سنقولها بالفم المليان ونكتبها بالقلم العريض، تحولت القمة العربية إلى قمة واهنة ضعيفة مسلوبة الإرادة بعد غزو العراق واحتلاله. وأمر مرارة يبلعها الإنسان العربي أن الجامعة العربية والقمة قد بلعت الموس وخضعت لقبول سلطة الاحتلال ببغداد عضوا فيها. قبلت بهذا الانضمام الذي يمكننا وصفه بأنه خسارة تعرضت لها الجامعة ومخالفة لميثاقها وإضرار فادح بالقمة ووصفها مع علم وإقرار الجميع أن العراق محتل وأن السلطة فيه إن كانت معينة أو (منتخبة في إطار الخداع والكذب الذي مارسه وسوقه الاحتلال) هي لا تمثل العراق ولا تمت بصلة لشعبه لا من قريب ولا من بعيد.
وتساءلنا حين عقدت القمة في بغداد الأسيرة وانقطعت عنها فور انتهاء الساعات القليلة لانعقادها التي قيل إنها لم تتجاوز أربع ساعات بضمنها الضيافة التي فتحت باباً ضخمة لعملية فساد مالي تاريخية انقطعت القمة وتفرعاتها عن العراق وكأنها لم تحصل بسبب سلوك حكومة الاحتلال المعادي للأمة العربية والمستهتر بكل مبادئ العمل العربي المشترك والكافر بالعروبة وقيمها ومبادئها. وعاد وفد حكومة حزب الدعوة الإيرانية ليحضر في قمة عمان ليرغم القادة العرب على استقبال كل ما جاد به من قرف وخطاب أقل ما يقال عنه بأنه ضحك على الذقون وتغريد في فضاءات التزوير والنفاق والكذب.
سنلقي الأضواء الكاشفة على فقرات خطاب العبادي التي استغفل فيها القادة العرب وتعمد وضعهم في أجواء من التضليل المتعمد وإلغاء الحضور والفطنة والعقل والذكاء وتصرف على أن من يخاطبهم لا يمتلكون مخابرات ولا استخبارات وأنهم صيد سهل لشباكة المصنوعة في ظلمات دهاليز حكام إيران.
أول إساءة للملوك والرؤساء العرب تضمنها الخطاب هي تسلسل التحية التي وجهها لأعضاء المؤتمر حيث قدم رئيس الجامعة العربية على الملوك والرؤساء وهذا هو تسلسل التحية كما وردت في موقع أخبار العراق:
(جلالة الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن ورئيس القمة العربية الثامنة والعشرين،
الأمين العام للجامعة العربية،
أصحاب الفخامة والسمو،
أصحاب المعالي والسعادة،
السيدات والسادة،
السلام عليكم)
ونحن نجد صعوبة في تخيل أن لا زعيماً ولا أحد من أعضاء الوفود قد انتبه إلى الزلل البروتوكولي الذي مارسه العبادي وأغلب ظننا أنه متعمد في تقديم الأمين العام على قادة وزعماء وملوك العرب.
ولننتقل إلى ما ضخه العبادي في خطابه من كذب وتلفيق لا يليق بالقمة بل لا يليق أن يكذب به العبادي على تلاميذ مدرسة ابتدائية ودعونا نلقي نظرة إلى أول عباراته :((((((
٠٠نلتقي في عمان اليوم على بركة الله وتوفيقه.. وتأتي أهمية هذا المؤتمر من
٠خطورة وحساسية الظروف الراهنة التي تواجه دولنا والتحديات الإرهابية الوجودية التي تتطلب منا التعاون والاتفاق على آليات واضحة لمواجهتها ووقف تداعياتها الخطيرة على مستقبل ووحدة دولنا والأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي والتعايش المجتمعي في منطقتنا.
شعوبنا تتطلع إلينا اليوم، وعلينا جميعاً أن نتحمل المسؤولية واتخاذ القرارات اللازمة لإنهاء معاناة شعوبنا التي تعيش في ظل النزاعات والحروب والنزوح والفقر والجوع.
نؤكد ما قلناه بأن الإرهاب لا يستثني أية دولة ولذلك يجب التعاون وبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على وحدة دولنا وشعوبنا من التفكك والضياع، ومنع التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية.
إننا نعتبر أن الأمن حالة واحدة لا تتجزأ ولا يمكن أن تعيش أي دولة آمنة بمفردها، وسعادتنا بتحرير أرضنا وطرد داعش لا تكتمل إلاّ بهزيمة الإرهاب في كل دولة عربية تواجه هذا الخطر.
إن جامعة الدول العربية هي التي تجمعنا بمواثيقها التي قامت عليها ومنها العمل على مبدأ حفظ وصيانة استقلال دولنا وعدم التدخل في شؤونها إلى جانب السعي لتوثيق التعاون بين دولنا في المجالات السياسية والاقتصادية)))
أي…..
يرى العبادي أن الإرهاب هو أخطر ما يواجه (دولنا) وهو الذي يهدد وحدتها والأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي و(التعايش المجتمعي) فيها.
هذا يعني أن الغزو والاحتلال الخارجي ليس خطر.
والطائفية التي هي الحصان الذي أوصل العبادي للسلطة بقوة الغزو والاحتلال ليست خطر.
وضياع ترليونات الدولارات منذ عام ٢٠٠٣ لحد الآن والتي اعترف العبادي بعظمة لسانه بهدرها ليست خطر.
والدستور الذي سنه الغزاة لتفتيت العراق وإخضاعه لولاية الفقيه الفارسية وتبناه وروج له ساسة العملية السياسية الأمريكية الإيرانية ليس خطر.
تدحرج التعليم والصحة والخدمات إلى الحضيض ليس خطر.
تفشي الفقر والبطالة والفساد الأخلاقي كظواهر اللوطية والمثلية والزنا ومنه زنا المتعة والمخدرات التي غزت العراق منذ عام الاحتلال ليست خطر.
قتل العراقيين في ساحات الاعتصام السلمي في عشرات المدن العراقية بعد أن هددهم نوري المالكي (انتهوا أو تنهو) ليس خطر.
تغييب مليون عراقي في السجون والمعتقلات ليس خطر.
اجتثاث وإقصاء خمس ملايين عائلة عراقية ليس خطر.
هجرة ونزوح ستة ملايين عراقي ليس خطر.
تشكيل مئات المليشيات المجرمة ومنحها جوازات مرور للقتال في خارج العراق تحت إدارة وقيادة إيران ليس خطر.
ولنتفق لأغراض الجدل ليس إلا على أن الارهاب هو أصل كل معضلات العراق والعرب ونسأل العبادي وقادتنا الذين سمعوه وصفقوا له بأدبهم وسمو خلقهم المعروف والمشهود والمجرب:
من أنتج الإرهاب في العراق ومتى؟
أليس دخول القاعدة إلى العراق هو من تداعيات الاحتلال باعتراف ترامب بعظمة لسانه حين قال في خطاب مشهور ومنتشر (إنا ضد الحرب في العراق. لقد خسرنا آلاف من شبابنا. وتحول العراق إلى هارفرد (أشهر جامعة بأمريكا) في تفريخ الإرهاب وحضانته.
هنا تتضح معالم الحكاية كلها: صناعة الإرهاب من قبل الاحتلال وأعوانه لكي يغطي على الفشل المريع في إدارة البلاد والعباد. منح سلطة الاحتلال وداعميها حق تدمير المدن. إرغام العالم كله على الإذعان لممارسات سلطة الاحتلال ومن يسندها لأن الحرب هي حرب ضد الإرهاب والإرهاب ليس في الحقيقة سوى شماعة. الإرهاب يصنع وينتشر في دورة انتخابية ويغلب الجيش والشرطة والمليشيات وقوات الدعم والتدريب والخبرات الاستراتيجية الأمريكية لكي تكون مهمة الدورة الانتخابية القادمة هي الانتصار على الإرهاب!!!!.
ويبقى العراق ينزف والشعب لا يوحده شيء غير محاربة الإرهاب.. فيا لسحر الإرهاب في غلق كل الأبواب وإبقاء باب واحد منه يدخل كل الشعب هو باب الإرهاب ومنه دخل العبادي على القمة التي لا تستطيع قط أن تنكر حق محاربة الإرهاب دون سؤال عن كيف ولم ومن كان وراء الإرهاب ولا يهمها أن تحسب خسائر الوطن والشعب في مسرحية مقاتلة الإرهاب.
هكذا تكون الصورة واضحة للقاصي وللداني: خلق الإرهاب ليكون غطاء للجرائم البشعة ولفرض سلطة الاحتلال على شعبنا لا لشيء سوى الزعم بأنها تقاتل الإرهاب توافقاً مع إرادة العالم المزيفة. ولتشرعن المليشيات الفارسية التي عبثت بأمن العراق وقتلت مئات الآلاف من شعبه.
يتبع