لا ندافع عن العالمة الجليلة والانسانة النبيلة، العراقية البغدادية النداوية الاصيلة، هدى صالح مهدي عماش، التي تذكرتها احدى محاكم التفاهة، التي يسمونها في بغداد زورا وبهتانا بـ(النزاهة)، تذكرتها بعد سبعة عشر عاما على تركها وظيفتها الوزارية، وعقب ثلاثة عشر عاما وثمانية شهور على اعتقالها وقضائها ثلاث سنوات في سجن الغزاة البغيض، صامدة صابرة، دون ان تهتز أو تضعف رغم هجمات الالام والاضطهاد والمعاناة، فكانت نعم المرأة العربية وفخر السيدات العراقيات.
لا نتوقف عند الحكم الذي أصدرته محاكم الزبالة، ولن نناقش التهمة التي ألصقت بها، لان الجميع يعرف ان القضاء في العراق غائب عن الوعي منذ حكم بول برايمر وتابعه مدحت محمود النعل بند، في حين ما زال القانون في اجازة مفتوحة منذ نيسان 2003، وحل مكانه قانون الابتذال والانحطاط، يطبقه أنذال ولصوص وعملاء ومشوهون خلقا واخلاقا، قانون يبريء القتلة ويحكم على الابرياء، يكافيء المجرمين ويقمع المقهورين، ينتصر لسراق قوت الشعب ويطلق سراحهم مع ملايينهم الدولارية يتمتعون بها ويشترون القصور والفلل والشركات والمصانع والاندية الرياضية في عاصمة الضباب كما هو حال عبدالفلاح السوداني، القيادي في حزب الدعوة ووزير التجارة الاسبق.
أما شقيق مستشار الامن الوطني السابق موفق الربيعي ويدعى عبدالامير، فان هذه المحكمة نفسها التي حكمت على هدى، هي التي هربته الى الخارج محملا بميزانية دائرة شقيقه المستشار السابق، وكثيرة هي قصص السرقات والاختلاسات والفساد في العراق المستباح، وتحتاج الى مجلدات ومجلدات لايراد جزء منها، وليس كلها الذي لو كشف، فان ألف محكمة ومحكمة، تظل عشر سنوات منعقدة ، لا تستطيع حسمها.
هدى .. ليست بحاجة الى خمس سيارات حتى تستولي عليها، فقد كان بمقدورها الاستحواذ على اسطول من السيارات، لو رغبت او ارادت، ولكن سمو تربيتها وعلو منزلتها وجميل خصالها، جعلت منها مثالا للعفة والاستقامة في جميع الوظائف التي شغلتها، والمناصب التي تولتها، فهي سليلة بيت، تمنع عتباته الحرام ان يطأها، وبنت عائلة عرفت بالبذل والعطاء في سيرتها، اضافة الى انها نتاج حزب، نستطيع ان نقول فيه ما نشاء من نقد سياسي، الا سرقة المال العام، فهو كفر في قاموسه، اختلفنا معه او اتفقنا، هذه حقيقة لا جدال فيها، ويكفي البعثيين الاخيار والاحرار، ان كثيرا منهم كانوا في قمة السلطة واعلى المراتب واكبر المناصب لسنوات طويلة، ولكنهم يعيشون اليوم في كفاف وفاقة، يعانون ويتعذبون في مواجهة أعباء الحياة القاهرة وتدبير العيشة الكريمة الحرة، ولكنهم كما كانوا، ما مدوا يدا ولم ينزلوا رأسا، وظلوا أهل مكانة وأصحاب غيرة.
ويا هدى بنت صالح مهدي عماش، قري عينا واشمخي عاليا، فقد جاء اليك فخر جديد يضاف الى مفاخرك السابقة، ويعزز مآثر والدك وعمومتك وأهلك ورفاقك، وافرحي بالحكم الذي أصدره الاوغاد عليك، لانه وسام شرف ونوط شجاعة، خصوصا وهو يصدر من حثالات لا يستحقون حتى البصق في وجوهم الوقحة.