أ. د. كاظم عبد الحسين عباس
نحن نَصِفْ النظام العراقي الذي اغتاله الغزو الأمريكي عام ٢٠٠٣م بأنه نظام قومي. هذا الوصف اعترف به أعداء النظام ممن وظفهم الأمريكان لا بل واعتبروه مثلبة عليه وبعضهم اعتبر السلوك القومي للنظام الوطني العراقي القومي جريمة وساد في العراق المحتل بعد ٢٠٠٣م مصطلح (القومجية) كمصطلح شتيمة لحزب البعث العربي الاشتراكي وقيادته التاريخية وللنظام وكل من يؤيده. الموقف والسلوك القومي للنظام العراقي الذي أعيب عليه تندرج تحته المعطيات القومية الآتية:
- تقديم المساعدات المختلفة للأقطار العربية المحتاجة بغض النظر عن التوافق السياسي المطلق مع تلك الأنظمة.
- تقديم المساعدات العسكرية في مجالات التدريب والتسليح والدفاع.
- استقبال أبناء الأقطار العربية للدراسة والعمل والإقامة في العراق ومنحهم كامل الامتيازات الممنوحة للعراقيين.
- التمييز الكامل بين الشعب في أي قطر عربي والموقف الإيجابي المطلق منه وبين الخلاف مع النظام إن حصل هكذا خلاف. لم يتم قطعاً معاملة عربي سلبياً بناءً على موقف سلبي من نظام القطر الذي ينتمي له ذلك العربي.
ولعل الكثير من النقاط الإضافية يمكن لأي عربي إضافتها هنا غير أن الأهم بل والأخطر من كل ما ذكرنا هو:
(لم يحصل أبداً أن تعاون النظام الوطني القومي البعثي العراقي مع أي بلد أجنبي لا سياسياً ولا مخابراتياً ولا عسكرياً ولا اقتصادياً ضد أي نظام عربي آخر رغم أن هناك العديد من التقاطعات والخلافات الحادة التي كانت تفعل فعلها في العلاقة بين العراق وبين بعض تلك الأنظمة. وكان نظامنا الوطني يدير الخلافات العربية العربية ضمن المنظومة القومية ويتصرف مباشرة بقدرات عراقية خالصة لتعديل المعوج وإصلاح الفاسد وردع المرتد أو المتخاذل أو في اتخاذ قرارات مصيرية للأمة).
ولذلك.. لم نسمع نظاماً عربياً، أياً كان وصفه، وأياً كان عداءه مع النظام العراقي يوجه اتهاماً قط لنظام القائد الخالد أحمد حسن البكر ولا لخلفه القائد الشهيد المخلد بإرادة الله صدام حسين بالتعاون أو الاستقواء بالأجنبي على عربي بشخصه أو بجغرافية الوطن رغم كثرة الاتهامات وأدوات التبشيع والشيطنة وروح البغضاء والعداء الشخصي للبعض.
لماذا لم يستعن نظام البعث في العراق بأجنبي ضد عربي؟:
الجواب ببساطة لأن الموقف القومي وما يفرز ويبنى عليه من سلوك قومي لا يقتصر على الإنسان بل يشمل الأرض والمياه والسماء. فالاستقواء بالأجنبي قد يحقق إزالة نظام لكنه سيؤدي إلى فقدان الأرض والإنسان.
ها هي الأمة العربية تئن بفجائع وكوارث بخسارة أرض وإنسان العراق لم تحصل لها حتى مع فقدان أرض عربية في فلسطين لأن الصهيونية كحركة استعمار استيطاني انكفأت عند حدود معروفة لعدوانها على العرب. أما الاحتلال الأمريكي للعراق قد فتح الأبواب واسعة للتوسع والتمدد الاحتلالي الإيراني على إنسان وعلى أرض العرب وبفلسفة وسياسات لا تنحصر في قطر عربي واحد بل بمخالب متوحشة تمتد لكل الأرض العربية بدأ من مشرق الأمة.
ما يأمله الإنسان العربي في هذه الحقبة الأخطر التي يعيشها أن تمارس أنظمة الأمة التي تسمي نفسها وتبث إعلامها على أنها عربية أن تدرس هذه الأنظمة المفهوم البسيط جداً للقومية موقفاً وسلوكاً وسياسات وتخلص إلى:
العلاقة مع الأنظمة بينها البين أمر والأرض والإنسان العربي أمر آخر والحرام المطلق أن يتعاون أي نظام عربي مع نظام غير عربي لإسقاط نظام عربي آخر لأن الأمة لن تتوقف خسائرها حينئذ على النظام الذي سقط بل لأن الأجنبي سيمسك الأرض العربية ويدمر الإنسان عليها.
ندعو إلى مراجعة عربية صادقة لوضع ميثاق شرف بين العرب يحرم الاستقواء بالأجنبي لأن مثل هذا الاستقواء يحدث أضرارا فادحة بكل الأطراف وأولها الطرف المتعاون أو المستقوي بالأجنبي على أشقاءه.