التي رافقت احتضان السّعوديّة للقاءات وقمم عالميّة جمعت عددا مهمّا من الأقطار العربيّة والدّول الإسلاميّة بعدد جمليّ فاق 55 دولة مع الرّئيس الأمريكيّ ترامب دون حضور إيران وتغييبها تغييبا متعمّدا، وبربطها مع مئات التّصريحات المشابهة الأخرى طيلة السّنوات الماضية الصّادرة عن المؤسّسات الفارسيّة الكبرى الثّلاث والمسؤولين الدّينيّين والعسكريّين والسّياسيّين، وهي التي تنضح تحرّشا واعتداءات وتهديدات علنيّة ومبطّنة للسّعوديّة ولكلّ العرب علاوة على ما تحمله في ثناياها من عنصريّة واستخفاف بالعرب إضافة للكمّ المهول من الحقد الأسود الذي يغذّي تعامل الفرس وتعاملهم ورؤيتهم للعرب خصوصا بعد أن حسبوا أنّ المجال مفتوح أمامهم على مصرعيه بعد غزو العراق وتدميره وإسقاط نظامه الوطنيّ عام 2003، وما كان له من ارتدادات وتبعات تأذّى بسببها العرب جميعا وبلغت معاناتهم مستويات غير مسبوقة.
إنّ تصريح الخامنئي مثلا، وإن كان رأس إرهاب دولة الملالي فإنّه لا يرقى لمستوى تصريح وزير الدّفاع الإيرانيّ حسين الدّهقان الذي تجرّأ على تحذير حكّام السّعوديّة والعرب من مصير صدّام حسين بل واعتبر أنّ ذلك المصير لا ينبغي أن يتغيّب عن أذهانهم.
وإنّ هذا التّصريح والإصرار المتجدّد على إقحام صدّام حسين المتكرّر وبموجب وبدونه في أغلب القراءات الإيرانيّة الفارسيّة الصّفويّة وتفاعلات أقطاب نظام الملالي مع المستجدّات، إنّما يفسّر أمورا كثيرة ظلّ الكثيرون ينكرونها وخاصّة من أبناء جلدتنا من أمّتنا العربيّة، ولعلّ من أهمّ تلك الأمور حتما هي ما يغذّي سياسات الفرس وما تنبني عليه من أحقاد وثارات تشكّل العمود الفقريّ لمظلوميّة الفرس ولعبهم دور الضّحيّة طيلة قرون عبر تلفيق الأحداث واستثمارها لصالح منظومة الشّر الفارسيّ وتوجيهها رأسا للعرب.
وإلاّ فما الذي يقصّده وزير الحرب الفارسيّ عبر إسقاطه لواقعة اغتيال صدّام حسين بكلّ مدلولاتها التّاريخيّة والقوميّة والإنسانيّة ومعانيها الثّوريّة وغير ذلك؟
لا شكّ أنّ الفرس لم ينسوا حقدهم على العراق يوما، ولا شكّ أنّ حقدهم الدّفين على العراق لم يأت من فراغ وهو ما بات معلوما للجميع، إذ يكفي التّذكير بسرعة بمركّبات النّقص الحضاريّة التي تعانيها الأمّة الفارسيّة تجاه العراق والأمّة العربيّة منذ فجر التّاريخ، بالإضافة لما كان للعراق من قضاء على ديانة الفرس ونشر الإسلام في تلك الرّبوع دون الوقوف مطوّلا عند سفر القادسيّتين الخالدتين وغير ذلك.
ولا شكّ كذلك أنّ استذكار صدّام حسين استذكارا دؤوبا هو في الحقيقة إيذان بمدى الرّعب الذي يتملّك الملالي وجنرالاتهم من التّطوّرات الأخيرة وخصوصا قمم الرّياض الثّلاث وما رشح عنها من عزم أمريكيّ سعوديّ على تقليم أظافر إيران في المنطقة والاتّفاق على ضرورة طردها من العراق مهما كانت السّبل. وإنّ هذا الهلع الهيستيريّ دفع بكبير جنرالات الحرب الفرس للهروب للأمام بمحاولة التّشويش على ما حقّقته السّعوديّة من نجاح سياسيّ كبير بإجماع أكبر الخبراء الاستراتيجيّين في العالم ومراكز البحوث والدّراسات، ما جعله يفصح عن خطر داهم تستشعره بلاده، وسعى لمحاولة استباقه عبر اللّجوء للمنطق الاستعراضيّ الذي يتمحور عليه هذا التّصريح الصّفيق والعدواني.
لأنّه ما من تفسير لمثل هذه التّصريحات المتشنّجة سوى أنّها تعكس حالة من الضّيق تستبدّ بدولة الملالي وما تعانيه من احتمالات انعكاس المتطوّرات الدّوليّة والإقليميّة عليها فوق الأزمات الدّاخليّة المتفاقمة والانتفاضات المتواترة ضدّ سلطة طهران العنصريّة.
ويكاد المرء يخلص لمدى ما يعتري الفرس من خوف كبير من أمّة العرب برغم الوهن الشّديد الذي يضربها من جهة ورغم وسائل التّفوّق الفارسيّة اليوم ومظاهره، إذ من المعروف أنّ صدّام حسين يمثّل لا للعرب فقط بل وعند الفرس ذاتهم المحرار الذي يعبّر عن حالة المدّ القوميّ العربيّ ويحدّث عن استفاقة نوعيّة عربيّة شاملة، بل هو تتويج لإرهاصات نهضة عربيّة عملاقة لن تفلح نوائب الدّهر في تأخيرها رغم ما للفرس من دور تآمري متقدّم فيها. وبالقدر ذاته، يسلّم المرء بأنّ ما من شيء تخشاه إيران الشّرّ إلاّ استرجاع الدّور العربيّ لألقه، ذلك لما للعرب من ثقل حضاريّ وموروث فكريّ وثقافيّ كبير، وهو ما تتلاشى أمام زخمه أعتى الحضارات سيّما تلك الفارسيّة.  
فبإسقاط هذه العوامل المحيطة بتصريح وزير الحرب الفارسيّ، سنخلص إلى أنّ إيران تنظر لقمم الرّياض الثّلاث على أنّها نجاح باهر من جهة وأنّه إيذان بتشكّل وتد وأسّ متين جديد لمشروع عربيّ موحّد وجامع بصرف النّظر عن تقييمات الماضي وجراحاته من جهة ثانية، وأخطر ما فيه أنّه – أي هذا الوتد – سيتشكّل حوله عدد مهمّ من الأطياف المؤثّرة قريبا، ما يشي بتغييرات جذريّة حقيقيّة قادمة هي أكبر ما استفزّت وزير الحرب الفارسيّ وكبير ملالي طهران من قبل.
وإلاّ فما المراد بالتّذكير بمصير صدّام؟ بل وما المعيب في مصير صدّام حسين؟
إنّ صورة صدّام حسين تزداد ترسّخا وتتضاعف ألقا وحظوة في وجدان العرب كلّ العرب، بل وغدت محفّزا محوريّا من محفّزات الثّورة والشّموخ والإباء والإقدام والتّشبّث بالحقوق والاستهزاء بالظّلم وأهله والاستماتة في محاربتهم جميعا، وإنّ أغلب قادة العرب وإن لم يصرّحوا بذلك لا يتمنّون إلاّ السّير على خطى صدّام حسين وانتزاع النزر اليسير من مكانته ورَمزيّته لدى أبناء هذا الوطن العربيّ الكبير.
أمّا النّزعة الظّاهرة من التّصريح، ومفادها التّهديد رأسا بالمطاردة وربّما الموت، فإنّ كلّ العالم أصبح مدركا لحقائق لطالما تكتّم عنها أهل السّطوة والاقتدار، فتجلّت حقيقة الغزاة الآثمين وبانت خسّة معاونيهم ومتذيّليهم وعلى رأسهم الفرس المجوس الذين تنازلوا عن كلّ مقوّمات الكرامة والعزّة فقط للثّأر من العرب والتّنفيس لما لهم من عقد تجاه العروبة.
إنّ هذا التّصريح الرّكيك لوزير الحرب الفارسيّ، يحدّث بما لا يدع مجالا للشّكّ، بأنّ المقصود بالتّصريح ليس صدّام حسين شخصا، رغم ما لشخصه من فضائل ومناقب وسبق لا مجال لإنكارها، ولكن التّحذير والتّهديد يشمل ما أبعد من صدّام حسين الفرد أو الظّاهرة أو الزّعيم، ليتقصّد عنوة المشروع الذي لطالما آمن به صدّام حسين ورفاقه فقدّموا في سبيله أغلى التّضحيات ولا يزالون.. إنّه المشروع الوطنيّ والقوميّ التّحرّريّ الرّساليّ الكفاحيّ الجهاديّ والثّوريّ والإنسانيّ الذي رفع لواءه حزب البعث العربي الاشتراكيّ بقيادة صدّام حسين واحمد ميشيل عفلق وأحمد حسن البكر من قبل وعزّة إبراهيم من بعد وكلّ أخيار هذه الأمّة وأبرارها وفرسانها.

أنيس الهمّامي
نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في 30 -05- 2017

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018