كاظم عبد الحسين عباس
بعد غزو العراق واحتلاله وإصدار الدستور الصهيوني الذي يحظر حزب البعث العربي الاشتراكي وقبله إصدار وتطبيق قانون اجتثاث البعث بكفاءة افتقدتها كل أنشطة إعادة تشكيل هياكل الدولة المقوضة وما شهده من سلسلة تعديلات تشي بعدوانية وعشوائية القانون والانعكاسات الكارثية التي نتجت عن تطبيقه وطالت أكثر من خمسة ملايين عضو في الحزب بادئ ذي بدئ فأجبرت سلطة الاحتلال على إدخال تعديلات للتخفيف من الأخطار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الخطيرة التي ترتبت، وبعد مرور أربعة عشر عام على قتل البعثيين واعتقالهم ومطاردتهم داخل وخارج العراق لا زالت عجلات الاجتثاث تتحرك في كل الاتجاهات وتأخذ صيغاً وأشكالاً مختلفة لعدة أسباب أهمها فشل الحظر الدستوري والقانون سيئ الصيت في تحقيق أغراضهما لأن شعبنا رفضهما.
إن فشل الاجتثاث في تحقيق أهدافه النهائية التي رسمتها
الصهيونية وإيران وزمر الخونة والعملاء هو الذي يجبر مؤسسات وأحزاب وسلطة وإعلام الاجتثاث على البحث عن وسائل ذات صيغ إعلامية وصبغات ثقافية متجددة هدفها تبشيع الحزب فكراً وتاريخاً وإنجازات لكي تعاون في مضي الآلة السياسية المدعومة بقوة السلاح لإنهاء وجود الحزب وتحويل الاجتثاث إلى إجراء يحمل كامل المعاني النازية والشعوبية التي سن من أجلها.
من صور محاولات تغذية الاجتثاث الثقافية - الإعلامية عبر وسائل الاتصال الشعبي ومنها الفيسبووك تجري محاولات بائسة عقيمة لاستنهاض أحداث حقبة ما بعد إسقاط الحكم الملكي في العراق والتي شهدت صراعات دموية بين بعض القوى السياسية عموماً ومنها البعث والحزب الشيوعي. ورغم أن تلك الحقبة وما طغى وطفى على سطحها من صراعات قد أشبعت بحوثاً ودراسات ومقالات وخطب وتبين للقاصي وللداني المسؤولية التاريخية وحجم الخطأ الذي وقع فيه كل حزب في ذلك الحين وقد أدين الشيوعيون في البدء بالعدوان الدموي على الأحزاب الأخرى ومنها البعث ومارس بعض البعثيون لاحقاً ما يمكن أن يقال عنه ثارات سياسية انتقامية سببها الأول هو شراسة ووحشية ما تعرضوا له من صلب على أعمدة الكهرباء وسحل بالحبال في الشوارع وتقطيع الأوصال الحية في دكاكين القصابين ومع أن البعث قد انتقد تلك الحقبة وتوقف عندها طويلاً واستفاد منها في حدث معلن ومشهود هو قيامه بثورة (بيضاء) عام ١٩٦٨ وتعمده أن يتجنب إراقة قطرة دم واحدة ومن ثم دعوته إلى إقامة جبهة تقدمية وطنية وقومية واشتراكية بعد أن ثبت أركان السلطة ودخلت كل الأحزاب العراقية المعروفة في تلك الجبهة وحكمت العرب لحقبة زمنية معروفه خرج بعدها الشيوعيون لأسباب هي الأخرى معروفه ومدروسة بكثافة وصدر في أيام خروجهم خطاب للقائد الشهيد صدام حسين وتحول إلى كراس معروف (خندق واحد أم خندقان) ولكن يظهر علينا بين الحين والآخر من يثير غبار التاريخ ليس لشيء بل ليجد منافذ لتجديد وتعميق مسارات قانون بريمر للاجتثاث ليس إلا.
ومظهر آخر من مظاهر العمل المقنن والممنهج لتغذية مسارات اجتثاث البعث هو إصرار البعض من أصحاب الأغراض الاجتثاثية لإطلاق بالونات تقييم تضع البعث وحزب الدعوة الإيرانية والحزب الإسلامي العراقي والحزب الشيوعي العراقي مثلاً في خانة مراجعات واحدة ومحطات انتقاد واحدة. القصد البين الخبيث هنا هو تعميم التعمية والتشويش بحيث يتساوى الخائن والعميل ومن باع الوطن والدين والأمة مع من يجاهد دفاعا عنها. والقصد البين أيضاً هو تسويغ غزو العراق والإيحاء بأنه ناتج عن الممارسات الخاطئة للأحزاب وأن البعث هو الحزب المسؤول بالمقام الأول عن حصول الغزو بمعنى أنهم يريدون أن يقولوا إن الغزو قد جاء لإصلاح حال العراق وتخليصه من البعث في مغالطة يعتدون فيها على ذكاء العراقيين وفطنتهم بل وعلى ما وقائع الخراب التي حلت بالبلد نتيجة الغزو وعمليته السياسية المجرمة. ومن جهة أخرى فإن محصلة الحاصل التي يرومون تكريسها كفكرة وموقف هو تسويغ اجتثاث البعث من قبل أميركا والصهيونية وإيران.
إن على العراقيين خاصة والعرب النجباء عموما الانتباه إلى هذه الأساليب الخبيثة التي تحاول النفاذ في عمليات غسيل للأدمغة ممنهجة كما قلنا ويزج فيها العديد من العراقيين والعرب وتتغير الأسماء والهويات وأساليب تحقيق الغايات الدنيئة وتجند لها جيوش إلكترونية ذات تخصصات مختلفة وأخطرها هو الدخول عبر منفذ ثقافي وفكري ينتقد ويجادل تحت غطاء حرية الرأي والمصلحة العامة العابرة للحزبية!!!!.
لهؤلاء المتورطين وبغض النظر عن مسمياتهم وتغايير ألوانهم نقول: أنتم مجرد نواعير تدور في فراغ ودلاءها لا تطال ماءاً فالنهر الذي تستجديه جاف فضلاً عن أن الدلاء مثقوبة والحصان أو الثور الذي يدير النواعير قد أنهكه الدوران في الفضاء وأخذ منه العطش مأخذاً وهو على وشك أن يموت وما قد رأى ماء ولا أرضاً أخضرت.
البعث يا هؤلاء فكر أمة وعقيدة شعب عصي على دورانكم وغثاءكم غير المثمر.