نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام
تنعقد في العاصمة الأردنية عمان يوم ٢٩ آذار الحالي قمة عربية جديدة نباركها ونتمنى لها النجاح والفلاح لإنجاز مهماتها التي تعلق عليها جماهير شعبنا العربي الآمال وتعلق عليها ألف رجاء ورجاء. ونحن نرى أن التئام قادة الأمة ملوكا ورؤساء وسلاطين وأمراء ضرورة ولا غنى عنها وهو حدث محبب ويرجح آلاف المرات على حالة عدم اللقاء والتشاور.
لكن..
لأننا نؤمن بضرورة أن يستطلع القادة العرب آراء شعبهم ويطلوا على مقترحاته ورؤاه ذلك لأن الصلة التفاعلية الصادقة والخلاقة مع الشعب هي مصدر العظمة والقوة وهي ملهم الإنجازات وروافد الاقتراح والتغيير وسياج الأمان والحماية للسلطات الوطنية العربية وللأمن القومي بصفة إجمالية... لذلك نضع هواجسنا، كجزء من الشعب العربي، ونضع ما نراه قائماً وما يجب أن يقوم.
١- القمة المباركة تضم سلطة العملية الاحتلالية الأمريكية الإيرانية الصهيونية التي أنجبتها قوات الغزو للعراق عام ٢٠٠٣م وهي لا تمثل شعب العراق بل أنها وكل قادة الأمة وزعماءها والعالم يعرفون أنها سلطة فاشلة وفاسدة ودمرت العراق إنساناً وبنى تحتية وفوقية. وليشهد الله إننا كشعب عربي نشعر بخيبة أمل وغيرة على القمة العتيدة أن يجلس فيها ويشارك بأعمالها من تصنفهم أميركا وإيران مثلاً على أنهم موظفين من الدرجة الثانية أو الثالثة عندها. هذه حقيقة لا تمت بصلة للدبلوماسية والإتكيت ونحن شعبكم ولسنا في وارد المناورة اللفظية ولا تزويق ما هو قبيح أجلكم الله في خطابنا لكم.
٢- تنعقد قمتكم العتيدة وسوريا ممزقة. شعبها يباد. ومدنها تدمر. وصارت ساحة لصراعات دولية وإقليمية ولتصفية حسابات نحن أمة العرب ندفع ثمنها دماء وثروات وبؤس. والعجب العجاب أن تنبري سلطة الخضراء العميلة الخائنة لتتولى مسارات الضغط على جامعة الدول العربية ومن خلالها على قمتكم الغراء لعودة نظام الأسد القاتل ليشغل مقعد سوريا في القمة. إن مسعى حكام المنطقة الخضراء ببغداد هو مسعى إيراني تدفعه ذات العوامل التي تجعل المليشيات المذهبية العراقية واللبنانية تعبث بالدم السوري بقيادة قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني. الأمر هنا لا يدخل في باب الحكمة والعقلانية السياسية بل هو مصير سوريا وشعبها وهو برقابكم كلكم دون استثناء.
٣- ليبيا هي القطر العربي الثالث الذي امتدت له القوة الأجنبية الغاشمة لتدمره وتجند بعض أبناءه في عملية التدمير بدءاً ومن ثم تنفذ الأفاعي تدريجياً إلى كامل بناءه الاجتماعي لتمزقه بل أن الدمار قد حل حتى برمال ليبيا. ومرة أخرى وأنتم تعرفون يا أصحاب الفخامة والسيادة والجلالة من هي الدول الأجنبية التي تآمرت على ليبيا ومزقتها وما زالت تمص دمها ونفطها وتفجر المزيد من الصراعات الدموية وتصنع المزيد من الكوارث فيها.
٤- قادة المملكة العربية السعودية والخليج أجدر منا في توصيف ما تتجاسر به إيران عليهم وما تحاول جاهدة عبر حدود العراق بواسطة ميليشياتها وحشدها الشعوبي وفي البحرين والكويت والمملكة إنباته من بذور وعوامل الفتن الطائفية والعرقية. وللأسف فإن قمتنا العتيدة لم تطلق لا رصاص الإنقاذ ولا صرخات الاستغاثة الضرورية لإثبات عدوانية إيران وإقناع مصر والمغرب وتونس والأردن مثلاً بخطر إيران الداهم على الخليج بعد أن ثبتت إيران أقدامها على الكثير من أرض المشرق العربي.
٥- اليمن هو الآخر ما زال ينزف والصراع المرير فيه ما زال مؤجل الحسم إلى أجل غير مسمى والدول الأجنبية تتدخل بهذا الشكل أو ذاك غير أن الفقر والبؤس والمجاعة والإفلاس قد أخذ طريقه بجدارة ليسقط في أتونه كل شعب اليمن المنقسم مقتتلاً بين ما يسمى الشرعية من جهة وما يسمى بالانقلاب من جهة أخرى ورغم أن التحالف العربي الإسلامي قد أعلن من أنه يضرب التدخل الإيراني في اليمن إلا أن الكارثة تعم اليمن الآن كلها ولم يتمكن التحالف من إنجاز مهمته التي مر عليها الآن سنتين والله وحدة يعلم متى تعود اليمن إلى سابق عهدها تسبح بالسعادة!.
إذن.. أصحاب الفخامة والجلالة والسيادة.. ما يقرب من نصف أرض الأمة تحترق بما عليها من بشر ومن حجر وشجر ولا أحد ينقذها ويمنع امتداد الحرائق إلى المزيد من الأرض العربية وبلدانها غير قرارات حاسمة تاريخية تصدر من قمتكم العتيدة التي تلتئم بالقرب من فلسطين التي لن نضعها رقماً مع الأرقام المستجدة بعد غزو العراق في تعداد الضراء التي حلت بنا كأمة بعد غزو العراق واحتلاله وكنتيجة طبيعية له وبما يثبت للجميع (المصدقين والمكابرين) من أن الأمن العربي مترابط كترابط أعضاء الجسد الذي قال عنه رسول الرحمة محمد صلى الله عليه واله وسلم بأنه يتداعى كله بالسهر والحمى إن أصيب منه جزء أو عضو. وتجربة العرب مع الأمان الذي منحوه لـ (إسرائيل) لم تثمر لا أمان لهم ولا توقفت الدولة الصهيونية عن عدوانها على العرب.
هذا هو المطلوب من القمة قدر تعلق الأمر بنا كعرب:
تحالف عربي يفعل اتفاقية الدفاع المشترك فوراً يدخل الأرض والميادين ويعدل الاعوجاج والفوضى والخراب ويوقف سفك الدماء في كل الأقطار التي مسها الضر بعد سقوط جدار السد وبوابته العراق .
أمن الأنسان العربي والحفاظ على حياته أولويه وأرجحية لا تضاهيها أولوية ولا أرجحية. ولن نطالبكم بوحدة اقتصادية عربية ولا تكامل اقتصادي ولا فتح الحدود للمشتغلين من المزارعين والعمال وأساتذة الجامعات والخبراء والمستشارين الذين تتعاقد معهم العديد من أقطارنا من الدول الآسيوية والأفريقية وأروبا والأمريكيتين فهكذا مطالبات صارت محض ترف إزاء رخص الدم والرقاب والإنسانية المستباحة مع الكرامة لملايين العرب ولأننا نعرف أن مطالب كهذه لن تجد آذناً صاغية من القمة.
نحن كشعب عربي نرى بعين المحب لكم حتى ونحن نمارس مظاهر الحقد والكراهية لمنتجات أنظمتكم التي هي أنظمتنا أن بوسعكم عمل الكثير لوقف العدوان الأجنبي علينا. بوسع رؤوس أموالكم إذا زعلت على أمريكا وبريطانيا أن تغير مئات البوصلات وبوسع النفط إذا صرخ مستجيراً أن يجعل دولاً ترضخ بالحق والإحسان لا بالحرب التي نعرف أن كثيرين منكم لا طاقة لهم عليها وكثير منكم حكماء في تجنبها والنأي عن مسبباتها فعلاً أو رد فعل… نحن شعبكم نرى أن بوسعكم أن تعاتبوا أمريكا وأروبا وروسيا عتب (أخوي) قد يفضي إلى إعادة نظرهم في تسليط قوتهم الغاشمة ويقلصوا بعض جشعهم الذي يستهدف شمسنا وماءنا وغازنا وبترولنا وإنساننا أو على الأقل احترامنا مقابل ما يحتكرونه من ثرواتنا.. فشعبكم يرى بوضوح لا لبس فيه أن كل ما يسلطونه علينا يحصل وينفذ مترافقاً مع الإهانة لنا كأمة.
لا تستكثروا علينا بضعة دقائق لقراءة هذه الرسالة ونحن نرى أنها تصلح أن توصف على بساطتها بأنها أعظم جدول أعمال لقمتكم المباركة
عاشت أمتنا
عاشت فلسطين
الحرية والاستقلال لكل بلادنا المنكوبة ببعض أبناءها أو من سواهم.