تتواتر ما بين الفينة والأخرى أخبار عن انعقاد مؤتمرات هناك وهناك في مختلف أصقاع الدّنيا يروّج القائمون عليها والمشاركون فيها لرواية السّعي لإحداث تغيير نوعيّ في المشهد العراقيّ وحلحلة الوضع المأزوم والكارثيّ في العراق منذ الغزو الامبرياليّ الأمريكيّ البربريّ لليوم.
وغلبت المحاصصات الطّائفيّة والحسابات السّياسيّة الشّخصيّة الضّيّقة التي تحكم تلك الوجوه التي تدّعي زورا وبهتانا سعيها لتخليص العراق وشعبه من الويلات ومظاهر الدّمار التي يرزح تحتها، منكرة أنّها أحد أهمّ الأقطاب الضّالعة فيما آل إليه حال بلاد ما بين النّهرين بالنّظر لتاريخهم المخزي والمهين والمترع عمالة وارتباطا بالأجانب وخصوصا الأعداء الذين حاكوا للعراق وشعبه ونظامه ودولته العزيزة القوية متينة البنيان كلّ المؤامرات والدّسائس.
تتوزّع هذه المؤتمرات كلّها بين دلالتين فارقتين تعرّي كذب مؤثّثيها ومتاجرتهم بآلام العراقيّين ومآسيهم، ذلك أنّها تلتئم جميعا خارج العراق من جهة، ويتسابق إليها من جهة ثانية كلّ أطياف الفاشلين والعملاء الذين ملّهم العراق وشعبه وتبيّن عجزهم عن التّعاطي مع انتظارات الجماهير وتكرّرت وانكشفت مؤامراتهم حيث لا حسّ اخلاقيّ ولا وطنيّ يدفعانهم، بل على النّقيض تماما لأنّهم لا يهتمّون ولا ينشغلون بمصالح العراق مطلقا.
إذ كيف للعراقيّين أن يطمئنّوا لمن باركوا الاحتلال وانضبطوا لمخطّطاته وكدّسوا الثّروات في مصارف أسيادهم في واشنطن ولندن وطهران وعواصم أوروبّا الأخرى نتيجة سرقاتهم لمقدّرات العراق والتّفويت فيها بالدّينار الرّمزي لكلّ النّاهبين والطّامعين؟ وكيف يستوي أن يقنع هؤلاء المجرمون أبسط عراقيّ بأنّ الهدف من هذه المؤتمرات الفاشلة إنّما هو تطويق الأزمة ؟
إنّ مصلحة العراق وتطلّعات شعبه لا تلبّيها مؤتمرات تفوح منها الرّوائح النّتنة للمخطّطات الطّائفيّة سواء ادّعت أنّها "شيعيّة " أو " سنيّة " . ولقد ارتقى وعي العراقيّين وترسّخت قناعاتهم بأنّ الاصطفاف الطّائفيّ والتّعكّز على الانتماءات المذهبيّة والعرقيّة والطّائفيّة هي مجرّد أسلحة تخديريّة القصد منها مزيد إثخان جراح بلاد الرّافدين. ولقد صدحت الحناجر العراقيّة طويلا هاتفة ضدّ هذه المخطّطات الآثمة والنّزعات الإجراميّة للمعمّمين سواء كانوا من أصحاب العمائم البيض أم السّود، وأكّد أبناء العراق على أنّ انتماءهم للعراق العربيّ الواحد أمتن وأقوى من أيّ انتماء آخر.
ارتكبت في العراق عشرات آلاف المجازر الطّائفيّة بإشراف أمريكيّ وفارسيّ مباشر، وبمشاركة مؤكّدة من هؤلاء الذين يتقاطرون على المؤتمرات كلّما أذن لهم أسيادهم بذلك، وما اجتماع تركيا الأخير إلاّ انصياع لأوامر معيّنة رغم ما رافقته من محاولات للإيهام بأنّ تخليص سكّان المحافظات العراقيّة وخاصّة الغربيّة ذات الغالبيّة " السّنيّة " ممّا يلاقونه هو دافع انعقاد المؤتمر.
وكما كان منتظرا، انتهى هذا المؤتمر كسابقيه للفشل الذّريع، لأنّه انبنى على نفس ما انبنت عليه المؤتمرات الطّائفيّة السّابقة سواء تلك التي رعتها وخطّطت لها إيران الفارسيّة أو تلك التي رعتها غيرها ، ولأنّه مؤتمر يسعى لتثبيت صراع موهوم ومغلوط يقوم على النّزاع السّنّي الشّيعيّ المفتعل والذي هو أحد خيارات الاستعمار والاحتلال ومتلازمته الأشهر " فرّق .. تَسٌدْ ".
ويأتي هذا المؤتمر ليثبّت مرّة أخرى حقيقة أنّ حسم الملفّ العراقيّ لا يمكن أن يتمّ دون تحرير العراق وتقويض كلّ ما ترتّب عنه من عمليّة سياسيّة جاسوسيّة فاشلة، وهو الأمر الذي لن تحقّقه إلاّ المقاومة العراقيّة الباسلة وهي المقاومة الوطنيّة والقوميّة والإسلاميّة التي يقودها حزب البعث العراقيّ بإشراف الرّفيق القائد المناضل شيخ المجاهدين عزّة إبراهيم أمين عامّ البعث والأمين العامّ لجبهة الجهاد والتّحرير.
إنّ الحلّ العراقيّ لن تبلوره إلاّ سواعد أبنائه ورجالاته الأبرار، أولئك الذين تصدّوا للاحتلال ودسائسه منذ فجر اليوم الأوّل للغزو البربريّ، وأولئك الذين تصدّوا أيضا ببسالة نادرة لكلّ حيل التّحالف الكونيّ الشّيطانيّ المجرم الذي يعمل جاهدا لفدرلة العراق وتقسيمه لأقاليم تقوم على مقوّمات متخلّفة طائفيّة وإثنيّة.
وعليه، فإنّ طوق نجاة العراق وشعبه وضمانة وحدته التّرابيّة بيد القوى المخلصة التي لم تهادن المحتلّ، وبذلت أرقى التّضحيات للحيلولة دون تمزيق بلاد الرّافدين وهو ما تهيّأ لبعض من حضر من اللّصوص وزمرة الخائبين المشاركين بالعملية المخابراتبة (السياسية) المجتمعين في تركيا أنّهم قادرون على التّمويه على العراقيّين والعرب. ولكن هيهات هيهات ان تمرّ مشاريع تقسيم العراق رغم كلّ ما يعيشه من ظروف ادلهمّت فيها شتّى صروف الخطوب.
والعتب كل العتب على من تورط للحضور مع القتلة والسراق من خدم بوش وبريمر المشاركين. بلعبة العملية السياسية الامريكية الايرانية التي اوجدوها بعد احتلال العراق . وليعلم هؤلاء ان الخائن يبقى خائن . والخيانة لا تتجزأ .
أنيس الهمّامي
نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في 10-03-2017