بقلم - كاظم عبد الحسين عباس
تعرض العراق إلى عدوان غاشم اشتمل على غزو عسكري شاركت به عشرات الدول بجيوشها واقتصادياتها وإعلامها في مثل هذه الأيام قبل ١٤ سنة . وقد سبق الغزو حرب شنتها إيران لاحتلال العراق ثم بعد ذلك تم ترتيب مشكلة الكويت لتكون امتداداً للحرب الإيرانية كمحصلة لاستحضار الأهداف وأركان التآمر متعدد الجنسيات ثم أفضت حرب الكويت إلى حصار شل الحياة العراقية قرابة أربعة عشر سنة. هذه مقدمة عامة لنزعم أن الشعب الذي يتعرض إلى هكذا استهداف متواصل لزمن طويل لا بد أن يصل هو وقواه الحية إلى ضرورة استحضار مصدات حماية لنفسه تقع وراء متاريس الدولة المستهدفة على امتداد زمني يكفي للبرهان على أن الغزو والاحتلال قادمان وبالتالي فإن جدار صدها سيهدم وتصبح الحماية بالمصدات الاحتياطية ضرورة من ضرورات بقاء الوطن وإنقاذ الشعب.
للأسباب المشار اليها انفا وغيرها كانت ولادة المقاومة العراقية الباسلة هي الأسرع في تاريخ الشعوب التي تعرضت للغزو والاحتلال كما أنها في سمة تاريخية نادرة أخرى امتداد لمقاومة الدولة لأنها كما قلنا كانت في الواقع قد تم التفكير بها وتأسيس مرتكزاتها منذ عام ١٩٩١م كجدار صد احتياطي لاحتمال كان في حكم المؤكد ألا وهو غزو العراق واحتلاله.
مثل هكذا مقاومة لا يمكن أن تموت وتنعدم لأنها كقانون حفظ الكتلة والطاقة الثابت ربانياً وعلمياً الذي ينص على أن الكتلة والطاقة لا تفنى ولا تستحدث ولا تخلق من العدم. إنها روح شعب وأمة وإرادتهما المستقرة في الضمائر وقدرها المحتم وهي إيمان مقدس كما الإيمان بالله وبالدين وبالرسل والأنبياء والصالحين والأئمة.
لو أمعنا ودققنا بعناية وحدة بصيرة في تأسيس وانتشار داعش من حيث السمة المذهبية الملصقة على جبينها ومن حيث الرقعة الجغرافية التي تعمد مؤسسوا داعش نشرها عليها لظهرت لنا فوراً أهداف استخدام الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهداف احتلالية قذرة يتقدمها تسهيل احتلال إيران للجغرافية العراقية التي تم نشر داعش عليها من جهة وكغرض تسهيلي أيضاً هو القضاء على المقاومة التي احتضنتها تلك المدن وشعبها العراقي العربي المسلم المؤمن الصابر بعد أن تم تقريباً استكمال السيطرة الإيرانية على جنوب العراق ووسطه.
إذن كان أحد أهم أهداف داعش هو تمهيد الأرض لاحتلال حاضنة المقاومة الوطنية العراقية العروبية الباسلة تتصدرها طبعاً مقاومة البعث والقوى المجاهدة المؤتلفة معه من قبل إيران. ومن البديهي أن يترافق هذا الهدف الإجرامي مع هدف ذبح المقاومة وإنهاءها.
إدراك قيادة الحزب والمقاومة لأهداف إطلاق داعش في المحافظات المنتفضة الثائرة ومنها مخطط إنهاء المقاومة قد قادها إلى اتخاذ التدابير والإجراءات الكفيلة بتفويت الفرصة على داعش وإيران ونوري المالكي ومن وراءه حزب الله اللبناني وبشار الأسد وكل هؤلاء تسندهم الصهيونية والإمبريالية في مسعى الانتقام من شعب العراق الأبي وطلائعه الباسلة التي أوقعت الغزاة الأمريكان في آبار مظلمة وخسائر في الأفراد والمعدات والاقتصاد لم تكن في حسبانها ولا خطرت لها ببال.
وكما أعلن القائد شيخ الجهاد والمجاهدين الأمين العام للبعث الرفيق عزة إبراهيم في إحدى رسائله فإن للبعث حاضنة شعبية قوامها يربو على خمسة ملايين بعثي في كل مدن وقرى العراق من أقصاه إلى أقصاه بما فيهم من أجبرتهم ظروف المعيشة ومتطلبات البقاء أحياء هم وعوائلهم على ترك تنظيم الحزب وحتى الذين خارت قواهم وأرغموا على الانتماء إلى الأحزاب الصفوية الطائفية كالتيار الصدري والدعوة هم بعثيون في وطنيتهم وضمائرهم وهم من يقاومون الاحتلال ويستجيبون بطريقة أو بأخرى لفعاليات البعث ومنها الاعتصامات والتظاهرات وهذا ليس سرا بل لطالما لاكته ألسن رموز الائتلاف الصفوي من نوري المالكي إلى حيدر العبادي إلى عمار الحكيم إلى الجلبي وأكده هذآ الخائن او ذاك وغيرهم من المشاركين بالعملية المخابراتبة التي يسمونها سياسية ..
إذن:
البعث ومقاومته تتأهب بعد انتهاء معارك داعش للعودة إلى ممارسة فعالياتها بقوة كما أعلن الرفيق عزة إبراهيم وهي معافاة سالمة وخسائرها وتضحياتها التي قدمتها في حقبة سيطرة داعش يمكن احتواءها لأنها ليست كبيرة لا من حيث الشهداء ولا من حيث المعتقلين والمغيبين. لا بل أن اليقين أن قوة البعث والمقاومة الآن أقوى بكثير بعون الله وأن نشاطها القادم ضد الفرس المحتلين وأعوانهم وأدواتهم من كل الخونة بغض النظر عن أعراقهم ومذاهبهم سيكون خارج تصور الخونة والعملاء والمحتلين من حيث السعة ومن حيث القوة.
إن الرهان على جيش رجال الطريقة النقشبندية البطل ورجال العراق في القيادة العامة للقوات المسلحة وفصائل البعث والقوى الوطنية والقومية والإسلامية هو رهان على الشعب العظيم ومدده وقناعاته الراسخة التي تتغذى وتتعزز كل يوم بضرورة طرد العملية السياسية المخابراتية الفارسية الصهيونية الأمريكية والغاطسين في وحلها. وأن قناعات العراقيين الآن أعظم من أي وقت مضى بضرورة مقاومة الاحتلال الإيراني وطرد الأمريكان ومخططاتهم الصهيونية والاحتكارية لثروات الوطن وهكذا قناعات ستكون بنادق ومظاهرات واعتصامات وعصيان مدني تقوي البندقية الثائرة المحررة.
الاحتلال الباطل ومنتجاته البائسة وفشل وفساد العملية السياسية الطائفية الأمريكية الصهيونية الفارسية هي مصادر تأجيج غضب شعبنا ومقومات رد فعله الذي سينعكس بقوة على إرادة التحرير والثبات على حقوق الوطن والشعب لمقاومتنا وقيادتها التاريخية الباسلة. والله أكبر