بعد احتلال العراق في نيسان/2003 وانتقال قواتنا المسلحة وشعبنا إلى صفحة المقاومة المسلحة للاحتلال الذي توهم أن احتلال العراق سيكون نزهة ليذيقوه الهزائم المتلاحقة ويشعلون الأرض تحت أرجله ، حيث وصل معدل الهجمات على قوات الاحتلال في 2005 بمتوسط 30 هجوم يوميا في ست محافظات فقط اي بمعدل 1.25 هجوم في الساعة مما اضطر الاحتلال لتغير سياسته وإستراتيجيته في العراق لتظهر لنا وزيرة الخارجية الأميركية "كونداليزا رايس" في نيسان 2005 بمصطلح الفوضى الخلاقة (Creative Chaos) وهو مصطلح عقدي يقصد به تكوين حالة سياسية بعد مرحلة فوضى متعمدة الإحداث تقوم بها جهات معينه مسيطر عليها وذلك بهدف تعديل الأمور لصالحهم وكأنهم استعانوا بالمثل العراقي "اللي يشوف الموت يرضى بالسخونة" , ليتحول مشروع الاحتلال من "تدمير أسلحة الدمار" إلى "تحرير العراق " ثم إلى مشروع "بناء الديمقراطية" وفشل يقود لفشل ومشروع يقود لمشاريع تختلف بالصياغة والمظهر الخارجي وتتوحد بالجوهر وهو نشر الفوضى في العراق وتعميمها لأقطار الأمة الواحد تلو الأخر ومضمونها تقسم المقسم وسلاحها لذلك أقلمة الطائفية والأثنيه.
ولكي تفرض أمريكا وأدواتها مشاريعها أوجدت "داعش" ومع بداية النهاية لمسرحية هذا التنظيم في العراق بدأت ماكينة الداعية التي يسيطر عليها العدو بترويج لمشاريع طائفية وتهيئتها للمرحلة القادمة بعباءة وطنية مستغلة بذلك مآسي الشعب وكوارثه راقصين على دماء الضحايا ومع اقتراب موعد الانتهاء من تدمير الموصل أخر معاقل "داعش" سيكون شعب العراق كما يتصورون مهيأ لقبول مشاريع يصورها هي المخلص الوحيد له من موت بات يطرق بابه على مدار الساعة فالمحافظات الستة الثائرة أضحت مدمرة وأهلها ملئت بهم القبور موتى وارض الله ضاقت عليهم مهجرين ومعوقين نتاج حروب الفوضى الخلاقة ومشاريعها ، إما أهالي محافظات الفرات الأوسط والجنوب فقدموا لهذه الفوضى ومشاريعها عشرات الآلاف من القتلى بماكينة الحرب طائفية "نيابة عن العدو الأصيل" التي خلفت أعداد مهولة من الأيتام والأرامل وفقر مضاعف وتخلف وجهل معقد يجعل العدو يتوهم من أن أي مشروع يلمع ويُزين سيكون مقبول من قبل العراقيين.
ان مواسم المشاريع الناتجة من رحم الاحتلال الأمريكي-الإيراني العفن على ضفاف نهر الدم العراقي المسال والمهدور منذ 2003 واستغلال ظروف الشعب النازح عن مدنه بسبب عملياتهم العسكرية وحصارهم وتجويعهم لكسر نفوسهم وتدجينهم لتنفيذ ما يطرح من مشاريع متوهمين بيسر .
ان المراهنة على إنفاذ هذه المشاريع هو تغيب إجباري لإرادة هذا الشعب المظلوم والذي للأسف لا تعفيه الضغوطات والحرب الضروس المفروضة عليه من مسؤوليته التي تشرف بها وهي مقاومة هذه المشاريع ونحرها والمحافظة على وحدة وطننا وهويتنا ونيل الاستقلال التام بعد تحرير الأرض من الاحتلال ومخلفاته ولم ولن يكون ذلك إلا بإرادة وطنية عابرة للطائفية محروسة ببنادق قوية مؤمنة ...
وفي الختام يشرفني اقتباس ما غرد به المناضل أ.د. كاظم عبد الحسين
"سنبقى نبارك أي جهد يصب في اتجاه تغيير العملية السياسية ولكن على الجميع ان يحسبوها صح فنحن والعراق لن نكون لقمة سهلة البلع ... نصيحة مجانية لمن يحتاجها "
فلا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ولن يكرر عاقل قبوله بمشاريع تصنع في أقبية مخابرات أعدائه ...
(( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 26-الأنفال.
(( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ )) 30-الأنفال.
د. أبو مصطفى الخالدي
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام