كاظم عبد الحسين عباس
بعد الانتهاء من داعش ستطفو على سطح الأحداث مئات الأمور المعقدة التي تتطلب حلولاً سريعة ومئات التساؤلات التي تستوجب تقديم إجابات وافية ومقنعه.
ما دامت أميركا وبريطانيا ودول غربية وشرقية أخرى قد تدخلت بتشكيلات عسكرية على الأرض في معركة الموصل فلا بد أن تكون لهذه الدول رؤى وتوجهات هي غير رؤى إيران ومن يمثلها في سلطة الاحتلال في المنطقة الخضراء.
فإذا كان تقسيم العراق إلى أقاليم هو هدف أميركا الذي ستعمل عليه وتدعمه فإن الحشد الشعوبي الذي يصوره البعض على أنه (قوة خارقة) ستنحصر في خارطة محددة هي أقل من نصف العراق وستسقط رهانات نوري المالكي وهادي العامري ومن يطبل لهم في السيطرة على السلطة التي تحكم كل العراق.
هنا مشكلة حقيقية سيواجهها العراقيون الذين فقدوا أولادهم في الحروب التي اختلقتها إيران وأميركا وحزب الدعوة من خلال خلق داعش ومنحها فرصة السيطرة على نصف جغرافية العراق وما عليها. ستكون المقدسات التي دافع عنها الحشد الشعوبي وسفك دماء ما يقرب من أجزاء المليون من العراقيين خارج سيطرة (الأحزاب والمليشيات المقدسة).
ولا بد أن تتشكل ردود فعل خطيرة من قبل شعبنا في الفرات الأوسط والجنوب هي ردود فعل الدم الضائع هذه المرة وليست ردود فعل على الفساد. وهنا على نوري وأعوانه أن يتذكروا ابن شيخ العشيرة الذي ذبح أبوه في البصرة قبل أيام ليغسل العار الذي ألحقه أبوه الشيخ بالعشيرة، أبوه الشيخ الذي كان يسير كتفاً بكتف إلى جنب عمار الحكيم ويعتمد عليه كأحد ( رجاله) للمهمات القذرة . عليهم أن يأخذوا العبرة من الحدث ودلالاته المتعددة ومنها أن العراقي لا يخضع طويلاً ولا يترك حقه وإنه ينتفض حين يقتنع أن أدعياء القدسية قد داسوا على المقدسات والشرف ومن يذبح أبوه لا يصعب عليه ذبح نوري والعبادي وعمار وسليم والسامرائي ممن تسببوا بمآسي البلاد والعباد.
الاحتمال الآخر.. أن ترفض الأحزاب والمليشيات والحشد الصفوي قرار تشكيل الإقليم فتلجأ إلى ممارسة قوتها (الخارقة) وعندها سيتحول العراق إلى ساحة حرب أهلية لا يعلم نتائجها المدمرة غير الله وسيكون لخميس الخنجر وأسامة النجيفي وصالح المطلك وسليم الجبوري حكاية أخرى قد يمكننا توقع بعض فصولها غير أن نهاياتها لا يعلمها إلا الله والمؤكد أن تجارتهم ورؤوس أموالهم ستكون حاضرة بقصد الزيادة والتوسع على حساب الدم العراقي وسلامة البلاد التي غدروا بها غير أن الخاتمة لن تسرهم حتماً لأن نهايات الحروب الأهلية معروفة ومقروءة.
الاحتمال الآخر الذي سيكون حاضراً سواءً تم الإقليم أم لم يتم وهو الذي صرح به أمين عام حزب البعث العربي الاشتراكي والقائد الأعلى للجهاد والتحرير الرفيق المجاهد عزة إبراهيم الذي يمتلك تنظيماً قوياً وجيوش وكتائب وفصائل مجاهدة ستستأنف قتالها الشرس لتحرير العراق بعد أن أوقفت القتال حتى انهاء أمر داعش دون التدخل كطرف به . وفوتت الفرصة على حكومة الاحتلال وإيران وأميركا التي أنشأت داعش أصلاً لهذا الغرض (أي لخلق الاقتتال بين داعش والبعث وفصائل المقاومة لأبادتها واستكمال آخر فصل من فصول الاجتثاث المجرم). وسيشهد التاريخ أن ذكاء وفطنة وخبرة قيادة الحزب ورجال القيادة العامة للقوات المسلحة البطلة كانت حاضرة وأسقطت أخطر خطة خبيثة لإنهاء رجال البعث والمقاومة وأرغمت هذه الأطراف على الصراع المباشر مع داعش ظاهرياً وعلى نطاق ضيق جداً في حين وجهت كامل قدراتها الغاشمة لتدمير محافظات الثورة والمقاومة حنقاً وغضباً وثأراً لفشلها الذريع في تحقيق هدف الاقتتال بين داعش والبعث والمقاومة وهو القرار التاريخي الذي حفظ رجال الحزب وفصائل المقاومة وهم الآن على أهبة الاستعداد وفور انتهاء معركة الموصل لاستئناف عملياتهم البطولية على كل ساحة العراق وليس فقط في المحافظات التي دمرت بذريعة داعش.
لذلك:
نرى أن على شعب العراق وقواه الوطنية والقومية والإسلامية (البعيدة عن الطائفية) أن يلتفوا حول البعث والمقاومة ويتحركوا بأسرع وقت في الجنوب والفرات الأوسط لإنهاء سلطة من خدعوهم وأضاعوا رجالهم وشبابهم في معارك لا رابح من وراءها غير دول الاحتلال وأولها إيران وأميركا والصهيونية وكيانها المسخ.
المعركة الرابحة هي معركة العراق وشعبه كل شعبه . ومقاومته الباسلة وستقبر مؤامرات الإقليم بشقيه المذهبيين الغاشمين وستقبر مؤامرات تقسيم العراق وإيجاد موطئ قدم ثابت لإيران في جناح الوطن الجنوبي والوسط.
إن إدراك التداعيات المحتملة كلها سيفضي إلى خلاصة بديهية هي أن الإقليم والاحتلال والحشد الشعوبي والمليشيات وكل ما دار ويدور في فلك العملية السياسية هي استنزاف للدم وللثروات وأن الشعب العراقي برمته هو الخاسر الوحيد وبالتالي فإن إنهاء المأساة برمتها لن يتحقق إلا بتحرير العراق بالمقاومة وسواندها وهو الطريق الأقصر لحقن الدم وحماية الأرض والعرض بحماية وحدة الوطن واستقلاله وحكم شعب العراق لنفسه بنفسه.