كاظم عبد الحسين عباس
لسنا تجار سياسة، أيها المؤتمر القومي العربي، بل نحن مواطنون عراقيون عرب قوميون صدقاً وبلا غايات ولا أهداف ولا منافع ولا رياء. وما نعلنه من مواقف ليست خيارا من بين خيارات وليست رؤية من بين رؤى وليست خطاً سياسياً أو منهجاً من بين خطوط ومناهج. ما نعلنه من أن إيران تحتل العراق مشاركة مع أميركا ليس للاستهلاك بل حقيقة واقعة حتى لو أغمضتم عنها عيونكم وصددتن عنها أدمغتكم.
وإصراركم على التعاطي مع الشأن العراقي على أنه شأن وحالة طبيعية فيها (بعض مشاكل وصعوبات) يجعل منكم أميركانا وفرسا وبريطانيين وصهاينة من حيث انطباق التقييم والموقف. يجعل منكم جزءاً من عجلات الاحتلال وعمليته السياسية الإجرامية المدمرة شئتم أم أبيتم.
ترى عن أي عراق يتحدث بيان المؤتمر القومي العربي الذي أنهى جلساته ببيروت أمس الثلاثاء ١٦ -٥-٢٠١٧؟ وهل حقاً ان المؤتمر يرى ان العراق يتصدى للإرهاب؟ وهل يجوز (للقوميين) أن يتناغموا مع حال العراق الذي خلقه غزو دولي لا زال من قاموا به يعلنون كل يوم عن الخطأ الكارثي الذي ارتكبوه بذاك الغزو؟
لو ان العراق قد استسلم لا سمح الله .. وليس فيه مقاومة شرسة .. لقلنا ان أهل المؤتمر القومي مجبرون على مسايرة الأمر الواقع في العراق.
لو ان العراق ليس فيه تظاهرات واعتصامات وحروب وتهجير ونزوح وفقر وبطالة وجيوش وقواعد أجنبية وحلف دولي يقصف مدنه وقراه ويدمر كل ما قد بناه، لقلنا ان المؤتمر القومي، حصيف عاقل يقف على منصات الحكمة ونحن نتبع هوى أنفسنا حيث نعلن عن العراق ما ليس فيه.
إذن.. فليسمع ويتعظ أصحاب القومية التي لا صلة لها بالقومية لأنها ارتضت أن يخرج العراق من قوميته العربية قهراً وارتضت أن تكون محض صدى لمنتجات الغزو والاحتلال .. سنعيدها مكررة ربما بمناسبة صدور بيان المؤتمر الختامي الذي أجهد فيه قوميو المؤتمر القومي أنفسهم بعبارة مقتضبة (تؤيد العراق في مواجهته للإرهاب) ..
١- ان الإرهاب الذي ضرب العراق حقيقة لا غبار عليها ونحن لا ندينه ونشجبه فحسب بل نقاتله وقاتلناه وقدمنا في هذا القتال رقاباً غالية غير ان من تؤيدونهم في بيانكم هم من صنعوه لأغراض وغايات وأهداف قذرة باتت معروفة ومفضوحة للقاصي وللداني. فمواجهة الإرهاب الحالية في العراق أيها القوميون الصناديد العباقرة صممت لتحصل في الأرض التي كانت حاضنة للثورة العراقية الشعبية المدنية السلمية في الفلوجة والرمادي وسامراء وتكريت والدور والحويجه والموصل وديالى ومعظم كركوك. بمعنى أنها صممت لتتيح الحجج والمبررات لاحتلال هذه المدن من قبل إيران وميليشياتها ومن قبل حشد علي السيستاني الذي كلكم تعرفون أنه فارسي لا يمت للعراق بصلة.
٢- أنتم لا تعرفون ان في العراق حربا معلنة على شعب العراق بحجة داعش. والحرب يشنها تحالف دولي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وتستخدم فيها أساطيل من أحدث الطائرات والصواريخ والأساطيل البحرية وآلاف الجنود. وأنتم تعلمون يا دهاقنة السياسة المتحصنين بال (قومية) المزيفة ان داعش لم تكن ولن تكون سوى عصابات سلطها نوري المالكي وشركاءه من خبثاء ولئام حزب الله وبشار الأسد وإيران والأمريكان ولم يحصل في تاريخ العالم أن قاتل حلف دولي عملاق يضم أقوى أقوياء العالم عصابة تختبئ بين البيوت ويعدم وسائل محاصرتها وخنقها إلا بشن حرب كونية على المدن إلا إذا كان الغرض هو تدمير تلك المدن وذبح أهلها. أما رف لكم جفن أيها الأدعياء لدماء الفلوجة والرمادي والموصل وصلاح الدين وديالى؟
تذكروا .. ان للحرب، أي حرب، في كل العالم مؤيدين مثلما لها رافضين وان ما ترفضونه وما تؤيدونه من حروب طبقاً لما تمليه عليكم الأجندات التي تسيركم ولستم فيصلاً نهائيًا في الحق كما أنتم لستم فيصلاً في الباطل والعالم أكبر من هامش رؤاكم وافق أبصاركم.
٣- لقد صار في آذانكم وقر وتعمدتم الإصرار على الغلط والمغالطة. فالعراق تجوبه جيوش العالم والمخابرات وتسوده وحوش كواسر من القتلة واللصوص. وتتحرك بين مساماته مقاومة وطنية وقومية وإسلامية وهي توصيفات وكنى لا تمت إلى وطنيتكم وقوميتكم وإسلاميتكم بصلة. انها مقاومة البعث وشركائه وليس فيكم من لا يعرف قائدها وكوادرها وحواضنها في طول العراق وعرضه.
٤- العراق لم يستسلم يا سادة المؤتمر الذي فقد البوصلة والبعث الذي كان يسوسه بالقانون والإعمار والنماء والعدل وكل إرادة العروبة المحبة العاشقة المتطلعة لم ولن يقبل بغير الاستقلال الناجز والتحرير التام بديلا وسوف تعيشون وترون أو يتذكر أبناؤكم وأحفادكم هذه الحقيقة إن كنتم مضيتم إلى عقاب الله جل في علاه.
سنقولها لكم بلا مؤاربة .. لقد غلبتم الأولين والآخرين في ضياع الهوية وترهل الموقف وضعف البصيرة وارتجاف الأرجل فوق موطئها والنفاق المفضوح. ونبشركم بغد مظلم تفقدون فيه إيران ودعمها وغياب نهائي لنظام المقاومة والممانعة الذي أعلن عن بداية وفك ارتباطة بالعروبة علناً وبلا رتوش في مؤتمر حزب الردة قبل يومين وبدأ عملياً بقطع شعرة معاوية مع القومية وإعلان القطيعة مع كل تعبيراتها.
وهمسة أخيرة في آذانكم …. موقفكم من العراق يغازل أميركا وإيران والكيان الصهيوني.