نغول إيران، ومن نجحوا في التّغرير به أو استمالته دون أن يدرك، وبعد أن استشعروا انتقال نظام الملالي من مرحلة المدّ إلى الجزر فيما يشبه التّقوقع والانكفاء على الذّات بفعل المتغيّرات الدّوليّة من جهة، والأزمات الدّاخليّة التي تعصف بمنظومة الشّرّ بسبب تفاقم السّخط الشّعبيّ العارم وتململ الشّعوب غير الفارسيّة وخاصّة ثورة الأحواز العربيّة المتواصلة من جهة ثانية .ما اضطرّ إيران لبحث سبل الخلاص من هذه الأزمة خصوصا وقد أضحت عاجزة عن تغطية مستلزمات تمطّطها داخل الوطن العربيّ، ومن باب التّنفيس على أربابهم الأشرار، عمدوا لخلط الاوراق مجدّدا وذلك بـــ:
* معاودة اللّطم والترويج للاسطوانة المشروخة حول ممانعة للنّظام الأسديّ الطّائفيّ والتّركيز على أنّ الجرائم التي يرتكبها يوميّا إنّما لا تزيد عن كونها دفاعا عن النّفس وعن أمن سوريّة ووحدتها منكرين قافزين على عشرات آلاف ضحاياه من الأبرياء العزّل ومتعكّزين على الخطر الإرهابيّ ممثّلا في داعش والذي هو أصلا من العوامل التي استفاد منها ذات النّظام تحديدا.
* اتّهام كلّ من يشير بالبنان لجرائم النّظام السّوريّ بالطّأئفيّة والوهّابيّة في حصر ركيك ومبتذل لحقيقة الأحداث، وفي تدليل على سطحيّة طروحاتهم المبنيّة على رؤية جورج بوش "إن لم تكن معي فأنت ضدّي "
وإنّ أخطر ما في حيلهم ودسائسهم قطعا لا يتوقّف عند مساندة نظام الإجرام والبراميل المتفجّرة والعمالة والطّأئفيّة في دمشق الكسيرة، ولكن في اختيارهم لهذا التّوقيت لمعاودة شغل الأنظار عن كلّ الفظاعات الوحشيّة وغير المسبوقة التي يتعرّض لها أهلنا في الموصل وللتّعمية عن دور أسيادهم وحلفائهم في مجزرة الجانب الأيمن من كبرى مدن العراق.
ليس من باب التّجنّي أو الادّعاء ولا الرّجم بالغيب، ولكن كلّ تلك المجاميع المتخاذلة المتظاهرة برفع لواء القوميّة والقوميّة منهم براء، لم نسمع ولم نسجّل لهم موقفا يتيما واحدا يدين الجحيم المستعر والمتواصل بالموصل..
لقد صمتوا عن كلّ ما ارتكب في العراق وتجاهلوا التّدمير الممنهج لمدنه وقراه، واستلطفوا حرب الإبادة الشّاملة على شعب العراق في الفلوجة وتكريت والرّمادي ونينوى وسامرّاء من قبل، وها هم يباركون محنة الموصليّين وخلفهم كلّ العراق..
استكانوا لهوانهم وعارهم ونفاقهم فقط بتعلّة " القضاء على داعش "..
كلّما أردت توجيههم للدّاخل العراقيّ، عالجوك بداعش..
هل حقّا يصدّق هؤلاء الأفّاكون المراؤون أنّ كلّ الذين حصدتهم آلتي التّدمير الفتّاكة الأمريكيّة والإيرانيّة في العراق، وكلّ من ذبّحوا وصلّبوا وقطّعوا من خلاف تحت رايات طائفيّة صفراء ووسط شعارات ثأريّة شعوبيّة ثأريّة مقزّزة هم دواعش؟؟
هل حقّا يعتقدون أنّ عشرات آلاف الأطفال والأجنّة وأمّهاتهم عتاة الدّواعش؟؟
ألا يستحون ؟
ألا يرعوون!!
أنيس الهمّامي
نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في 27-03-2017