اكاد اجزم بان الابادة الجماعية لالاف المدنيين في الموصل جزء من الخطة الرسمية لمن يقصف بلا رحمة ولا توقف منذ شهور وهو يعرف حق المعرفة انه يقصف المدنيين ، وهذه الحقيقة تنطبق على القصف في سوريا ايضا ، فما يسمى التحالف الدولي الذي يتولى عمليات القصف بالطائرات وبالصواريخ والاسلحة الثقيلة يعرف جيدا ما يفعله لانه مزود باجهزة متقدمة يفخر بها يستطيع بواسطتها تجنب قتل المدنيين او على الاقل تقليل خسائرهم ولكنه تحالف قام اصلا على هدف اكمال تدمير ما بقي من العراق وسوريا وليبيا سليما من العمران بكافة اشكاله وابادة اكبر عدد ممكن من المواطنيين العرب ، وهذا الامر ينطبق اكثر على حكومة عبيد اسرائيل الشرقية في المنطقة الخضراء ببغداد .
طبقا لوكالة الانباء الالمانية دفن نتيجة للقصف الامريكي والشعوبي الايراني اكثر من 2070 موصليا تحت الانقاض في يوم واحد والضحايا كلهم ابرياء ولا صلة لهم بما يحدث ، وهذه الجريمة تتكرر وبلا توقف او اعادة نظر وتدقيق كل بضعة ايام منذ شهور ، وهنا بيت القصيد فالمطلوب هو انهاء عروبة العراق وسوريا وكل قطر عربي ، وذلك لن يتم الا اذا وضع الانسان امام اختيار حاسم بين الموت بطريقة هي الاكثر بشاعة : الدفن حيا والموت اختناقا تحت انقاض ما دمره القصف او الهجرة من العراق وسوريا وغيرهما والكفر بالانسانية والتحول الى مخلوقات يائسة تسعى للانتقام وهو ايضا ما تحتاجه امريكا واطراف اوربية كذريعة كي تصعد موجة العداء للعرب !
الابادة الجماعية لاهل الموصل اذا وبجزم تام خطة مدبرة تماما كما كانت خطة ابادة الالاف من مواطني الانبار وصلاح الدين ومحيط بغداد وديالى وحلب ومدن كثيرة في العراق وسوريا واليمن وليبيا ، وهي خطة عامة تستهدف تحقيق ما يلي:
1-قتل اكبر عدد ممكن من العرب في كافة اقطارهم ، للقضاء على التركيبة السكانية الاصلية بتقليل نسبة العرب وزيادة نسبة غير العرب فيها من جهة ، وتوطين اخرين من خارج نينوى والمدن العربية التقليدية من جهة ثانية لاجل زيادة نسبة المكونات الطائفية او العنصرية التي كانت تشكل نسبة بسيطة وهكذا يعاد تشكيل المدن العربية الاصلية وتغير هويتها العربية تدريجيا .
2- اجبار من تبقى على قيد الحياة من العرب على الهجرة الى مناطق اخرى خارج وداخل القطر .
3-الحاق دمار شامل بمؤسسات المدن وبناها التحتية بحيث تصبح غير صالحة للحياة البشرية لفترة طويلة وهو احد اهم شروط تعظيم الوفيات وجعلها مأساة لا تتوقف ، كما انه من شروط توفير مشاريع اعادة اعمار للشركات الغربية كي تضيف نهبا اخرا من العرب .
4-زرع عداءات متجذرة بين السكان العرب الاصليين وبين من وطن محلهم رغما عنهم وهو هدف مهم جدا لامريكا والاسرائيليتين الشرقية والغربية .
5- ما يجري في سوريا يقدم دليلا اخرا قويا على ان امريكا تتعمد ابادة عرب الموصل وارهابهم لاجبارهم على الهجرة من الموصل ففي سوريا تقوم امريكا منذ تدخلها في الشأن السوري بلعبتين خطيرتين :
اللعبة الاولى تبديل الدعم لاجل ادامة الحرب ومنع توقفها فهي في البداية دعمت اطرافا في المعارضة وعندما وصلت المعارضة حد التمكن من اسقاط النظام غيرت موقفها ودعمت نظام اسد عبر التخلي عن هدف اسقاطه والاصرار على الحل السلمي في سوريا مع ا نها كانت ترفضه بشده ، وهذه اللعبة معروفة وواضحة فكلما ضعف طرف وكادت الحرب تحسم غيرت امريكا موقفها ودعمت الضعيف كي يقوى وهكذا تستمر الحرب وتزداد الخسائر البشرية والمادية وصولا لانهيار الجميع وتحطيم المدن وقبلها واهم منها تحطيم نفوس الناس .
اما اللعبة الثانية فهي تعزيز وتعظيم قوة اقليات صغيرة مثل جماعة كردية انفصالية بدعمها سياسيا وتزويدها باسلحة متقدمة وثقيلة واعدادها لعمليات تحرير مناطق من داعش خصوصا الرقة لاجل منحها حق الحكم لاحقا في مناطق سورية لم تكن لها ولم تصل اليها الابفضل الامريكيين وكانت عربية صرفة ، واكبر دليل على ذلك هو ان امريكا تتعمد ابعاد تركيا عن عمليات تحرير الرقة والاعتماد على التنظيم الكردي الانفصالي رغم ان تركيا دولة حليفة لامريكا وعضو في النيتو ولديها جيش محترف وقوي ويستطيع حسم المعارك افضل من جماعات تعلمت القتال مؤخرا وتلك شروط تجعل الدور التركي حتميا من ناحية عسكرية او سياسية عامة ولكن امريكا تعمل بعكس ذلك تماما وتبعد تركيا وتدعم جماعة كردية انفصالية .
وهذه الواقعة تشير الى رغبة امريكا في الحاق اكبر دمار ممكن بالرقة والمدن السورية من خلال الاعتماد على ميليشيات لايرقى مستواها العسكري الى شرط الاحتراف العسكري بينما لو اعتمدت على تركيا في تحرير الرقة لقلت الخسائر وانخفضت نسبة الدمار . وهذه الحالة نراها بالتمام والكمال في الموصل الان وقبلها في الانبار وصلاح الدين وديالى ومحيط بغداد ، فرفض امريكا تطوع مئات الضباط من الجيش الوطني ورفض ما سمي بالحشد الوطني من اهل الموصل للقيام بالقضاء على داعش او الامساك بالارض بعد طردها كان الهدف منه الاعتماد على ميليشيات الحشد الشعوبي وجيش محمد العاكول الحالي غير المؤهل للقتال المحترف وعلى الشرطة الاتحادية المنخورة بالفساد والطائفية وهي شروط مطلوبة لزيادة الكوارث بمعدلات هندسية في الموصل .
ما تقوم به امريكا وفي العراق وسوريا وليبيا واليمن من تجنب الحسم بسرعة وتعمد اطالة المعارك وزيادة الاستنزاف البشري والمادي للعرب والاعتماد على ميليشيات غير مؤهلة عسكريا ومحملة باحقاد وثارات يقصد به الوصول الى انهاء القومية العربية عن طريق:
أ-منح نوع من المشروعية لميليشيات الاقليات العنصرية مثل الكردية والطائفية مثل الحشد والحوثيين .
ب- اعداد هذه الميليشيات لتولي مهمة امساك المناطق التي يطرد منها الارهاب بدل اهلها الاصليين كما حصل في ديالى ومحيط بغداد وبعض الانبار وصلاح الدين وكما حصل في حلب ومدن سورية اخرى ، او تعزيز قبضتها على المناطق التي توجد فيها وتحويلها الى مناطق مستقلة عن السلطة المركزية مثل الحوثيين .
ج- جلب سكان اخرين من مناطق اخرى او من جنسيات غير عربية وتوطينهم بدل عرب العراق وسوريا .
د- منح هذه الكيانات المصطنعة سلطة حكم منطقة فدرالية وعزلها عن المركز السوري او العراقي او اليمني او الليبي ، وتلك الخطوات تمهد حتما لتقسيم القطر لاحقا الى دويلات لاستحالة التعايش بينها لان امريكا ومن معها سوف يواصلون نشر الفتن وصولا للتقسيم المخطط له .
ه- منح اسرائيل الغربية مناطق نفوذ في العراق وسوريا مباشرة تحت اغطية عديدة منها اعادة اليهود الى مناطق كانوا فيها ، او شراء مناطق لم يكونوا فيها يوما كما يجري الان في شمال العراق وهذه المناطق تستخدم كقواعد داخل العراق وسوريا لخدمة اسرائيل الغربية وامريكا مباشرة مخابراتيا وعسكريا لاحقا .
ما يجري اذا هو تطبيق ما فرضته ادارة بوش الصغير وتبنته كل من ادارة باراك اوباما ودونالد ترامب لانه خطة صهيوامريكية مقرة وهي تقسيم الاقطار العربية على ان يبدأ التقسيم بفرض (الفدرالية) في العراق وسوريا واليمن وليبيا وهي في الواقع كونفدرالية لانها تقوم على وجود ميليشيات خاصة تحول لاحقا الى جيش اضافة الى مبدا ( الثروة لمن يعيش فوقها ) والذي وضعه الاحتلال الامريكي في دستور بريمر في العراق وفي خطة بن عمر في اليمن والان يطبق في سوريا ايضا لاجل تقديم رشا لكتل من الناس جاعت وتعذبت خلال سنوات الحرب ولذلك ستقبل بهذا للمبدأ الخطير والذي ينسف مبدا سيادة الدولة الوطنية على كل اراضيها وثروتها الوطنية ويمهد للتقسيم الرسمي لاحقا .
5-ظهور داعش كان لاجل تحقيق ما رايناه في الانبار وصلاح الدين والان في نينوى فوجودها كان المبرر الرئيس والغطاء المحكم لتنفيذ خطة تغيير التكوين السكاني للعراق وسوريا واليمن وليبيا خصوصا وان امريكا كانت تراقب ببرود انتشار داعش بطريقة تؤكد ان امريكا ومعها الغرب يريد لداعش الانتشار والسيطرة لتصعيد حروب الابادة الجماعية للعرب ونقلها من السرية للعلن ومن المحدودية الى العمومية . بالاضافة لذلك نفذت داعش عمليات ارهابية في اوربا ضد مدنيين واستخدمت تلك العمليات لتكوين راي عام معاد للعرب والمسلمين ويدعم زيادة العسكرة في العالم وشن الحروب على العرب والمسلمين واعادة تشكيل العالم كله تحت غطاء محاربة الارهاب .
ان هذه الاهداف المخطط لها تحققت في الانبار وديالى وصلاح الدين وبدرجات متفاوتة ولهذا فان تطبيقها في الموصل وسوريا واليمن وليبيا واضح ولا يحتاج لاثبات خصوصا لان المجازر البشعة التي ارتكبت بحق مدنيين عزل وثقت بالافلام والصور المرعبة لما جرى وكانت الموصل وحلب تبدوان فيها كأنهما ضربتا بقنابل ذرية لشدة الدمار واتساع نطاقه . ان القسوة المتطرفة التي اظهرها التحالف الدولي وحكومة نغول اسرائيل الشرقية تكفي لحسم القناعة المترسخة بان الابادة الجماعية وتدمير المدن كليا هدف متعمد مادامت امريكا وشريكتها في الجريمة اسرائيل الشرقية تتعاونان وتتصارعان بنفس الوقت وهو ما نراه بوضوح لاجل تقسيم وتقاسم الاقطار العربية خصوصا العراق وسوريا بينهما على حساب عروبة الوطن العربي .
Almukhtar44@gmail.com
27-3-2017