أقدم التّحالف الشّيطاني التّآمريّ المتكوّن من الولايات المتّحدة الأمريكيّة وحلفائها والعدوّ الإيرانيّ الفارسيّ الصّفويّ وعملاء المنطقة الخضراء وميليشيّات الحقد الطّائفيّ على ارتكاب جريمة جديدة بحقّ شعب العراق الأعزل في مدينة القائم غرب العراق على الحدود السّوريّة تمثّلت في غارة جويّة أسفرت عن استشهاد ما يزيد عن مائتي عراقيّ أغلبهم من النّساء والأطفال والشّيوخ.
وتأتي هذه العمليّة الإرهابيّة الغادرة الجبانة لتؤكّد مرّة أخرى مدى العنصريّة والوحشيّة التي تطبع فعل الفاعلين في عراق ما بعد الغزو من أمريكان وفرس وبيادق المنطقة الخضراء وأذرعتهم الميليشياويّة الطّائفيّة المجرمة ولتزيد من كشف حجم الحقد المتأصّل فيهم على العراق وشعبه وعلى العرب والعروبة بشكل عامّ، حيث أنّ مختلف التّنصيصات الاستراتيجيّة والتّوصيات العاملة على معاودة تقسيم الوطن العربيّ وتفتيته تتّفق على أنّه لا مجال للنّجاح في هذا تحقيق ذلك إلاّ عبر إنهاك العراق وتخريبه تخريبا كاملا وعلى كلّ المستويات لينطلق تعميم ذلك من بعد على بقيّة الأقطار العربيّة الأخرى وذلك بالنّظر للدّور التّاريخيّ والرّياديّ للعراق ومكانته المحوريّة في معادلة الأمن القوميّ العربيّ.
وبالعودة لتفاصيل المجزرة الجديدة والمرتكبة بحقّ أهل القائم فإنّ أهمّ ما يمكن استخلاصه منها هو حتما مدى تعثّر ما سمّي بعمليّة تحرير الموصل المزعومة الأمر الذي أربك لحدّ كبير عملاء المنطقة الخضراء وأدخلهم في دوّامة من الهيستيريا لا تنتهي، فانتقلوا بالتّالي لممارسة مختلف تلاوين الانتقام من كافّة أبناء العراق والتشّفيّ فيهم عقابا لهم على صمودهم بوجه آلة التّقتيل الجهنّميّة المفتوحة عليهم منذ الغزو البربريّ للعراق.
ويتأكّد هذا الارتباك الواسع في عملاء وجواسيس المنطقة الخضراء في تضارب المواقف والتّفاعلات عقب هذه المجزرة. وحريّ بالتّنويه في هذا الصّدد لتحدّث مصادر عسكريّة عليا – أو هكذا تقدّم نفسها – في جيش الحكومة العميلة عن أنّ العمليّة تمّت بطريق الخطأ ما يدلّل بما لا يدع مجالا للشّكّ وقوف حكومة العبادي المتهاوية خلف هذه الجريمة اللاّإنسانيّة، إلاّ أنّ هذه الحكومة ادّعت كتعقيب على هذا التّصريح والاعتراف بالضّلوع في استهداف المدنيّين العزّل في سوق مكتظّة بالنّاس ساعة الذّروة وبمنتهى البرود والسّاديّة، أنّ طائرة مجهولة قامت بقصف التّجمّع البشريّ في سوق القائم.
وإنّ تضارب التّصريحات سواء من أقزام حزب الدّعوة الإيرانيّ أو كلّ الأوكار الطّائفيّة الشّعوبيّة المتخلّفة والمرتبطة بطهران وملاليها رأسا من بقيّة أحزاب المحاصصة الطّائفيّة أو الحشد الفارسيّ الصّفويّ المجرم من جهة، وتصريحات إدارة التّحالف بقيادة أمريكا والتي تنفي بدورها أيّة علاقة لها بالمسألة، إنّما يأتي في سياق تبادل الأدوار بين أقطاب المثّلث الشّيطانيّ العالميّ الذي يعمل على تمزيق العراق وتقسيمه والتّنكيل بشعبه وإفساد الحياة فيه، وهو أيضا محاولة صفيقة للتّنصّل من تبعات هذه الجرائم التي لن تسقط من ذاكرة العراقيّين ولا العرب ولا الشّرفاء والأحرار في العالم كما أنّها لن تسقط بالتّقادم وستنضاف للسّجلّ الإجراميّ الثّقيل المخزي لأعداء العراق والعرب والإنسانيّة الحرّة سواء كانوا دولا أم منظّمات إرهابيّة مارقة أم أشخاصا.
كما يجب التّأكيد أيضا على أنّ بعض الغربان النّاعقة من داخل العمليّة السّياسيّة الطّائفيّة المتهالكة نفسها في العراق أو خارجه والتي تتعمّد طمس معالم حقائق مسلسل الجريمة المنظّم والمفتوح بالعراق وشعبه ومحاولة إلبساها لبوسا طائفيّا، هي مجرّد فقاقيع تآكلت صلوحيّتها بعدما انكشفت الحقيقة لأبناء العراق وللأمّة مفادها أنّ هذا النّشاز الطّائفيّ لن يتواصل لما لا نهاية له، وأنّ غاياته وأهدافه واضحة تماما وتتمثّل في إدامة الجرح العربيّ النّازف. فاستهداف العراقيّين العزّل لا يزيد عن كونه مخطّط عنصريّ شعوبيّ متخلّف تقوده إيران بالوكالة عن أمريكا يهدف لتهجير السّكّان الأصليّين وإحلال مستوطنين فرس ومن قوميّات أخرى في نهج سياسة التّغيير الدّيموغرافيّ كآخر ما يمكن أن يحقّق للمخطّطات الاستعماريّة النّجاح، وما الرّداء الطّائفيّ إلاّ خدعة للتّغرير بالبسطاء من أبناء الأمّة تماما كما هو حال المسألة الإرهابيّة وخاصّة بعبع داعش.
هذا ومن نافلة القول إنّ كلّ هذه الجرائم المخزية بحقّ العرب عموما والعراقيّين خصوصا هي عقاب لهذه الجماهير التي لم تستسلم للأعداء بمختلف تصنيفاتهم ولاتزال تتشبّث بحقّها في الحياة بعزّة ومناعة وكرامة وحرّية وسيادة على أراضيها وثرواتها معتزّة أيّما اعتزاز بتاريخها ومخزونها الحضاريّ والإنسانيّ والدّينيّ، رغم ما تعرّضت له من ترهيب وتقتيل ورغم ما عانته من دمار وتخريب وحروب عسكريّة ونفسيّة ضارية استفرغت فيها أقطاب الشّرّ الدّوليّة جميع أدواتها التّقتيليّة الفتّاكة، ناهيك عن الرّغبة في الثّأر من النّهج المقاوم الذي استمسك به العرب وخصوصا في فلسطين والأحواز العربيّة وسيّما العراق حيث ظلّوا – أي العرب – آخر القلاع في العالم التي لم تذعن للإرادة الأمريكو امبريالو – صهيونيّة ومن تذيّلها من فرس أوغاد وغيرهم.
أنيس الهمّامي
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في 09-12-2016