لا تعتقدوا ان شهر رمضان لم يكن معروفا من قبل إلا في العصر الإسلامي فقط بل هو من الأشهر العربية التي عرفها العرب منذ بداية وجودهم. لسنا بصدد شرح فضائل هذا الشهر الكريم لأن القاصي والداني أصبح يدرك معنى العبادة وحلاوة الإيمان ولذة التقرب إلى الله بالصلاة والصيام والتصالح وصون اللسان وكف اليد وعمل الخير وهذه الصفات الأخلاقية كانت متأصلة في الإنسان العربي قبل الإسلام.
ولكن ما أردت الاشارة اليه هو اشتداد الحروب بين المسلمين وما يرتكب فيها من مجازر ودمار وخراب في هذا الشهر بالذات بإسم الدين حيث تعتقد كل فئة او طائفة انها تصبح أقرب إلى الجنة وأن خصومها أو أعداءها سيصلون ناراً ذات لهب.
كان العرب قبل الإسلام يعتبرون رمضان من الأشهر الحرام فيتوقفون عن القتال وسفك الدماء في هذا الشهر بالذات مهما كان بينهم من عداوة.
وإذا فعلها أحدهم وقتل عدوّاً له أو خصماً عن قصدٍ أو عن غير قصد أُهدِر دمه فوراً وتخلت قبيلتهُ عنهُ لأن هذه الفعلة الشنعاء ليست من شيم العرب ولا من تقاليدهم وأعرافهم لذلك وضع حزب البعث العربي الإشتراكي عبارة «ذات رسالةٍ خالدة» للسبب نفسه نزلت الرسالات السماوية معظمها إن لم نقل كلها على الأرض العربية «كنتم خير أمةٍ اخرجت للناس».
المؤسف اليوم أننا أصبحنا كما قال الإمام علي لجماعته في خطبة الجهاد، نتفرق عن الحق بينما أعداء أمتنا يجتمعون على الباطل.
فلو استعرضنا تاريخنا الحديث لوجدنا أن أشد الحروب قسوةً بين المسلمين حصلت في شهر رمضان وأن المجازر التي فاقت الأساطير في فظاعتها من إبادةٍ جماعية وذبحٍ وحرقٍ واغتصابٍ وتهجيرٍ وتجويعٍ إستفحلت بشكلٍ أثار حفيظة الحكام الغربيين فأصبحوا يقولون أن الصين واليابان مثلاً فيها أنبياءٌ ودياناتٌ بالمئات ويعيش أبناؤها في مجتمعٍ واحد متكامل ومتكاتف. أما في مجتمعنا العربي فإلاهنا واحد ونبينا واحد وكتابنا واحد وشوارعنا غارقةٌ بالدماء، القاتل يصرخ «الله أكبر » والقتيل يصرخ «الله أكبر».
نحن لا نبالغ عندما نؤمن ونتمسك بعقيدة البعث ومبادئه ولم نعتبره يوماً أنه بديلٌ عن الإسلام لكننا نعرف أن ظلام هذه الأمة الدامس وواقعها المؤلم لا يمكن إصلاحه أو بعث الأمل فيه من جديد إلا بالعمل بهذه المبادئ التي تجمع بين العروبة بشهامتها وشيمها وقيمها الأخلاقية والإنسانية والإسلام بتعاليمه السمحاء الروحانية والفكرية.
أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
قاسم فرحات
نبض العروبة المجاهدة للثقافة والاعلام