أحمد شهاب
كثرت المشاريع والمبادرات بالفترة الأخيرة من هذا الطرف أو ذاك وكلها تدعو لمعالجة من واصل إليه الوضع في العراق، لكن كل تلك المشاريع والمبادرات كانت قاصرة لأنها تنطلق من مصالح حزبية أو مناطقية وحتى شخصية، كون تلك الأطراف بعضها مشارك بالعملية السياسية التي أوجدها المحتل ويريد ضمان بقائه لمصالح شخصية، أو أن البعض الآخر يتحدث من منطلقات طائفية وهو المنطق الذي أوجده المحتل وعملائه، وطرف آخر يتحدث عن تمزيق العراق من خلال غطاء الأقاليم. وأمام كل هذا جاء المشروع الوطني لحزب البعث ليضع الدواء للداء الذي نخر الجسد العراقي بعد احتلال العراق.
لقد بلور حزب البعث العربي الاشتراكي مشروعاً وطنياً شاملاً لإنقاذ العراق بعد دراسات طويلة استناداً لواقع العراق الكارثي ويهدف إلى إعادة بناءه وفقاً لمبدأ المواطنة المتساوية وتوفير الشروط المطلوبة لضمان مستلزمات الحياة الحرة الكريمة كافة وفي مقدمتها الأمن والأمان والاستقلال الوطني والسيادة وتسخير ثروات العراق لإعادة إعماره وإلغاء قوانين الاجتثاث وإعادة سلطة الدولة وبناء قواتها المسلحة على أسس وطنية ومهنية وتحقيق المصالحة الوطنية. ومثل هذا المشروع لا يتحدث بالصيغة التي تضمنه إلا من هو حريص على وحدة وعروبة العراق وشعبه، ومن لا يفكر بالمشاركة بالسلطة كما أكدت قيادة حزب البعث على ذلك، ولا يلغي أي طرف من العراقيين، ويرفض ويواجه الاحتلالين الأمريكي والإيراني، وكل هذه القضايا التي هي صلب موضوع معالجة الوضع في العراق لا يمكن للآخرين التعرض لها وطلب معالجتها، لكن حزب البعث كونه المدافع عن العراق وشعبه وليس له مصلحة غير ذلك يتحدث بهذه الدقة والوضوح. لغلق كل الأبواب على من يطرحون أسئلة بحسن نية أو سوء نية عن موقف حزب البعث عن هذه القضية أو تلك.
دول صديقة تسأل بين مدة وأخرى عن موقف حزب البعث عن هذه القضية أو تلك. ودول مشاركة باحتلال العراق ومنهم الأمريكان يسألون عبر هذا الطرف أو ذاك عن موقف حزب البعث. والحكومة التي نصبها المحتل تروج مواقف مضلله عن مواقف حزب البعث. وبعض المرتدين وعملاء أجهزة المخابرات يشاركوها بترويج مثل ذلك. وبعض من كانوا بعثيين وتركوا الحزب يقابلون جهات من دول أو وسائل إعلام ويصرحون بما يحلوا لهم وتعتمد تلك الدول ووسائل الإعلام على أحاديثهم كونهم بعثيين كما تدعي ولا تشير أنهم ليس لهم علاقة بالحزب حالياً. كل هذا يحصل على الرغم من أن حزب البعث أعلن ونشر استراتيجيته، وخطابات ورسائل ومقابلات الأمين العام للحزب الرفيق عزة إبراهيم مع الصحف تنشر وتبث، لذلك بعد إعلان المشروع الوطني فإنه لا حجة لأحد أن يسأل عن موقف الحزب، ووسائل الإعلام إن كانت تفتش عن الحقيقة فالحقيقة في فقرات المشروع وليس بحديث هذا أو ذلك حتى من يدعي أنه بعثي، لأن البعثي الملتزم يعرف أن موقف قيادة الحزب هو ما أكد عليه المشروع.
إن ما تضمنته مقدمة المشروع الوطني توضح النقاط التي تستوجب المعالجة التي يراها حزب البعث، والتي جاء فيها :
(إن ما يمرُّ به العراق من مشاكل وأزمات معقدة تهدد وجوده ومصيره ومستقبله كانت نتيجة حتمية للحرب التي شنّتها أمريكا وبريطانيا وحلفاءهما على العراق واحتلاله عام ٢٠٠٣ والتي صنّفها فقهاء القانون الدولي وشخصيات دولية عديدة من بينهم الأمين العام السابق للأمم المتحدة بأنها (حرب عدوانية)، بسبب أن المبررات التي سيقت لشنّها ثبت أنها غير صحيحة وملفَّقة وقد اعترف المسؤولون الأمريكان والبريطانيون أنفسهم بذلك، كما لم يعد خافياً على أحد أضرار تلك الحرب وتداعياتها الخطيرة التي أدّتْ الى تدمير الدولة ومؤسساتها وتفتيت المجتمع ومنظوماته، وإلى قتل وملاحقة واعتقال وتهجير الملايين من العراقيين وخاصة أصحاب العقول والكفاءات وكوادر الدولة وعلماؤها وخبراؤها، تحت طائلة قوائم المطلوبين، وقانون الاجتثاث والمسائلة والعدالة وحظر حزب البعث والمادة ( ٤ ) من قانون الاٍرهاب وقانون المخبر السري وغيرها من القوانين والقرارات والاجراءات التي صدرت بعد الاحتلال خلافاً للقواعد والأعراف الدولية.
إن حزب البعث العربي الاشتراكي يرى أن المشروع الوطني الذي يحافظ على وحدة العراق وسيادته واستقلاله، وعلى هويته العربية والإسلامية، وينهي حالة الانقسام والصراع الديني والطائفي والعنصري، ويلغي سياسة المحاصصة والاقصاء والاجتثاث ويشيع ثقافة العيش الآمن المشترك، ويحقق المصالحة الوطنية الشاملة والعدالة وتكافؤ الفرص بين جميع العراقيين بمختلف انتماءاتهم، ويشكل خارطة طريق لحل شامل وكامل ونهائي لقضية العراق، ويعيده لممارسة دوره الانساني ومكانته العربية والدولية).
فهل بعد كل هذا التوضيح من يفتش عن جواب لسؤال حول موقف حزب البعث وهو يجد الإجابة في فقرات المشروع؟، سواء من الذي يسأل بحسن نية من الأصدقاء دول وشخصيات، أو من المعادين والذين يدعون أنهم يريدون معرفة توجهات حزب البعث ومواقفه بحجة تغيير مواقفهم.