كاظم عبد الحسين عباس
لدمشق الغافية على جبل الحزن. لسورية التي تستيقظ صباحاتها على لون الدم. لسورية التي نزلت على صدرها الرماح من كل حدب وصوب، شرقية وغربية وغيرها.. لقاسيون القائم على رواسي العروبة.. سؤال..
لو كانت بغداد هي بغداد.. لو كان العراق هو العراق.. فهل سنبكيك دمعاً أم كنا سنسير إليك على سرف الدبابات وعلى ماقي الرجال لنحميك من العدوان؟
يقولون يا سوريا أن الاحتلال الروسي سيتلوه احتلال أمريكي.. قد يزيحه.. وقد.. يشاركه الغنائم. يقولون يا شهباء ويا بردى أن ثمة غزو جديد على الأبواب يحصي فيه الإحصائيون عدد الجنود والطائرات والدبابات والصواريخ والبوارج ويقولون إنه سيكون شراكة بين أميركا وبريطانيا... وربما إيران يا دمشق..
والسؤال هو: هل سيدافع عنك خامنئي يا سوريا؟
هل سيسيل الدم الإيراني على ثراك ويحميك؟
أم هل ستخسر روسيا بعض ما جنته ورممته بدخول حرب عالمية دفاعاً عنك سيدة البلدان؟
آه دمشق الحبيبة… آه لو كان العراق هو ذاك الذي تعرفينه.
آه لو أنك لم تفرطي به.. آه لو أنك حفظت العهد وصرت عاصمة للعراق يوم غزاه الغزاة.. واستقبلتي رجال العراق كبعد وعمق سوقي واستراتيجي لهم..
صدقيني غاليتنا دمشق... لو أنك انصهرت ببغداد ساعتها لما ضاعت بغداد ولما بقيت أنت تنزفين كل هذه السنين ثم ها أنت تنتظرين غزواً آخر من أميركا التي غازلها بعض أهلك ظناً أن ذبح بغداد سيبقيك حية.
أنعاتبك سوريا؟ أم أنك كنت ولا زلت أسيرة من توهم أن باسرك سيدوم سلطانه وبأسرك ستسود إيران وأن العتاب ليس عليك سيدة البلدان إنما على من قدر فخسر وخمن فأخفق؟
يا سوريا الحبيبة …
قلنا لك ولمن أسروك من سنوات بعيدة.. أنك ستسقطين إن سقطت بغداد. أنك ستنتحرين إن عاونتي التتار على أهلك في العراق. أنك ستختنقين إن عاجلاً أو آجلاً إن ظل الزبد يغرق سجانيك.
وها نحن نقولها … أن الذين عاونهم نظامك هم من يمهدون له إلحاقك ببغداد.. وسينزف منك دم غزير لتحافظي على لغتك وجلدك ولحمك. ستقاتلين خمساً أخرى وربما أكثر وأنت تبحثين عن الحرية والاستقلال.
ونقولها لمن يعاون الحشود الغربية عليك لتحتلك.. أن سقوط دمشق سيتبعه سقوط آخر وآخر وآخر.. ونحن لن نصفق لسقوط دمشق رغم أن الحنظل الذي أذاقنا إياه سجانوها لما يزل حنظلاً يملأ بلاعيمنا ويمزق حلوقنا.
إيران تنسحب ولن تدافع.
وروسيا ستنسحب ولن تدخل حرباً عالمية.
وستحتلك الماسونية والصهيونية يا سوريا كما احتلت بغداد لأنك فقدت عمقك بإرادة حاكمك وبتقديراته الخطلة ولأنك لم تصيري كما يجب عمقاً لبغداد.
سبق السيف العذل يا قاسيون!!
ونحن الآن لسنا كما كنا.. نحن الآن لا نمتلك سوى الموقف.. وها نحن نعلنه سيدة البلاد وحضن العروبة..
لا لن نقبل أن تغزوك أميركا وبريطانيا.. وقد تكون إيران معهما فلا عهد لحكامها.
نحن نريد لأبنائك أن يفكوا قيودك وينقذوك من نجاسة إيران وعفنها ومن شر من تسلط عليك كأنه قدر أحمق أسود.
لن نرضى أن تدنس أرضك أقدام غزاة جدد أياً كانت الأسباب.
لكن.. كنا نتمنى يا سوريا.. أننا كما كنا.. ذاك العراق الذي حماك عام ١٩٧٣ دون أن تطلبي.. ذاك العراق الذي وصلتك دباباته تقطع الطريق بين بغداد ودمشق على سرفها وسبقها الرجال والطائرات…
أنت ساهمتي في ذبح من دافع عنك لأن بصرك كان قصير.. وها هي اللحظة حانت حيث يصرخ فيك ملايين الأفواه.. وااا عراقاه… لكن صدى العراق سيرد.. الصدى فقط سيدتي دمشق.. لأن العراق قد ساهم بذبحه (أسدك).. وسيرى الآن..
إن من ساعدهم على ذبح العراق سيجمعون أوراقهم ويغادرون شرقاً.. كلهم شرقيون وسيغادرون شرقاً.. لأن فكوك الغرب الكاسرة قد قررت أن تلتهمك.
نرفض غزو سوريا الذي يتحدثون عنه الآن.
نرفض احتلال أرض عربية أخرى رغم أننا لسنا مع النظام ورغم أننا نقاتل تحالفاته المجرمة.. لأن غزو سوريا سيتبعه غزو لأرض عربية أخرى في زمن قررت فيه الصهيونية أن تنتهي من نهايات استراتيجها.