يخطئ من يذهب إلى الاعتقاد بأننا نغلق احتمالات الممكن والمتوقع في السياسة البراغماتية واللاأخلاقية التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية. نحن ببساطة نستحضر ما هو منظور من الوقائع والنتائج ومنها ما آلت إليه أوضاع العراق خلال سنوات الاحتلال الأمريكي ونبني عليها.
أول ما سيواجهه أي قرار أمريكي بالتغيير هو رد الفعل الإيراني الذي سيعتمد على المواجهة العسكرية للمليشيات الشعوبية التي ستقاتل بأية صيغة من صيغ القتال للحفاظ على ما أنجزته إيران في احتلالها للعراق.
والسؤال الكبير هنا الذي يتوجب على المتفائلين الإجابة عليه هو: هل ستدخل أميركا في حرب مع المليشيات التي وقع قرار إنشاءها قلم بول بريمر الأمريكي الحاكم المدني لسلطة الائتلاف بعد غزو العراق عام 2003م؟
هل يرى أحد ما يثبت أن أميركا مستعدة بعد ما خسرته في العراق من الإقدام على خوض حرب مع عصابات؟
وقد يحاججنا أحدهم ويقول أن أميركا ستطرد الأحزاب الإيرانية عن طريق الانتخابات .. ونحن سنقبل بهذا الافتراض وسنفترض صعود من يسمونهم علمانيين وتكنوقراط للبرلمان ومن ثم للحكومة ... غير أننا وبحكم معرفتنا بأحزاب إيران وأذرعها الإجرامية نقول ببساطة متناهية أنها لن تقبل بنتائج الانتخابات وستدخل البلاد في دوامات عنف دموي لن تقدر الإدارة الأمريكية أبداً إحكام بداياتها ولا نهاياتها وستضطر للهرب ...
الافتراض الآخر هو قيام أميركا بتهيئة ميليشيات وقوات موالية لها وتقاتل بإمرتها وهذا الاحتمال وارد ويضعه الاستراتيجيون الأمريكان في حساباتهم باعتبار أنه لا يحتاج منهم إلا لأموال يمكن توفيرها من ثروات العراق التي تسيطر عليها أميركا والمجندون بالأموال متوفرون. هذا التوجه سيدخل العراق في أتون حرب طائفية هو الآخر ولا أحد يستطيع رؤية مخارجها ولا مخرجاتها.
ما هو الحل...؟؟
أن تنقلب أميركا انقلاباً ثورياً على ذاتها وتدعم المقاومة العراقية الوطنية والقومية والإسلامية التي تعرفها أميركا عز المعرفة وتعرف فصائلها وكتائبها وقياداتها ...
المقاومة العراقية هي الجهة الوحيدة التي يمكنها تحقيق غايات العراقيين بوحدة وطنهم وسيادته واستقلاله ولا نرى الطريق مغلقاً لوضع تفاهمات بينها وبين الإدارة الأمريكية تضمن حقوق العراق كاملة غير منقوصة وتحقق في ذات الوقت ما هو مشروع في العلاقة مع أميركا. العالم كله يعرف أن المقاومة العراقية هي الطرف الوحيد المستعد والقادر على مقاتلة وطرد إيران وأعوانها من العراق ...
مرة أخرى هذا الافتراض لهكذا انقلاب غير منظور ولا يوجد في أفق السياسة الأمريكية ما يبشر به بدليل أن معظم دول الجوار العراقي ما زالت تتنفس ذات الهواء الفاسد الذي ضخته أميركا قبل وبعد احتلال العراق ولا زالت الرهانات كلها والأموال والإعلام تدور في فلك تعديل ذيل الكلب الذي خلقته قوات الغزو وأطلقت عليه مسمى العملية السياسية.
ثم.. لنفترض مجدداً لأغراض الجدل أن أميركا ستتمكن من تحسين الصورة المهلهلة لمنتجها وإجراء عملية تجميل لوجهها القبيح فإن العملية السياسية المحسنة والوجود الأمريكي الاحتلالي أو المسير للاحتلال الإيراني سيكونان كليهما في مواجهة المقاومة العراقية الباسلة التي لن ترضى بغير التحرير الناجز والسيادة الكاملة ووحدة العراق من الفاو إلى دهوك.
والعالم كله يعرف أن المقاومة رقم صعب بل هو الأصعب والذي يصعب يوماً بعد آخر وسيكون له القول الفصل في قادم الأيام وسيجد قردة الاحتلال أنهم يواجهون رصاص العراق المقاوم في كل أرجاء العراق ..
فالحل والربط في كل الأحوال ليس بيد أميركا وخير لأمريكا أن تسير في طريق السلامة وحفظ ماء الوجه والمصالح الطبيعية والمشروعة عبر التغيير الدراماتيكي للاعتراف بالمقاومة الوطنية والقومية والإسلامية كحل جذري لمشاكل أميركا في المنطقة كلها وليس في العراق فقط لأن كل المشاكل بدأت مع غزو العراق وكلها ستنتهي بتحريره وعودته حراً سيداً عربياً كما كان قبل الغزو.
كاظم عبد الحسين عباس