البروفيسور كاظم عبد الحسين عباس
ثمة تغييرات نوعية وكبيرة في مواقف الدول والأحزاب والمنظمات الرسمية والمدنية ووسائل الإعلام عموماً لا تخفى على المراقب فيما يخص قرار غزو العراق واحتلاله وسير وأداء العملية السياسية التي أطلقها الاحتلال بعد تقويض مؤسسات الدولة العراقية الوطنية. وهناك وعي وتفهم واضح من المحيط الإقليمي والعالمي لطبيعة الصراعات الدموية التي سالت بسببها أنهار دم في العراق وتسببت بكوارث موجعة للشعب العراقي.
العالم الآن كله يدرك أن السياسة الطائفية والمحاصصة وفشل موظفي الاحتلال وفسادهم وتعقيدات شبكة الدول التي تحتل العراق شراكة مع أميركا هي التي أوصلت المشهد العراقي إلى هذا المستوى من الكارثية.
ويقابل هذا التطور الكبير والذي لا يزال مفتوحاً على المزيد حقيقة أخرى هي أن مقاومة الشعب العراقي للغزاة والمحتلين ووعي الإنسان العراقي أن الغزو والاحتلال هو رديف العملية السياسية الإجرامية وأن العملية السياسية هي رديف الاحتلال والغزو ولا يمكن لها أن تأخذ أية صورة أو صيغة أخرى لأن صيرورتها ليست باطلة وغير شرعية فقط بل لأنها مبنية على نظريات وأجندات لا تمت للعراق وشعبه بصلة وأنها بكينونتها وصيرورتها خاطئة ومعوجة بحيث يمكننا أن نصفها بمولود منغولي يستحيل على الطب مهما عظمت قدراته وآلاته وأدواته أن يعدل أو يصلح في كينونته.
من بين التطورات الملحوظة التي تخص كوارث العراق هي تبدل المزاج العالمي ومنه المزاج الأمريكي في التعاطي مع الاحتلال الإيراني للعراق. وأول علامات هذا التبدل هو التغير المفصلي لتعاطي معظم دول الخليج مع السياسة الإيرانية واتضاح مشهد المقاصد الإيرانية التوسعية في الخليج والمشرق العربي ودور إيران في إنتاج وتغذية الإرهاب والغلو والتطرف المذهبي.
ولكي نصوب إلى الهدف مباشرة نضع حقيقة الحقائق التي ما زال جل العالم يخشى الاقتراب منها رغم هوامش التطور التي أشرنا إليها:
العالم ما زال يخشى سطوة أميركا في الإعلان عن قناعاته بالعملية السياسية الاحتلالية وما أنجزته من دمار للعراق وشعبه.
ونقولها للتاريخ بلغة عربية فصيحة للعرب وللعجم الذين يقرئون بلغتنا من متخصصي الإعلام والسياسة والمخابرات:
إن إخراج إيران من العراق يتم بطريقة واحدة لا غير هي إخراج عملائها وولاتها وعبيد منهجها وهم:
أ - ما يسمى بالائتلاف الوطني الذي يضم ما يسمى ب (الأحزاب الشيعية) وهي أحزاب كلها دون استثناء إيرانية الجنسية والتغذية والهوى والولاء. فحزب الدعوة والمجلس الأعلى وتيار مقتدى ومنظمة العمل الإسلامي وعلمانيو الجلبي وحزب الله العراق وحزب الفضيلة ومنظمة بدر وجميع المليشيات كلها مسيرة وخاضعة لولاية خامنئي وتحت إدارة قاسم سليماني.
إن بقاء هذه المسميات على مسرح الأحداث في العراق بأية صيغة من صيغ البقاء يعني بقاء الاحتلال الإيراني ويعني بقاء التهديد الفارسي لكل الأقطار العربية القريبة والبعيدة.
ب - الحزب الإسلامي وكل من دخل العملية السياسية الاحتلالية من مرتزقة وخان العراق وشعبه وتحول إلى آفة فساد مالي وإداري وأخلاقي.
إن من يريد معاونة شعب العراق للعودة بوطنه إلى الأمان والاستقرار والسيادة الكاملة فعليه أن يؤمن قطعياً بأن:
١- لن يستقر العراق إلا بإنهاء العملية السياسية.
٢- إلغاء دستور العملية السياسية.
٣- تشكيل حكومة إنقاذ مؤقته ترتب لخلق عملية سياسية ديمقراطية خالية من وجوه وأسماء وآثار كل من كان جزءاً من الاحتلال وعمليته المجرمة المخابراتية.
ونحن على يقين.. أن الشعب والمقاومة البطلة التي أجبرت العالم على تغيير مزاجه ورؤاه للاحتلال ومنتجاته وعناصره ولإيران وعدوانها على العراق والأمة ستكون قادرة على إرغام العالم على الاقتناع بهذه الحلول ولكننا نأمل أن يتم الإدراك والتعاطي قريبا لكي تقل الخسائر. وليس بعد فوات الاوان لكي لا ينتشر هذآ السرطان بجسد الأمة وبالتالي يصعب او يستحيل علاجه .