جاء تموز للعراق الحديث بثورتين , يطلق عليهما البعض انقلابين ولسنا في وارد تغيير التاريخ ولا نقض الأحداث ولا تغيير الطبيعة , هما ثورة ١٤ تموز التي نصفها بالمجيدة وبانها حدث تاريخي مفصلي في حياة العراق اذ غيرت الثورة نظام الحكم من النظام الملكي الى النظام الجمهوري . النظام الملكي طبقا لفهم القوى الثورية التقدمية الوطنية والقومية في العراق كان نظاما تابعا للتاج البريطاني وقريب جدا من مجموعة الكومنولث وهي الدول الخاضعة للتاج الملكي البريطاني. كان النظام نظاما طبقيا يسود فيه الاقطاع في الريف العراقي ويساق فيه شعب العراق الفلاحي بالسياط والتعسف ويعيش الفاقة والحرمان رغم انهم يزرعون ويشقون ويحصدون ويجنون الحاصل الوفير الذي يذهب الى
الاقطاعين وأذنابهم. وقد عاش الكثير من العراقيين جزءا من طفولتهم في هذه البيئة . وفي المدينة كانت الطبقية وفوارقها التي تسحق الانسان هي الأخرى سائدة وعجز النظام ورجعيته وكسله وبيروقراطيته.
غير ان ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ قد انحرفت عن مسارات وأهداف الشعب والقوى السياسية الفاعلة في العراق وسقطت في أخطاء وأنحرافات وعثرات منها وأخطرها نزعة التفرد أو فردية الحاكم وانسداد افاق التنمية وأضطراب الموقف القومي, الذي كان أحد معايير سلامة الحكم في العراق ,المتجه بقوة نحو العروبة ولفتح منافذ للوحدة العربية بين العراق وأشقاءه . لذلك جاءت ثورة البعث في رمضان ١٩٦٣ والتي وأدت ولما تزل في عامها الأول لتتسلط حقبة معتمة سادتها اضطرابات سياسية ووهن اجتماعي ناتج عن الوهن الاقتصادي وعدم قدرة الانظمة على الولوج في سياسات ومعالجات ولا في استثمار موارد البلاد التي تهيمن عليها الشركات الأجنبية.
في فجر يوم ١٧ تموز ١٩٦٨ م فجر شباب البعث ثورة مجيدة خالدة هي الأهم والأعظم في كل تاريخ العراق لأنها :
١- استحضرت في منهجها وخططها وأهدافها كل أخفاقات المراحل السابقة.
٢- لأنها جاءت ردا على هزيمة الأمة في الخامس من حزيران عام ١٩٦٧ م أمام الكيان الصهيوني .
٣- خطط الثوار أن تكون الثورة بيضاء لا تسقط فيها قطرة دم واحدة في منهج صريح للعبور بالعراق والنأي بشعبه وقواه السياسية عن الصدامات الدموية بين القوى السياسية التي حصلت في حقبة حكم عبد الكريم قاسم وما تلاها.
٤- خططت الثورة لإسقاط النظام وللبدء بخطط تنمية معرفة ومحددة كما ونوعا واتجاهات وبدأت تنفذ ما خططت له كما لم يسبق للعراقيين أن عاشوا ولا شاهدوا .
وبعد أن رسخت الثورة كيانها ..
- دعت وانتجت جبهة وطنية وقومية تقدمية ضمت كل الذين سالت منهم الدماء في صراعات الماضي وغيرهم وتشكلت منها الحكومة .
- حلت أعظم معضلة تهدد وحدة وسيادة واستقرار العراق وشعبه الا وهي القضية الكردية . ومنحت الشعب الكردي حكما ذاتيا وأصدرت القوانين وأقامت المؤسسات التي يمارس الاكراد من خلالها حقوقهم القومية ضمن بلدهم العراق .
- أممت النفط وطردت الشركات الاحتكارية واقامت صناعة نفطية وطنية متكاملة.
- مارس العراق أعظم عملية بناء للإنسان باعتباره قيمة عليا وهو الغاية والوسيلة في روافد التنمية التعليمية والصحية والخدمية والمعيشية.
- أرسلت الاف الطلبة للدراسة في جميع دول العالم لتأسيس البنية العلمية والتكنولوجية والصناعية والزراعية الحديثة .
- أدخلت الذرة في مشاريع البحث العلمي والطب والزراعة والصناعة.
- طهرت البلاد من الجواسيس وقزمت القوى السياسية التابعة لدول الجوار وللقوى الاجنبية والتي كانت تعبث بالعراق أنسانا ووطنا.
- جعلت من العراق قوة اقليمية عربية مهابة .
- قضت على الأمية وعلى البطالة قضاء نهائيا حتى صار طلبة الجامعات والمعاهد يعينون من قبل وزارة التخطيط قبل تخرجهم.
- بنت الاف المدارس وعشرات الكليات والجامعات في طول البلاد وعرضها .
- قدمت الخدمات في مختلف المجالات مجانا للمواطنين .
وحمت العراق من المتربصين به والحاقدين على نهضته التاريخية والطامعين في احتلاله واذلال شعبه فكانت قادسية صدام المجيدة التي قاتل فيها العراقيون العدوان الايراني وأفشلوه بعد ثمان سنوات من الحرب الطاحنة.
ظلت ثورة ١٧-٣٠ تموز وحزبها المقدام تواجه التحديات والصعاب وتقارع العدوان الذي سلطته الامبريالية والصهيونية العالمية ونظام ايران ودسائسها ومؤامراتها فصدت عدوان عام ١٩٩١ الكوني وقاومت أبشع حصار عرفه تاريخ البشرية لثلاثة عشر سنة ..
وظل شعب العراق يقدم الشهداء على مذبح استقلاله الناجز وحريته وسيادته حتى جيشت الصهيونية العالمية أميركا ومعها حلف من أربعين دولة ويزيد لإسقاط الدولة العراقية التي نهضت وجعلت العراق وشعبة شمس تطلع كل يوم في وحدة العرب ونمو بلادهم وتطور حياتهم . الدولة التي شاركت العرب وانفردت بضرب الكيان الصهيوني المغتصب كما ضربت شركات وقوى الاحتكار والتجسس .
واذا كان البعض يظن ان دولتنا قد أسقطها الاحتلال والجيوش الغازية فهذا صحيح في الظاهر .. لكن جوهر الامر انها ما زالت تقاتل . ثورة ١٧ -٣٠ تموز هي المقاومة العراقية التي تشكلت من دولة تموز الباسلة ولا زال العالم يحير في كيف يطوع شعبها وجيشها وقواتها المسلحة المختلفة حيث ارتدى الابرار ثياب المقاومين وتحولت أرض العراق الى مقبرة للغزاة وللخونة والعملاء وما زال التاريخ يسجل .. وما زال الله جل جلاله يحرس العراق ورجاله حتى تنكفئ صفحات الغزو والاحتلال وتسقط العملية السياسية الامريكية الايرانية الصهيونية التي تقيأها المارينز وعمامة الولي الطائفي الفارسي الصهيوايراني المجرم.
تحية حب ووفاء للاب القائد أحمد حسن البكر ولشهيد الامة الرفيق صدام حسين والرفيق البطل صالح مهدي عماش. وتحية لشهداء البعث كل باسمه وصفته في سفر المجد من أعضاء القيادتين والكادر والاعضاء والانصار .
تحية المحبة والاعتزاز والولاء للرفيق الامين القائد المجاهد عزة ابراهيم الامين العام للبعث والقائد الأعلى للجهاد والتحرير ورفاقه في قيادة قطر العراق وجنده الميامين في جيوش وفصائل التحرير يتقدمهم جيش رجال الطريقة النقشبندية الباسل والقيادة العامة للقوات المسلحة البطلة.
عاش العراق وعاشت الامة وعاش تموز شهر الثورات والخصب والعشق والجمال .