ما انفكّت تتصاعد الدّعوات والمطالبة بضرورة انكباب العرب رسميّين ونخبا وجماهير على العمل جدّيّا على دعم الأحواز العربيّة وإسناد شعبها الثّائر بوجه الاحتلال الإيرانيّ الفارسيّ البغيض وتعزيز سبل صمود الأحوازيّين ضدّ السّياسات الغاشمة التي ينتهجها نظام الملالي وهي السّياسات الأكثر عنصريّة وساديّة وتخلّفا وإجراما في هذا العصر.
ورغم تنامي الخطر الإيرانيّ وجلاء نزعة الفرس التّوسّعيّة ومجاهرة أقطاب النّظام الصّفويّ بمخطّطاتهم العدوانيّة ضدّ العرب، ورغم سلسة الاعتداءات الفارسيّة الآثمة المفتوحة ضدّ العرب في كلّ من الأحواز والعراق وسوريّة واليمن علاوة على مساعي التّسرّب النّاعم في مصر والسّودان وأقطار المغرب العربيّ، ورغم رصد ملامح استفاقة عربيّة رسميّة – وإن كانت متأخرّة نسبيّا – وإدراك للتّهديد الفارسيّ المصيريّ للعرب، ورغم تزامن كلّ ذلك مع انتفاضة عارمة عمّت أغلب ربوع الأحواز في مراكمة للمقاومة الأحوازيّة الصّامدة، فإنّ الدّعم العربيّ للأحواز ظلّ خجولا ودون المأمول في الحدود الدّنيا.
وفي الحقيقة، لا يمكن للعرب حسم صراعهم مع العدوّ الفارسيّ وتوفير ممهدّات النّجاح الكامل لقبر أحلام الملالي ومستلزماته كافّة بدون اتّخاذ ثلاثة قرارات فوريّة :
*أ- تحديد الأولويّات الاستراتيجيّة العربيّة وترتيب الأعداء والأخطار والاتّفاق على أنّ العدوّ الفارسيّ يتصدّر قائمة التّهديدات للوجود العربيّ وإحياء التّضامن العربيّ بعيدا عن الحسابات الضّيّقة وتغذية الشّعور القوميّ لدى الجماهير والاستجابة لانتظاراتها وتعزيز صمودها.
*ب- الانخراط في المشروع التّحرّريّ الوطنيّ والقوميّ والإنسانيّ للمقاومة العراقيّة وبرنامجها السّياسيّ والقطع مع جميع أشكال التّعامل مع العمليّة السّياسيّة المتهالكة في العراق.
*ج- توفير كلّ سبل الدّعم للأحواز العربيّة سياسيّا وديبلوماسيّا وقانونيّا واقتصاديّا وأدبيّا ومعنويّا والعمل الجدّي على تحريرها من الاحتلال الفارسيّ الاستيطانيّ والعنصريّ والشّعوبيّ.
إنّه لا مناص للعرب الرّسميّين وإذا ما تداعوا فعلا لا ادّعاء لدرء الخطر الفارسيّ الصّفويّ وتحجيم آثاره وتبعاته الكارثيّة، من البدء مباشرة باتّخاذ كلّ الإجراءات القانونيّة الضّامنة لمنح الأحواز العربيّة مقعدا داخل جامعة الدّول العربيّة ليكون ذلك منطلقا لتدويل قضيّة الأحواز وطرحها في كلّ الفضاءات الدّوليّة وبسط مظلمتها المستمرّة منذ تسعة عقود وتسويق معاناة شعبها بفعل ما ترتكبه الآلة التّدميريّة الفارسيّة من أعمال إرهابيّة وموغلة في التّطرّف والعنصريّة وهو ما تعبّر عنه سياسات التّفريس وطمس معالم الهويّة العربيّة للأحواز وتعانق ذروتها بالإعدامات الوحشيّة خارج أطر القانون وبالتّغيير الدّيموغرافيّ الذي بات الفرس يعمّمونه بشكل جنونيّ في العراق وسوريّة ناهيك عن بقيّة مظاهر الحيف والتّهميش والحرمان من أبسط الحقوق المشروعة في حياة تحترم كرامة الإنسان في حدودها الدّنيا.
وإنّ سبل دعم الأحواز لن تتوقّف عربيّا عند هذه الجوانب، بل يجب أن ترفق بقرارات شجاعة وسياسات جريئة أخرى تنبع وجوبا من ضرورة تحمّل العرب الرّسميّين لواجباتهم الأخلاقيّة والسّياسيّة والقوميّة تجاه الأحواز وهو ما يستدعي توحيد التّعامل مع إيران الذي يستوجب خيارات متنوّعة ستضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، ولا يكون ذلك إلاّ بــ:
1- كسر التّعتيم الإعلاميّ المفروض على الأحواز العربيّة، وذلك بتخصيص مساحات إعلاميّة واسعة وهادفة وعميقة وثريّة لمزيد التّعريف بالأحواز من جهة وتعرية الجرائم الفارسيّة بحقّها.
2- مقاطعة السّلع والبضائع الفارسيّة، وسنّ سياسات عقابيّة على المستوى الاقتصاديّ ضدّ إيران.
3- احتضان فصائل المقاومة الأحوازيّة ودعمها ماليّا وعسكريّا، والعمل على توحيد مختلف المكوّنات السّياسيّة الأحوازيّة والقطع فورا مع جميع نوازع الاحتواء أو التّوظيف أو المحاور.
4- اعتماد مناهج تعليميّة موحّدة تتوافق مع أهمّية الأحواز في المعادلة القوميّة العربيّة وخصوصا مع نضالات شعبها والتي تمحورت دوما حول التّمسّك بهويّتها العربيّة الأصيلة.
5- تشجيع انتفاضات الشّعوب الإيرانيّة غير الفارسيّة في إيران كالبلوش والأذربيجيّين والأكراد بما من شأنه أن يعمّق أزمات نظام ولاية الفقيه ويخفّف من وطأة استهدافه الإجراميّ للأحوازيّين وبالتّالي يضعف قدرته على إخماد ثورة الأحواز ويعزّز فرص تتويج الكفاح الأحوازيّ بالاستقلال نهائيّا.
إنّ إدراك العرب للخطر الفارسيّ سيظلّ عقيما ما لم تترجمه على أرض الواقع إرادة فعليّة لتقليم أظافر منظومة ولاية الفقيه وتفكيك بنيتها وإجهاض مخطّطاتها التّوسّعيّة العدوانيّة الشّيطانيّة على حساب العرب، ولا بدّ لسنام تلك المجهودات أن يصبّ في اتّجاهين مهمّين وأساسيّين وهما طرد إيران من العراق بما يستوجبه من انفتاح فوريّ على مقاومته من جهة و بنفس الأهميّة في الأحواز العربيّة من جهة ثانية لأنّ استعادتها للحاضنة العربيّة ستشكّل ضربة قاصمة للنّظام الإيرانيّ المجرم وذلك لحرمانه من عائدات خزّان الثّروات والطّاقة الاستراتيجيّ له وهو الذي يتركّز في الأحواز التي تشكّل حوالي 90 بالمائة من مقدّرات إيران، كما سيمثّل تحرير الأحواز عامل تحفيز إضافيّ لشعوب الهضبة الإيرانيّة من خارج القوميّة الفارسيّة لتكثيف ضرباتها للنّظام العنصريّ الفارسيّ ما سيدفع بولاية الفقيه للانحسار والانكفاء على ذاتها وبالتّالي الاندحار المذموم.
أنيس الهمّامي
نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في 16-03-2017