تتواصل سلسلة الفضائح المدوّية والمهازل العصيّة عن الاستيعاب في عراق ما بعد الغزو، وتتوالى الجرائم المرتكبة بحقّه وضدّ خيرة أبنائه وطلائعه ونخبه المشهود لها عالميّا بالكفاءة في شتّى الاختصاصات وخصوصا بنظافة اليد وعلوّ الهمّة وسخاء الأنفس.
وفي فرقعة ممجوجة تنضح صلفا وعنصريّة وشعوبيّة مقزّزة، أصدر القضاء العراقيّ المرتهن للاملاءات والتّوجيهات الإيرانيّة والمعادي عداء لا مثيل له لكلّ ما له علاقة بالعراق وبعرويته وبقضيّته التّحرّريّة ، حكما على العالمة العراقيّة الشّهيرة هدى صالح مهدي عمّاش يقضي بسجنها لمدّة 15 عاما كاملا بتهم كيديّة ومفبركة وملفّقة.
ادّعى حكّام العراق المحتلّ وعملاء الفرس والأمريكان استناد زعمهم وحكمهم ذاك على اعتبار سرقة العالمة العراقيّة هدى صالح مهدي عمّاش لعدد من السّيّارات لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
ولنفترض جدلا أنّ التّهمة ثابتة ومؤكّدة، ولنسلّم أصلا أنّ إحدى عبقريّات العراق والعروبة والإنسانيّة قد سطت حفّا على هذه السّيّارات، ولنقبل بمثل هذا الحكم.. فكم يا ترى يقتضيه واقع العراق اليوم من أحكام على اللّصوص الحقيقيّين لثروات العراق ومقدّراته والتّفويت فيها للعدوّ الأمريكيّ والعدوّ الفارسيّ الإيرانيّ بأبخس الأثمان.
هل يعقل أن يدّعي حكّام العراق المحتلّ - وما هم بحكّام ولولا الغزو لظلّوا متسكّعين على هوامش النّسيان والتّىمر والكيد للعراق - حرصهم على ثروة العراق وهم الذين تغصّ التّقارير المؤكّدة بأخبار تكديسهم لثروات خياليّة بفعل شفط مقدّرات العراق والاستلاء عليها بالقوّة حصرا.؟
هل بقي مسؤول واحد أو معمّم واحد لم تنشر كبريات المنابر الإعلاميّة العالميّة ولا المؤسّسات والهيئات المستقلّة وهيئات النّزاهة وكذلك البنوك والخبراء الاقتصاديّون في العالم عن حجم سرقاتهم؟
ماذا لو التفت هذا القضاء العراقيّ الرّديئ لثروات المالكي والجعفري والصّدر والخفاجي والحكيم وبقيّة زنادقة أحزاب العمليّة المحاصصة الطّائفيّة في العراق منذ الغزو لحدّ اليوم؟
كم يا ترى يستوجب أنيصدر بعدها من أحكام على رؤساء هذه العصابات ومرتزقتها وأعوانها؟
بل كيف تغمض العيون عن أقطاب الجرائم والسّرقات المنظّمة والفضائح المخزية في العراق، وتشرئبّ أعناق الفاشلين والمسيّرين من طهران نحو هدى عمّاش؟؟
إنّ هذه الفضيحة الجديدة، إنّما تؤكّد قطعا مدى الحقد الدّفين الذي يستبدّ بنفوس مجرمي العمليّة الجاسوسيّة المتهالكة في العراق ضدّ أعلام النظام الوطنيّ والبررة من العراقيّين الأشاوس الشّجعان والوطنيّين الذين آثروا الدّفاع عن العراق العربيّ الحرّ الموحّد ضدّ كلّ الأيادي الآثمة التي امتدّت إليه ولا تزال.
فهدى صالح مهدي عمّاش، كانت من بين المطلوبين من قيادة النّظام الوطنيّ العراقيّ للإدارة الأمريكيّة المجرمة، وتعرّضت للإيقاف والسّجن والتّعذيب لسنتين كاملتين جريرتها الوحيدة أنّها آمنت بحقوق شعبها وبلدها وأمّتها وأسّست مع من أسّسوا لنهضة عملاقة شاملة. وهي أيضا عالمة عراقيّة بمقاييس عالميّة عالية جدّا كانت تقرأ لها دوائر العدا للعرب ألف حساب لجانب المناضلة والعالمة رحاب طه.
فكيف يجرؤ أنصاف الجهلة الذين قذفت بهم رياح فارس الصّفراء في غفلة من الإنسانيّة والتّاريخ للعراق، على الإساءة لقامة علميّة نوعيّة؟ بل هل بلغت بهم الوقاحة والوضاعة كلّ هذه المبالغ لينتقموا من العقل العراقيّ العربيّ بهذا الشّكل البشع والهابط؟
ألم يكفهم ويكف كبيرهم المالكي العميل ما ارتكبوه من مجازر بحقّ علماء العراق وخبرائه ومهندسيه؟
ألم يكن حريّا بهم أن يبحثوا لهم عن مخارج أخرى لما يعصف بهم من رفض وعزلة شعبيّين لا نظير لهما، ناهيك عن فشلهم المدوّي في إدارة الشّأن العامّ رغم كلّ الدّعم المقدّم لهم من الأرميكان والفرس والصّهاينة؟
إنّ هذا الحكم المضحك، وبصرف النّظر عن أبعاده الإجراميّة الخطيرة، يأتي اعترافا ضمنيّا ومحاولة صريحة للفت أنظار العراقيّين وكلّ متابعي الشّأن العاراقيّ عربا وغيرهم عن سيل الجرائم المرتكبة بحقّ العراقيّين في الموصل وتلعفر والفلّوجة ونينوى وكلّ مدن ومحافظات العراق، كما يشكّل إسفينا جديدا يدقّ في نعش طوابير العملاء ومن معهم.
فليس العبادي الجاهل الجهول ولا زمرة حزب الدّعوة الفارسيّ ولا معمّمي الحشد الصّفويّ الأمّيين من يحقّ لهم محاكمة قامة علميّة ومنارة معرفيّة في حجم هدى صالح مهدي عمّاش، وإنّ استهدافها مجدّدا لا يزيدها إلاّ علوّا وتساميا وتألّقا وثباتا في وجدان الحرار وضمائر المخلصين الشّرفاء، وهو في الآن نفسه لن يضيف لزمرة الخونة ووكلاء الاستعمار والصّهيونيّة والخمينيّة إلاّ مزيدا من الصّغار والخزي والعار.
أنيس الهمّامي
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في 01-12-2016