لا شك مأساة الشعب العراقي الفعلية بدأت بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام ٢٠٠٣، الذي مثل صدمة لكل العراقيين خصوصاً بعد حل الجيش وكل مؤسسات الدولة بقرار الحاكم العسكري الأميركي بريمر الذي اتخذ زوراً شعار الديمقراطية نموذجاً لحكم العراق وإعادة بناء الدولة فيه!!!!.
وتمثلت هذه الديموقراطية باصطحابه جوقة من الشذاذ مما يسمى سياسي المعارضة العراقية في الخارج حاملة أجندات داخلية وخارجية مختلفة، وانقسم الشعب العراقي بعد الاحتلال إلى معسكرين:
معسكر اتخذ المقاومة حقا مشروعا لطرد المحتل،
ومعسكر آخر تعاون مع القوات الأميركية ويرى أنها قوات محررة خلصت العراق من (الدكتاتورية البعثية)، وميزات هذا المعسكر أنه يفتقر للشرف وللحس الوطني ومنغمس بالطائفية والمذهبية بل وغارقاً فيه حتى أذنيه مفتخرا كونه عميل وأداة طيعة وأمينة لتلك المشاريع الإقليمية وأخطرها على الإطلاق المشروع الفارسي الصفوي دون خجل أو وازع ضمير من عروبته أو وجل من وصمة العار التي سوف تلحق به ويذكرها التاريخ وتتناقلها الأجيال...
فأغلب الأحزاب (الشيعية) التي شاركت في (مجلس الحكم) الذي أسسه الحاكم العسكري بريمر للعراق بعد الاحتلال كانت مرتبطة أو مدعومة بشكل مباشر من إيران (وبمباركة من المرجعية العراقية)، وسيطرتها على إيقاع تحركات هذه الأحزاب والحركات والشخصيات بحيث تحول بأن لا تتصادم فيما بينها، هذا الدور الإيراني أثبت فعالية في فرض سيطرة هذه الأحزاب الشيعية المشبوهة العميلة على المشهد السياسي العراقي، وليس بعيدا التشريع الذي صدر بشرعنة الحشد الشعبي والاعتراف به كقوة عسكرية (وطنية) موازية للجيش وعلى غرار الحرس الثوري الإيراني!!!.
في المقابل، العرب السنة في العراق انقسموا بين مشارك في العملية السياسية التي أسسها الاحتلال وبين مقاطع لها، فالمشاركون في العملية السياسية اعتبروا المشاركة في حكومة شكلها الاحتلال فرصة للمشاركة في السلطة ولو على حساب شرفهم وهويتهم العربية ومبادئ الإسلام الحنيف (الحزب الإسلامي فرع من منظومة الإخوان المسلمين).
بينما اعتبر المقاطعين من أحزاب وشخصيات وعلماء الدين السنة المعتدلين المشاركة في حكومة الاحتلال خيانة للمقاومة الوطنية.
أما ثمن مشاركة الأحزاب الإسلامية السنية في العملية السياسية العراقية هي ولادة ما يسمى (جماعات الإسلام السني المتطرف والتكفيري) تنظيم القاعدة والتوحيد والجهاد والدولة الإسلامية في العراق التي أوجدها المتآمرون على وحدة العراق وشعبه ومقاومته وهدف آخر تلميع صورة السنة السياسي المشارك في العملية السياسية وإبرازها كمكون سني معتدل يمثل العرب السنة العراقيين وغطاء لتكوين صحوات هدفها الاصطدام مع المقاومة الوطنية العراقية وتشتيتها وشيطنتها حتى باتت هذه المقاومة هدفاً مشروعاً لأعداء العراق وحجة للقضاء على الإرهاب فيه!!!!
وعليه فإن القوى السنية التي شاركت في العملية السياسية التي أسسها الاحتلال فشلت في تقديم نموذج سياسي يخدم جمهورها (السني) الذي شارك في الانتخابات، حتى وصلت إلى مرحلة الانفجار في عهد المجرم نوري المالكي، وخرج مئات الآلاف من العرب السنة في مظاهرات تندد بـالتفرقة الطائفية لحكومة المنطقة الخضراء.
فالقوى السنية المشاركة في العملية السياسية فقدت شعبيتها بعد أن تركت جمهورها ضحية الانتقام الطائفي وبطش الجماعات المتطرفة.
خلاصة القول وما فاقم المشكلة وزادها تعقيداً وانهياراً أن نظام الحكم الذي أوجده الاحتلال الأمريكي-الفارسي في العراق قام على أساس المحاصصة الطائفية وليس على أساس دولة المواطنة والمساواة التي تطمئن الجميع، لذا فإن السنة المشاركون ليسوا سنة والشيعة المشاركون ليسوا شيعة.
هم في مطلق الأحوال لصوص ومأجورين وعملاء وشذاذ آفاق سلموا العراق ومقدراته وثرواته على طبق من ذهب وأعانوا الفرس على بسط نفوذهم فيها ومكنوهم من تنفيذ مشروع فرسنة العراق وطمس هويته العربية، والتاريخ لن يرحم والعمالة لا دين لها ولا مذهب والمقاومة العراقية الوطنية لن تستكين وأن غداً لناظره لقريب....
أبو محمد عبد الرحمن.
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام.