على الرغم من تعدد وتنوع ملفات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي فإن القضية الأساس التي تتمحور حولها هذه
السياسة وتقاطعت بشكل مباشر أو غير مباشر مع القضايا الأخرى سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو حتى ثقافية، هي قضية أمن الخليج، التي تمثل مركز التفكير الاستراتيجي في نظرة كل من إيران ودول مجلس التعاون الخليجي والعلاقة فيما بينهما، خاصة أنها تتصل بشكل وثيق بالطموح الإيراني في دور اقليمي مميز ومؤثر، بين إيران وجوارها الخليجي.
إن أهداف السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي عبر المراحل المختلفة التي مرت بها منذ مجيء الخميني قد تعددت وتباينت، إلاّ أنها متفقة في مجموعة من الأهداف الرئيسة كخطة استراتيجية طويلة الأمد والتي لم تتغير بتغير الظروف والرؤساء وإن كانت قد تغيرت أدوات وأساليب السعي إلى تحقيقها وترتيبها ضمن أولويات هذه السياسة، أهم هذه الأهداف: بدأت بالسعي لدور إقليمي مؤثر ومميز في الخليج، والحفاظ على الخلل في توازن القوى بين إيران ودول المجلس، والحيلولة دون التحالف أو التقارب بين دول المجلس والعراق، وتفادي العزلة الإقليمية، وتعزيز صورة إيران لدى العرب بوصفها دولة ثورية مناوئة لسياسات الولايات المتحدة وإسرائيل، وتبنيها ودعمها للقضية الفلسطينية، وعدم السماح للعلاقة مع دول المجلس بالوصول إلى نقطة الانهيار أو المواجهة العسكرية !!!؟؟؟
فقد أحدثت الثورات التي شهدتها دول عربية فيما يسمى "الفوضى الهلاكة" و “الربيع العربي” بدأ ً من نهاية عام ٢٠١٠، تحولاً جذرياً للسياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من أن هذه الثورات قد أطاحت ببعض الأنظمة العربية ، ورتبت ضغوطاَ سياسية على الكثير من أنظمة الحكم في دول مجلس التعاون الخليجي عبر تشجيع ودعم إيران للأقليات المرتبطة بها في دول المجلس على المطالبة بالمزيد من الحقوق والإصلاح السياسي ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فقد سبّب أيضا أزمة إقليمية معقدة لإيران "فالربيع العربي" ضرب سوريا وهدد أهم حلفائها الإقليميين وهو نظام بشار الأسد، ووضعها في اختبار صعب بين مصالحها وشعاراتها الأيديولوجية، فنالت من شعبيتها وجاذبية بدعة "نموذجها السياسي- الثوري" في المحيط العربي، خاصة في ظل الصبغة المذهبية التي صبغت موقفها من هذه الثورات، ما أدى إلى صعود سياسي لقوى لها مواقفها تجاه إيران ومشروعها الصفوي.
نستطيع وصف إيران بأنها دولة لا زالت أطلال الدولة الفارسية القديمة تدغدغ مخيلتها وفي نفس الوقت فان الخميني اضاف لها حلم اقامة (دولة اسلامية صفوية) تتجاوز حدود إيران الجغرافية , وقد ساعد احتلال العراق على تعزيز هذا الحلم . واستطاعت السيطرة على الساحة العراقية وجعلها منصة أمامية للتغول , و مدت أذرعها إلى لبنان والبحرين واليمن وغزة، لتعبث بالأوضاع السياسية في تلك الدول , و تحالفها الاستراتيجي مع النظام السوري منذ الثمانينات ولغاية الآن إذ أصبحت سوريا ساحة لتمارس إيران استعراضاً للقوة والنفوذ. وبمعنى آخر ان لدى ايران طموحا لتحقيق حلم إعادة الإمبراطورية الفارسية بالهيمنة الإقليمية و بغطاء مذهبي , يتبنى نظام ولاية الفقيه وتصدير الثورة .
أبو محمد عبد الرحمن
نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام