حزب البعث العربي الاشتراكي أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
القيادة القومية وحدة حرية اشتراكية
بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
في الذكرى49 لثورة 17-30 تموز 17
وحول الأوضاع العربية الراهنة
تحل الذكرى التاسعة والأربعون لثورة السابع عشر – الثلاثين من تموز، وأمتنا العربية تعيش تحت وطأة ظروف عصيبة، هي أشد قسوة من تلك التي كانت سائدة عشية بزوغ فجر الثورة. فمن كان واضحاً في عدائيته للأمة بقي على وضوحه، ومن كان مضمراً لها ويمارس التقية السياسية، خرج عن مضمره وأفصح عن عدائيته بالمواقف والسلوكيات السياسية والأمنية وأبرزها هذا الذي يتجسد بالمشروع الصفوي الفارسي.
إن القيادة القومية للحزب، وهي تستحضر اللحظات التي سبقت انطلاقة الثورة، وتتوقف عند مسيرة الإنجازات العظيمة التي تحققت على مستوى العراق والوطن العربي، توجه التحية لقيادة الحزب والثورة، من قضى منهم شهيداً وأولهم الرفيق القائد صدام حسين وكوكبة من رفاقه المناضلين ومن بقي على رأس المسيرة وفي طليعتهم الرفيق القائد عزة إبراهيم، الأمين العام للحزب والقائد الأعلى لجبهة الجهاد والتحرير الذي يقود معركة تحرير العراق وإعادة توحيده وحماية هويته القومية.
إن الثورة التي أعادت الاعتبار للشرعية الحزبية بعد ردة23 شباط 1966، أعادت الاعتبار لموقع العراق كقاعدة للنضال القومي من خلال استنهاض قدرات الشعب وإمكاناته وتوظيفها في خدمة المشروع النهضوي ببعده القومي والذي استفز أعداء الأمة من صهاينة وامبرياليين وفرس صفويين ولهذا كان دائماً في دائرة لاستهداف المعادي وآخرها عدوان 2003 وما تولد عنه من نتائج وإفرازات، كان أخطرها تمكين النظام الإيراني من العبور إلى داخل العراق تحت مظلة الاحتلال الأميركي، والذي تحول إلى احتلال مباشر، وبات يرتقي في خطورته، خطورة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، لا بل أكثر من ذلك، فإنه حقق ما لم يستطع العدو الصهيوني تحقيقه من اختراق العمق القومي وتمزيق النسيج الاجتماعي والعمل على إبراز هويات مذهبية وطائفية وأثنية على حساب الهوية الوطنية.
إن القيادة القومية للحزب وهي تكبر بجماهير العراق صمودها وصبرها على المعاناة التي تعيش تحت وطأتها والمجزرة الرهيبة التي تنفذ بحق هذا الشعب الصامد، من قبل الميليشيات الطائفية والمذهبية المحمولة على رافعات العدوان الدولي المتعدد الجنسيات وتلك التي ترتبط بمراكز التوجيه والتحكم الإيرانية، ترى أن ما تتعرض له مدن العراق وحواضره من تدمير ممنهج ومبرمج لكل معالم الحياة ولكل الأعيان التراثية والثقافية والتاريخية، إنما هو يندرج ضمن المخطط المرسوم الذي ينفذه التحالف الصهيو-أميركي الفارسي، ومعه كل قوى الترهيب السياسي والتكفير الديني والتي هي نتاج الاحتلال بوجهيه الأميركي والإيراني وفيها يتم الاستثمار الأمني والسياسي لتنفيذ أجندة الأهداف المعادية ضد الأمن القومي العربي وبشكل خاص أمنه المجتمعي.
وعليه، فإن تدمير الأعيان ذات الدلالة الرمزية والتاريخية والتي تنسب إلى "داعش"، هي وجه واحد، وأما الوجه الثاني فهو الذي يمارسه ما يسمى "بالحشد الشعبي" والذي هو واحد من الأذرع الإيرانية التي تعمل بتوجيه مباشر من ما يسمى "بالحرس الثوري الإيراني".
وعليه فإن تدمير مسجد النوري ومئذنته الحدباء، ليس إلا استحضاراً لمشهدية تدمير نصب أبي جعفر المنصور والمرقدين في سامراء، ونبش قبر القائد المؤسس الأستاذ ميشيل عفلق وقبر الشهيد القائد صدام حسين وغيرها من الشواهد العربية التاريخية.
إن القيادة القومية إذ تدين ما تعرضت له الموصل وقبلها الأنبار وصلاح الدين وديالا وبغداد، تهيب بكافة القوى الحية في الأمة وعلى رأسها قواها الوطنية والقومية التقدمية لأن تخرج عن صمتها حيال ما تعرضت له الموصل وسائر مدن العراق ونواحيه، وأن تطلق الموقف الذي ينسجم وخطورة ما تعرض له العراق من تدمير لبنيانه الوطني والمجتمعي. وهذا يتطلب منهجاً جديداً في التعامل مع النظام الإيراني وما ينفذه مباشرة وعبر أذرعه الميليشياوية، باعتباره صنف نفسه عدواً استناداً للدور الذي ينفذه.
إن القيادة القومية للحزب وهي تدعو بعض القوى العروبية التي ما تزال تحكمها ميوعة المواقف من النظام الإيراني، للخروج من أتون مواقفها الملتبسة وأخذ مواقعها الطبيعية في مواجهة المشروع الفارسي الذي بات يكمل بنتائجه المشروع الصهيوني تؤكد على ما يلي :
أولاً: إن الوضوح في المواقف من القوى التي تناصب الأمة العربية العداء، يملي اصطفافاً جديداً تحتشد في ضفته العربية كل قوى الأمة من رسمية وشعبية لمواجهة المشروع الصهيوني وضرب مرتكزات المشروع الإيراني وقواه، وإغلاق المنافذ التي يعبران منها إلى العمق القومي، وعودة الجميع للتظلل بالخيمة العربية درءاً لتدويل حلول الأزمات من ناحية، وللحؤول دون الابتزاز المادي والسياسي الذي تمارسه القوى الدولية والإقليمية ضد الأمة العربية على مستوى جمعها وأجزائها من ناحية ثانية .
وعليه فإن تغليب لغة الحوار السياسي بين الأطراف العربية، التي تنتاب علاقاتها توترات وصلت حد القطعية، هي السبيل لتفعيل الدور العربي في معالجة الأزمات سواء كانت ذات طبيعة علائقية بين أطراف الأزمة، أو ذات طبيعة بنيوية كالتي شهدتها بعض الأقطار العربية.
إن هذا الدور العربي المطلوب لمعالجة الأزمة الطارئة على العلاقات العربية العربية، مطلوب أيضاً في توفير الدعم والإسناد والاحتضان لمشاريع الحلول السياسية التي تصون وحدة المكونات الوطنية أرضاً وشعباً ومؤسسات وتحول دون انزلاق أوضاعها إلى تقسيم كياني وتفتيت مجتمعي، فالدعم العربي مطلوب للمشروع الوطني الذي طرحه الحزب كحل سياسي لإنقاذ العراق من مخاطر التقسيم والتفتيت ونزع الهوية، ومطلوب لسوريا لوضع حدٍ لمعاناة جماهيرها، وإعادة هيكلة الحياة السياسية على قواعد الديموقراطية والتعددية والسياسية وإنهاء حكم الدولة الأمنية ووضع حدٍ للانكشاف الوطني الذي أفسح المجال أمام القوى الدولية والإقليمية والقوى الميليشياوية المرتبطة بها لأن تمارس كل أشكال العدوان، من أميركا إلى روسيا، ومن إيران إلى تركيا وقوى التكفير الديني والترهيب السياسي. والأمر ذاته ينطبق على آليات الحل لليبيا ولليمن عبر الحل السياسي الذي يعيد الاعتبار للشرعية ويستند إلى مرجعيات المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرار الأممي.
ثانياً: إن جماهيرأمتنا في العراق وسوريا واليمن وليبيا، والأحواز وحيث يتعرض أمنها للخطر بحاجة لأمن وطني ببعد سياسي وبمضمون اجتماعي، وهذا الأمن لا يوفره التدخل الدولي الإقليمي والاستقواء بهما، بل يوفره الدور العربي في التصدي لمعالجة الأزمات ومواجهة قوى العدوان الخارجي والتخريب الداخلي واستقبال أي معطى إيجابي في تحول مواقف الدول من القضايا العربية.
إن القيادة القومية التي تؤكد دائماً على تعريب الحلول السياسية التي تعصف ببعض الأقطار العربية، تعيد تأكيد مواقفها من قضية فلسطين بما هي قضية قومية بامتياز، كما قضية كل بقعة من أرض العروبة تتعرض للاحتلال.
إن كل من يحتل أرضاً عربياً، هو عدو للأمة، وكل من يعمل على تهديد الأمن القومي يصنّف في خانة الأعداء، فالأرض العربية هي على درجة واحدة في قدسيتها، وأن اسبقية احتلال أرض عربية على أخرى لا تسقط مركزية القضية التي تتمخض عن هذا الاحتلال.
ثالثاً: إن الأمة العربية التي لا تجد نفسها إلا من خلال وحدتها، تعيد التأكيد بأن الوحدة مطلوبة لحشد القوى في مواجهة الأخطار المهددة للوجود العربي.
وعليه يجب إعادة الاعتبار لشعار الوحدة وترجمته ليس على المستوى القومي وحسب، بل أيضاً بالعمل الجاد لتوحيد القوى السياسية التي تنحرط في مواجهة شاملة لمقاومة الاحتلال كما هي حال فلسطين والعراق والأحواز. وإذا كانت قوى الفعل المقاوم للاحتلال في العراق وبفعل الدور المحوري الذي لعبه الحزب في توحيد القوى المقاومة وطرحها لمشروع سياسي وطني متكامل شكّل علامة فارقة في حضور الحزب والمقاومة وفاعليتهما، فإن فلسطين بحاجة إلى مساعدة قواها المقاومة للارتقاء بعلاقات أطرافها إلى مستوى التوحد الفعلي وحتى تستطيع أن تواجه الاحتلال بوحدة الموقف والممارسة. وهذا يتطلب توفر ثلاثة عوامل: العامل الأول، أن تخرج القوى الفلسطينية من تشرذمها، وتعيد تموضعها السياسي في إطار موحد، وهو إطار منظمة التحرير، وهنا ترى القيادة القومية بأن ما أعلنته حماس مؤخراً هو مؤشر إيجابي يجب التأسيس عليه وتطويره، والعامل الثاني، أن لا نتعامل الدول العربية مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية أمنية، بل باعتبارها قضية قومية كانت وستبقى تتبوأ موقعاً مركزياً في النضال العربي، والعامل الثالث، هو توفير الدعم المادي والسياسي لقوى الثورة وجماهيرها لتمكينها من الصمود ومواجهة الاحتلال بكل شخوصاته.
رابعاً: إن القيادة القومية للحزب وفي الذكرى التاسعة والأربعين لثورة السابع عشر-الثلاثين من تموز، وهي الثورة التي أسست لتاريخ عربي جديد، تدعو جماهير الأمة لأن تستعيد الثقة بنفسها وهي التي تملك من الطاقات النضالية ما يمكنها من أن تثبت وجودها على مسرح الأحداث، وبإمكانها إحداث التحول النوعي في موازين القوى لصالح المشروع العربي التحرري.
إن الأمة العربية التي أفصحت عن مكنونها النضالي من خلال ثورة فلسطين، وثورة البعث والثورة الناصرية وتدمير خط بارليف والانتصار في القادسية ومقاومة العدوان والحصار والاحتلال والحراك الشعبي هي أمة حية مشبعة بالحيوية وعنوان حيويتها المقاومة الوطنية في العراق والذي رغم الحصار المفروض عليها وعدم وجود قواعد خلفية لها استطاعت أن تهزم أعتى قوة عسكرية في العالم، وتفتح صفحة مواجهة الاحتلال الإيراني وكل إفرازاته والقوى المرتبطة به وصولاً إلى إسقاطه.
إن العودة إلى الجماهير باعتبارها المرجعية التي يتم الإستناد عليها لمواجهة أعداء الأمة هي من ثوابت الحزب الاستراتجية ، وباعتبارها الحاضنة الشعبية للمشاريع الوطنية، وباعتبارها القوى الأساسية التي لا يمكن تطويعها خاصة عندما يكون مستوى التضحية والفداء والبذل مرتفعاً لديها.
إن العودة إلى الجماهير تفرض على الحزب وعلى كل القوى العربية التحررية أن تبادر لتأسيس الجبهة الشعبية القادرة على تأطير الجماهير وقيادتها وتحقيق الامتلاء السياسي القومي وجعل الفكر القومي هو الفكر السائد والذي بسيادته وإعادة الاعتبار له، تتراجع وتسقط كل المنظومات الفكرية ذات المنطلقات المذهبية والطائفية والشعوبية.
والقيادة القومية إذ تطلق هذا النداء، فلإدراك منها بأن لا خيار أمام الأمة إلا توحيد قواها وتفعيل دورها كي توفر للجماهير رافعتها السياسي التي تنقل الأمة من موقع المتلقي إلى موقع المبادر والفاعل.
تحية للرفيق القائد عزة ابراهيم ،الأمين العام للحزب والقائد الأعلى لجبهة الجهاد والتحرير وأحد صانعي ثورة تموز المجيدة،
تحية لشهداء الحزب وعلى رأسهم القائد الشهيد صدام حسين،وتحية للمرحوم الرفيق أحمد حسن البكر أحد مهندسي ثورة 17-30 تموز
تحية لفلسطين وثورتها وشهدائها وكل جماهيرها التي تقاوم الاحتلال وصهينة الأرض.
تحية للعراق ومقاومته البطلة وشهدائه واسراه ومعتقليه.
تحية للمقاومة الأحوازية البطلة ضد الاحتلال الفارسي
تحية للجماهير العربية التي انتفضت ضد نظم الاستبداد والارتهان للخارج الإقليمي والدولي،
تحية لنضال منظمات الحزب في كل أقطار العروبة،
تحية كل من يقف مع الحق العربي ويطرح قضية انتهاك حقوق الإنسان كقضية رأي عام.
الخزي والعار للعملاء وما النصر إلا حليف الشعوب المكافحة من أجل الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير.
القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
في 17 تموز 2017