بعد اتهامات واشنطن رسميا لروسيا بالتدخل رقميا لتزوير الانتخابات الأمريكية والتي أحدثت ضجه دولية حينها حيث استنفرت الدول الغربية المقبلة على انتخابات مثل المانيا وفرنسا كل امكانياتها الامنية لمواجهة وصد هجوم الكتروني قد تتعرض له خلال الانتخابات.
وبعد اقل من ثلاث اشهر من انتهاء الانتخابات الامريكية شنت امريكا هجوما واسعا ارعبت به عشرات الملايين من الناس بتصريح وكالات الأمن الامريكية ان برنامج الحماية الروسي كاسبر سكاي يحتوي على برامج خبيثة تجسسية مزروعة عمدا ضمن برنامج الحماية "كاسبر سكيورتي توتل" ، لم يمضي وقت طويل لتفجر وكالات الامن الروسي بتسريبها خبر انقاذ فتى بريطاني بالصدفة لملايين الحاسبات في اكثر من مئة دولة ضربها فايروس يسمى "wannacry" وهو من ضمن برامجيات خبيثة تستخدمها وكالة الاستخبارات الامريكية وهي تقوم بتشفير البيانات المخزنة وابتزاز اصحابها بدفع مبالغ مالية لاستعادتها .
هذا الجدل والاتهامات المتبادلة بين الدول المتقدمة تقنيا ينذر ببدأ حرب الكترونية لن تكون باردة هذه المرة تهدد الامن والاقتصاد العالمي وهنا لابد من التذكير بالهجمات التي استهدفت المصارف والمؤسسات المالية الخليجية هذا العام ، هذا التطور الخطير لمثل هكذا حروب يكون الرابح الأكبر به هو من يمتلك زمام المبادرة للهجوم مع امكانيات عالية للدفاع وهذا يؤشر عربيا اننا سنكون الخاسر الأكبر في هذه المعركة التي سيتم بموجبها تسويق اسلحة مختلفة لا ترهق ميزانيات الدول المصدرة لها لحرب . هذه المرحلة هي برامجيات تحتاج للتجديد دائما بتراخيص يربح المصدر لها ارباح خيالية .
لذا يتوجب على دول العالم الثالث عامة ودولنا العربية خاصة الانتباه لذلك جيدا وولوج هذا العالم بخطوات واثقة ويتوجب الاستثمار به وحتى بامكانية شراء شركات متخصصه او مشاركتها في دول صديقة لنا لها باع في هذا المجال مثل الهند وماليزيا ، وهنا لا يفوتني بالتنبيه الى العمل على صناعة جدر نارية وطنية غير مستوردة فهي الضمان الاساس وخط الدفاع الأول عن نظم.معلوماتنا المحوسبة ومحاولة الاستغناء عن انظمة التشغيل الشائعة وخصوصا منتجات شركة مايكروسوفت الامريكية بعد ايجاد بديل عنها موثوق كونها تؤمن وبطريقة متعمدة مايسمى "بالابواب الخلفية" التي تتيح لمن يتمكن منها من الولوج الى معلومات مستخدمها وانهيار امنياته مهما عمد للتحصين..
نحن امام مرحلة جديدة ولعبة للابتزاز الأمني والسياسي والاقتصادي وحتى التأثير بالحياة الاجتماعية لذا يتوجب توحيد الجهود والعمل على تخطي هذا الخطر وهنا نضع عدد من المقترحات نأمل الأخذ بها حماية للأمن القومي العربي :
- انشاء شركة عربية متخصصه بانتاج وتطوير البرامجيات يحدد لها رأس مال كبير وترشح الدول العربية خبراء معتمدين ولهم خبرة وسيرة علمية تؤكد قدرتهم لولوج هذا المجال والابداع به ، على ان يكون العقد سنويا يلغى عقده من لا يكون له نتاج معتبر .
- تشكيل منظمة او هيئة عربية متخصصه بأمن المعلومات وصناعته تستقطب الشباب العرب من مبرمجين والاستفادة من امكانية "الهكر" العرب الذين اثبتوا وجودهم في الساحة خلال السنوات الماضية وتطويع قدراتهم ايجابيا.
- عمل صندوق عربي متخصص لجائزة مجزية في مجال صناعة البرامجيات وأمن الحاسبات وبرامجها على ان تستبعد من الجائزة الشركة المشار لها في بداية المقرحات وعلى ان يوظف الفائزون بهذه الجائزة في الشركة والمنظمة المشار اليهم انفا .
- انشاء اتحاد عربي يضم المبرمجين العرب يسعى لتبادل المعلومات بينهم وسبل النهوض بهم وبالتخصص علميا وتقنيا.
- الاستثمار المؤثر وليس الوجاهي او الهامشي في شركات صناعة البرامجيات وخصوصا في الدول الصديقة التي لها باع في هذا المجال.
- سن القوانيين التي تحارب القرصنه والتجسس والاستحواذ على المعلومات بطرق غير مشروعه والانضمام الى الهيئات والمنظمات الدولية والانفاقيات التي تجرم ذلك وتحرمه.
د. أبو مصطفى الخالدي
نبض العروبة المجاهدة للثقافة والاعلام