بقلم / ابو الحسنين علي
كثير من العرب لا يرون العراق بلدا محتلا . ولا يرون قاسم سليماني الإيراني يقود جحافل الطائفية التي تقتل أهلنا وتنهب ممتلكاتهم وتهدم بيوتهم وتهجرهم وتريهم الهوان . كثير من العرب لا يرى ضيرا في ما حل بالعراق عام ٢٠٠٣ ويتفننون في إدانة الضحية وفي تمجيد الجلاد . وكثير من العرب تعلم الحجامة على أكتاف وظهور العراقيين حيث صار يحلل ويستنتج ويفكر ويضرب أخماسا بأسداس ولولا فواجع العراق ما كان أحد سمع له صوت ولا قرأ له كلمة.
كثير من العرب, عراقيين وغيرهم, يعترف بحكومة الخضراء و بالعملية السياسية الطائفية المخابراتية وهم يعلمون علم اليقين أن الغزو وجنوده وموظفيه هم من صنع السلطة و هم من وزع حصص الفرقاء ورسم لهم النهج الذي يسيرون عليه . وهناك عرب يصدقون أن سلطة الاحتلال ومعها القوات العسكرية و الفيالق الإعلامية و الخزائن الاقتصادية لأكثر من ستين دولة تقاتل تنظيما إرهابيا اسمه داعش في العراق وسوريا منذ أربع سنوات ولم تنتصر عليه رغم الخسائر الكارثية و الضحايا والقتلى والشهداء والتخريب الشامل في مدن العراق وسوريا وليبيا وقراها .
ثمة آلاف وربما ملايين من العرب يتفاعلون مع برامج التنافس الغنائية والتمثيلية وينفقون عليها ملايين الدولارات ومن العرب من يموت جوعا ومنهم علماء بلا معاشات ولا رواتب تقاعدية وملايين عاطلين عن العمل ولا يكلفهم لا نظام ولا أثرياء من الذين يضعون مليارات على موائد الكروش والقمار ولا يعطون دولارا واحدا لمجاهد في سبيل الله والوطن ولا لدارس أو مدرس علم ولا لرسام عبقري .
أذن..
عرب يعترفون بالباطل في العراق المحتل وعرب ينفقون الأموال الطائلة على برامج غناء وموائد قمار قد يكونوا هم أنفسهم وقد يكون أعداد هؤلاء مضافة إلى أعداد أولئك فالمهم أننا إزاء عرب يضحكون في جنازات عرب آخرين و يستكثرون عليهم قراءة سورة الفاتحة ولو بدون صوت والأسباب لهذا السلوك عديدة بعضها ذاتي وجلها مفروض على هؤلاء العرب فرضا .
لاحظوا ( انتصارات إيران ) التي يتبجح بها بعض العرب . دققوا بها بعناية ستجدون انها انتصارات لقناة العالم الفضائية الإيرانية وليس لفيالق القدس والحرس وبدر ولا الدعوة والمجلس والصدر وسواهم من أحزاب إيران التي خدعت بهم العرب والامريكان فاحتلت العراق بهم . لم تقاتل ولم تعلن عن موقف مؤيد للغزو وكل مافعلته أنها ( ملأت الفراغ ) الذي حصل عندما أغلق العراقيون أبواب بيوتهم حزنا وكمدا على وطنهم الذي سحقته قوة التحالف الدولي الغاشم حيث أدخلت إيران جيوشها وأحزابها ومخابراتها ومعمميهم وميليشياتها وانجزت المهمة بيسر منقطع النظير بعدما عجزت عن انجازها في حرب عدوانية منهجية مصممة استمرت ثمان سنوات قبرها عرب العراق ومن عاونهم من أبناء الأمة رمزيا عندما كان العراق عملاقا عربيا.
ايران انتصرت على ( الكيان الصهيوني وحطمت أسطورته) وهي التي تغازله وتتناغم معه وتمهد له السبل عبر انهاك العرب وتمزيقهم بلؤمها وغدرها وخبثها السياسي بعد أن سخرت (حزب الله) اللبناني لإطلاق بضعة صواريخ فتحت الطريق للصهاينة ليغزو لبنان ويدمروه ويتحول (حزب الله) بفضل غزوهم إلى قوة إيرانية تهشم جماجم وأنوف اللبنانيين وتسيطر على الشاردة والواردة تحت ظلال عمامة الولي الفقيه علنا وبشكل سافر بل وبتبجح فصيح . وانتصرت ايران علينا مجانا أيضا في الخليج والجزيرة لمجرد أن تكلف نفرا من العرب يرفعون صورة لمعمم من معممي ولاية السفيه فتنطلق ردود أفعالنا تنعى البقعة العربية التي رفعت فيها الصورة والنعي يكفي فالله سبحانه قد كفانا شر القتال. وتأتي بعض ردود أفعالنا لتكمل الغريق غطسة مضافة فيصير بعضنا أشداء على البعث في العراق يبيدون ملايين العراقيين لانهم بعثيين جريمتهم هي توقهم لوحدة الأمة ورفعتها وهذا التوق خطر على الكراسي والمصالح ,وقد يخرج بعض العرب شيئا من مخزون ترسانات أسلحتهم ليضربوا بها عربا اخرين في مشهد التخبط الأهوج الذي خلقته أميركا وايران والصهيونية بعد ذبح العراق فتشتعل الحرب عربية - عربية ويسيل الدم أنهارا بين أطلال سوريا وليبيا والسودان وغيرها وقد يكون القادم أمر وأقسى حيث أفعال بعض العرب وردود أفعالهم مغلفة بقصر نظر وانعدام إرادة وجهل سياسي وغطرسة لكي تباد الأمة وتنفذ مخططات إنهاء وجودها.
المهم ان عرب ايدول قد ختم موسمه ونصف العرب المهتمين بفن الغناء وتبذير الدولار لم يعرف النتيجة ولا يعرفون من حصد جوائز الموسم لأن مدنهم بلا كهرباء ولا انترنيت.
وزيارة السيد وزير خارجية السعودية لبغداد المحتلة أنتهت ومعظم العرب لا يعرفون سبب الزيارة ولا نتائجها ولا أظنهم سيعرفون فثمة هدف مهم للزيارة هو شحذ العقول للتكهن وفك الطلاسم والرجم بالغيب أو لجوء من يقدر الى فتات تسريب يأتي من هذا الطرف أو ذاك.
والحرب في اليمن لم تنته رغم دخول عامها الثالث .
والحرب في سوريا قد تعود بذات السعة التي كانت عليها قبل أن تنتصر إيران بقوة روسيا بقرار إيراني أو روسي أو أمريكي أو صهيوني فربيع سوريا المشؤوم لم يتحول تماما بعد خمس عجاف الى صيف ولا إلى شتاء والأسد لم يزاح والثورة ضاعت في زحام تعدد الفصائل واجنداتها وارتباطاتها .
انتهى عرب ايدول وليبيا مازالت تنزف و مشرذمة .
انتهى عرب ايدول والاحواز تتلمس طريقا للخلاص .
انتهى عرب ايدول واغتيلت الكثير من أحلام الأمة لأننا بعض العرب قرر أن يذبح العراق ويطلق العنان لمواكب الفن بالرقص والغناء وتمويل الميليشيات وتكريس التجزئة بل وفتح أبواب لتجزئة جديدة . انتهى موسم الطرب العربي والعراق في قلب العاصفة التي لم تعصف به لوحده وانما عصفت بمن أثارها وأججها ووجه مساراتها .
العراق سيد ( يشور ) .. فإذا لم تغلق بوابات الرقص والغناء ويتجه العرب الى أسناد رجال العراق الاحرار فان جميع الراقصين والمغنين و المستثمرين والمنتفعين في دهاليز العاصفة سيغرقهم يم العراق المغدور.