جبار الياسري الجمعة، 18 تشرين الثاني، 2016
سبحان الله .. قالها الرجل قبل إعدامه عندما وقف كالطود الشامخ فوق منصة أو مقصلة الإعدام ضاحكاً ... عندما هتف عبد العزيز الحكيم وشلة من مرتزقة الاحتلالين بعبارات نابية وشتائم , حتى أن ما سمي حينها بالمدعي العام منقذ آل فرعون الفتلاوي وبخهم وقال لهم ( يا جماعة عيب عليكم مو معقولة الرجل في حالة إعدام )) , وحينها كان رد الرئيس الراحل عليهم وهو يبتسم مردداً لتلك العبارة باللهجة العراقية (( هي هاي المرجلة )) أي .. هل هذه هي الرجولة ..!؟؟؟. ولم يكن خائفاً ومرعوباً كما هم أو كما هو موفق الربيعي الذي وصفه قاضي نوري المالكي وإيران منير حداد بأن أسنانه كانت تطقطق ... وكان جداً مهذب بذلك الوصف لأن موفق أو كريم شاهبور كان يطقطق من مكان آخر على ما يبدو ... !, حتى أن الرئيس صدام قال له أيضاً باللهجة العراقية .. دكتور شبيك خايف هذه للرجال .. وأشار إلى حبل المشنقة برأسه لأنه كان مكبل الأيدي والأقدام بالسلاسل .
فبالرغم من مرور أكثر من عقد هلى رحيل الرئيس صدام حسين لكن نرى أن المشهد بات يتكرر بين الفينة والأخرى , وروح الانتقام مازالت كالنار مستعرة في صدور البعض , , وأن الرجل الذي كانوا يخافونه ويهابونه مازال يخيفهم ويرعبهم حتى وهو في قبره , خاصة بعد أن شاهدنا قبل يومين مجموعة من الأوباش في مشهد وموقف مزري ومقرف ومخزي .. بل معيب ومشين جداً , عندما يصل حد الجبن والرعب والشماته والحقد والكراهية لديهم تجاه قبر ورفاة وروح أصبحت في ذمة الله , في حين أن الجثمان أصلاً غير موجودة في القبر المعلوم حسب معلوماتنا من مصادر موثوقة , حيث تم نقل جثمان الرئيس الراحل إلى مكان بديل , وتم دفنه وتأمينه في مكان آمن قبل دخول داعش , لكن بالرغم من أن الرجل شاء أم أبى البعض شاءت حكمة وقدرة الله وقدره أن يكون حاكماً وزعيماً للعراق منذ أن كان شاباً يافعاً بعمر 28 عام , وحتى أن ناهز عمره السبعين , وشاءت المشيئة الإلهية أن ينجو من مئات عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية حتى من قبل موساد الكيان الصهيوني , لكنه ظل طيلة تلك الحقبة يقارع ويصارع الأقدار والمؤامرات وينحت في الصخر كي يجعل من العراق بلداً قوياً ومتقدماً في جميع المجالات, وكرس كل حياته وساهم بشكل يفوق الخيال في إدارة وحكم وبناء دولة على مدى أربعين عاماً نائباً للرئيس ورئيساً .. وبغض النظر عن كل ما شاب تلك الحقبة من مطبات وفترات خير وشر وحروب وخوف ورعب وأمن وأمان وسلام , لكن العراق كان دولة قوية حدودها مهابة ومصانة ويشار لها ولشعبها بالبنان , والمواطن العراقي والجواز العراقي محترم ومهاب في جميع دول العالم , إنه الرجل الذي أفنى حياته ليس فقط في خدمة العراق فحسب .. بل في خدمة قضايا الأمة , وكان العراق فعلاً حارس البوابة الشرقية للوطن العربي , كون العراق وشعبه إبان حكمه تصدى مبكراً لألد أعداء العراق كما هي إيران الشر " والتي لولا عزمه وحزمه وتصديه ووأده للمشروع الصهيوني الفارسي مبكراً لكان العراق منذ عام 1980 يشهد ويمر بكل ما يمر به ويشهده منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا بلا أدنى شك .
نعم ذهب الرجل بما له وما عليه , أصاب وأخطأ , نجح في كثير من الأمور وخاب وأخطأ في بعضها .. وهذه سنة الحياة , وجل من لا يخطئ , لكنه في نفس الوقت لم يكن أبداً : سارق أو لص , خائن أو عميل , مرتشي , أو متآمر , بشهادة أعدائه قبل محبيه ومؤيديه وأصدقائه , ولم يتم العثور على عقار أوحساب بنكي شخصي واحد مسجل بأسمه حتى هذه اللحظة , ومن يتغابى أو ينكر أو لا يعلم ... فليقرأ أو ليستمع لمذكرات وشهادات أعدائه قبل أنصاره .. نذكرعلى سبيل المثال منهم : المدعو " وفيق عبجل السامري" وماذا قال عنه بعد تآمره وبعد خراب وتدمير العراق وبعد إعدام الرجل !, استمعوا أيضاً لصديق هنري كيسنجر المدعو " أياد جمال الدين " !, ماذا قال عنه وكيف وصف عصره !؟, استمعوا لمذكرات محمد باقر الحكيم ماذا قال عن الرجل في حياته عندما كان معارضاً له !؟, استمعوا لشهادة ورأي القضاة الذين حاكموا الرجل في محاكم التفتيش الأمريكية الصهيونية - الإيرانية بعد احتلال وتدمير العراق .. قبل أن تستمعوا لشهادة ورأي محاموه الذين تطوعوا بالمئات للدفاع عنه من شتى بقاع العالم .
لست هنا بصدد الدفاع عن الرجل فإن له أقربائه المخلصين وأنصاره ومحبيه ناهيك عن الذين استفادوا من هباته وعطاياه وكرمه .. لكن بكل ثقة وبدون تردد قلناها ونقولها الآن بأن " الراحل صدام حسين " دخل التاريخ من أوسع أبوابه , وسيخلده التاريخ والأجيال كقائد وكزعيم عربي عراقي تم اغتياله واعدامه على يد الغزاة المحتلين وعملائهم كما هو عمر المختار وغيره من القادة العرب والمسلمين التاريخيين شاء من شاء وأبى من أبى .
وهنا لابد من قول كلمة وشهادة بحق أنفسنا .. لكي نقطع الطريق على المتقولين والمتربصين بنا .. من هنا نعيد ونكرر ما قلناه للمرة الألف كون ذاكرة أنصاف المثقفين والأمعات والمتصيدين في الماء العكر ضعيفة أو تكاد تكون معدومة لأن الحقد الأعمى والجهل والكراهية ومرض الطائفية وغيرها من الأمراض الخبيثة والمعدية .. أعمت القلوب قبل العيون .
فأقول : شخصياً لم أكن في حياتي منتمي لحزب البعث أو لأي حزب آخر , ولم أنحدر من عائلة بعثية , ولم يوجد في عائلتي وزير أو غفير أو حتى موظف صغير أو بسيط , ولم أمتلك بيت أو صريفة أو كوخ في العراق , ولا حتى متر مربع واحد , ولم أدرس على حساب الدولة العراقية , ولم أكلف الدولة العراقية منذ دخولي المدرسة الإبتدائية دولار واحد لا في زمن الحقبة الإنفجارية ولا في زمن الحصار ولا في زمن الاحتلال وسرقة الألف مليار , بل على العكس تماماً .. عندما تم إغلاق ملفي الدراسي يوم كنت أدرس في الخارج , اعتمدت على الله أولاً وعلى والدي رحمه الله وعلى نفسي , ولم أنخرط في صفوف المعارضة العراقية العميلة التي كانت تنشط في أوربا وكانت تنتظر وتتمنى أن تسمع كلمة أو إشارة واحدة مني , بل على العكس تماماً تصديت لهم في جميع الفضائيات والمحافل الدولية ولنا كلام موثق ومسجل في هذا الخصوص ... كنا قد قلناه حرفياً أواخر عام 2002 ... : (( إذا وصل هؤلاء .. أي ما سمي بالمعارضة العراقية للسلطة فإننا سنبكي على العراق )), وها نحن ليس نبكي فقط بل نلطم على مدار العام !!!, وآنذاك أيضاً ومنذ عام 1991 وقفنا طيلة فترة الحصار مع أبناء شعبنا وقدمنا المساعدات المادية والمعنوية والعينية لأطفال العراق , وأيضاً وقفنا وقدمنا كل أشكال الدعم المعنوي والمادي للسفارة العراقية على حدٍ سواء في البلد الذي كنا ندرس ومن ثم نعمل فيه , وتشهد على ذلك الكتب الرسمية التي سأنشرها قريباً على موقعي الخاص , للتاريخ وللأجيال كي لا يزاود علينا أحد من الخونة والمرتزقة والانتهازيين السابقين أوالحاليين واللاحقين .
بالعودة لعنوان الموضوع ... يقول المثل الشهير : ( عدو عاقل خير من صديق جاهل ), ويقول سيد البلغاء الإمام علي ع في الصديق (( صديق الجاهل متعوب منكوب )), ويقول عليه السلام أيضاً (( شر الأصحاب سريع الانقلاب )) , وقوله ع في ذم الشماتة والشامتين (( لا تشمت بالمصائب , ولا تدخل في الباطل , ولا تخرج من الحق )) , هذه وغيرها من الصفات .. مذمومة ومكروهة بل ومحرمة بحسب جميع الأديان والأعراف والمواثيق والقيم والأخلاق التي يتصف ويتحلى بها الرجال أصحاب المروءة والقيم والأخلاق والشيم خاصة العرب حتى في زمن الجاهلية .
من هنا نتوجه بهذه الرسالة المقتضبة والنصيحة لهؤلاء الرعاع من أشباه الرجال ولستم برجال كما وصفكم سيد البلغاء الإمام علي عليه السلام حرفياً عندما قال :
(( يا أشباه الرجال ولستم برجال , أخلاقكم رقاق وعهدكم شقاق ودينكم نفاق وماؤكم زعاق المقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه )) , أيعقل يا من تدعون بأنكم تنتسبون لعشيرة " آل حميد " أن تصل بكم الأمور والحقد والكراهية إلى هذا المستوى , ترقصون وتقمزون كالشواذي فوق قبر الرجل الذي أصبح في ذمة الله والتاريخ , وذهب إلى رب كريم غفور رحيم بما له وما عليه قبل أكثر من عشرة سنوات , والآن تأتون من البصرة مهللين مطبلين فرحين بأنكم حققتم نصر ما بعده نصر !, بعد وصولكم إلى قرية العوجة مسقط رأس رئيسكم وأبن بلدكم وقوميتكم هذا إن كنتم عربا ..!؟؟, لترقصوا فوق قبره , وتتنابزون بالألقاب يئس الأسم الفسوق , وتقفون أمام الكامرات لتطلقوا هذه المصطلاحات والعبارات الطائفية والكلمات النابية لكي ترضى عنكم سيدتكم إيران وأتباعها وأراذلها في ماخور المنطقة الغبراء , للأسف لم يشهد التاريخ بما فيه تاريخ العراق القديم والحديث مثل هكذا انحدار وانحطاط , والذي لا يمت كما أشرنا أعلاه وكما نؤكد في جميع طروحاتنا لقيم وشيم العرب عبرالتاريخ البشري , ولكن للأسف الآن بات كل شيء واضح وأن ما جرى ويجري ليست عملية سياسية ديمقراطية وحقوق إنسان كما تشدقت سيدتكم أمريكا ومازالت تتشدق , وكذلك سيدتكم إيران , أو كما تقولون وتدعون أنتم بأن حربكم هي على الإرهاب المزعوم ... بل بأنفسكم أثبتم للعالم أجمع وللقاصي والداني , بأنكم تنفذون أجندة ومشاريع أسيادكم وتخوضون حرباً طائفيةً بإمتياز , وحرب إبادة وتطهير عرقي طائفي , وعملية ثأر وانتقام وتصفية حسابات ممنهجة مع الأموات قبل الأحياء من جميع مكونات الشعب العراقي الرافضين للذل والهوان والخنوع والإستسلام لمشاريع المحتلين .. وأن غداً لناظره قريب .