منذ القدم وقبل ظهور الإسلام والفرس يفتعلون الحجج لغزو الأرض العربية واحتلالها، وبما أن العراق هو القطر العربي الوحيد الذي يحاددهم براً وهو البوابة الشرقية للوطن العربي، كانت كل غزواتهم تستهدفه في كافة الأزمان، فمعركة ذي قار عام 610م التي انتصر فيها العرب على الفرس في جنوب العراق لم تكن الوحيدة في تلك المرحلة بل سبقتها معارك صغيرة استمرت لسنوات حتى تكللت بالنصر في هذه المعركة، ولم يتخلى الفرس عن
مطامعهم بالأرض العربية في العراق حتى مجيئ الإسلام وفي زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وضمن حملات الدعوة للإسلام طلب من الفرس الدخول له أو دفع الجزية لكن الفرس وكعادتهم تعنتوا ورفضوا الدعوة فأعد المسلمون لهم جيشا بقيادة سعد بن أبي وقاص ودارت معركة كبرى بين الطرفين في شهر شعبان من العام الخامس عشر للهجرة الموافق لشهر نوفمبر سنة 636 ميلادية وانتصر العرب المسلمون نصرا كبيرا فانتشر الإسلام في بلاد فارس، ولكن السؤال هو هل تخلى الفرس عن أطماعهم ؟
الجواب كلا فهم لا يعنيهم انتسابهم للإسلام بقدر ما يعنيهم توسع امبراطوريتهم العنصرية على حساب غيرهم من القوميات الأخرى فاستمرت العلاقة المتوترة بين العرب والفرس وأخذت شكل المد والجزر لكن النوايا الفارسية في تحين الفرص للانقضاض على العراق كجزء من الأمة العربية لم تكن خافية، وفي العصر الحديث وبعد مخطط التقسيم الذي رسمته القوى الغربية الإستعمارية تم ضم إقليم الأحواز لبلاد فارس ومن ثم قدمت للنظام الشاهنشاهي كل وسائل التفوق على العرب فأصبح جيشه الخامس في تسلسله في العالم، فغزى الجزر العربية الثلاث أبو موسى وطنب الصغرى والكبرى التابعة للإمارات العربية المتحدة وجعلها تابعة لبلاده حتى أصبح يحمل صفة شرطي الخليج العربي، يتدخل في شؤون الأقطار العربية المطلة على الخليج ويقدم الدعم لكل من يعادي العرب ويزودهم بالسلاح والأموال لخلق حالة عدم استقرار فيها وإضعافها وكان العراق في مقدمة الأقطار المستهدفة واستغل حركة العصيان الكردية في الشمال لإضعافه عسكريا واقتصاديا حتى تفجرت ثورة السابع عشر الثلاثين من تموز التي قادها حزب البعث العربي الإشتراكي وكان لابد من التوصل إلى اتفاقية مع نظام الشاه لحل كافة الإشكالات وفي مقدمتها ترسيم الحدود وخاصة المائية منها على أن يتوقف البلدان عن دعم من يعارض النظام فيهما وحصل هذا في العام 1975 أثناء انعقاد المؤتمر الإسلامي في الجزائر، وبموجب الإتفاقية فقد تم الإيعاز إلى خميني بأن يغادر الأراضي العراقية بناء على طلب نظام الشاه كونه كان معارضا له، وغادر إلى فرنسا ومن هناك تم اختياره كبديل للشاه ليستلم السلطة في إيران في العام 1979 وما إن حطت طائرته التي أقلته من باريس إلى طهران، أعلن عن مشروعه التوسعي على حساب العرب تحت شعار تصدير الثورة الإسلامية فكان العراق المستهدف الأول كالعادة، ولم يمر عام واحد حتى نفذ النظام الإيراني عدوانه الغاشم على العراق في أيلول 1980م وانبرى له أبناء العراق شعبا وقواته المسلحة ليلقنونه وجيشه درسا بالبطولة والتضحية، فكانت بحق قادسية ثانية وسماها العراقيون قادسية صدام تيمنا بقادسية سعد وبتعنت النظام الفارسي العنصري وعدم رضوخه للقرارات الدولية بوقف الحرب استمرت ثمان سنوات حتى جرع العراقيون بقيادة القائد الفذ الشهيد صدام حسين رحمه الله السم لدجالهم الكبير خميني واعترف مرغما بهزيمته أمام عزيمة العراقيين وصمودهم في الثامن من آب 1988.
وبالرغم من انتصار العراق على الفرس إلا أن القائد صدام حسين كان يحذر العراقيين والعرب من الشرور التي ستأتيهم من الشرق ويعني بلاد فارس فهم لا أمان لهم ولن يتخلوا عن أطماعهم في بلاد العرب وهاهم اليوم نراهم وما إن فتح الغزاة المحتلون حدود العراق لهم حتى دخلوا بثقلهم للسيطرة على العراق سياسيا وعسكريا واقتصاديا وثقافيا وراحوا إلى أبعد من العراق إلى سوريا والبحرين والسعودية واليمن ولبنان وغيرها من الأقطار العربية يحاربون العرب مباشرة أو من خلال الخونة والعملاء المرتبطين بهم ولن يتوقفوا مالم يتوحد العرب ويعيدوهم إلى حجمهم في قادسية أخرى ولتكن الثالثة.
لذلك نبقى نكرر ما حذر منه قائدنا الشهيد صدام حسين بأن الشر قادم من الشرق ومن إيران تحديدا .