سقط صدام ، ومات صدام ولم أعش الشعور بالفخر مثل أي طفل والده شهيد !!.
أولاد الشهداء يشعرون بالفخر والعز ويتباهون ببطولات أباءهم وأخوانهم لكنني وإخوتي لم نعش هذا الشعور حتى بعد أن تسلم حزب الدعوة السلطة في العراق وصار هو الفاعل الرئيس لكل شيء ..
كانت في المدرسة ، بنات كثيرات يتحدثن عن بطولات أباءهم .. تلميذة والداها مجرد جندي مكلف أستشهد في الحرب كانت تتباهى أمام الطالبات برجولة والداها وببسالته وكانت تلاقي التعامل الذي يليق بها وينادوها بنت البطل بينما كنت أنا بنت المعدوم الذي شارك والدها في عملية أغتيال الرئيس أثناء زيارته لمدينتنا .. عندما كنت أرجع من المدرسة تخنقني العبرة – تهدئني أمي : أصبري فسيأتي اليوم الذي ينادوك فيه ببنت الشهيد أو بنت البطل لكن هذا اليوم لم يأتِ .. نعم سقط صدام وأغتيل صدام على يد حزب الدعوة لكني لم أصبح بنت الشهيد البطل ولم أعش لحظة الشعور بالفخر ولا بالعز ولم أشعر أن والدي بطل لأنه شارك في عملية أغتيال رئيس الدولة يسموه بالطاغية ولم أكن أنا أشعر أنه طاغية فبأم عيني شهدته وهو يضحك مع تلاميذ المدرسة ويلتقط معهم الصور ويقدم لهم الهدايا !!
أغدق علينا حزب الدعوة الأموال والهدايا والأمتيازات - أراضي وسيارات ووظائف وحصلنا على لقب عائلة الشهيد وصرنا أبطال في أعين هذا الحزب لكننا لم نعش ذلك الشعور الذي يعيشه أولاد الشهداء وبناتهم ..
لم أشعر يوماً أني بنت شهيد بل كنت أشعر دائما اني أبنة مجرم حاول اغتيال رئيس البلد وهو يخوض حرباً للدفاع عن بلده.
شتان مابين شهيد وطن وبين شهيد حزب !!
هوة كبيرة من يستشهد وهو يحمي بلده ويدافع عنه وبين من يشارك في عملية أغتيال مخططة من قبل دولة اخرى لنا معها حرب وصراع طويل عريض .
بنت المعدوم ..
هكذا كانوا ينادونني في المدرسة ومن احترم مشاعري لأنسانيته كانت نظراته تعبر أنه ينظر لي هذه النظرة ، ربما هذا الشعور يرادوني من تلقاء نفسي ولا دخل للأخرين به !!
سقط صدام ، ومات صدام وأنا مازلت مها بنت المعدوم ولم أصبح قط مها بنت الشهيد البطل ، كل السجلات والتسجيلات لم يجعل من أبي بطلاً في نظري لأنه لم يمنحنِ شعوراً بالفخر ولا شعوراً بالأبهة ولم أتمكن لحد اليوم من سرد قصص لبطولات أبي فهو شهيد حزب وليس شهيد وطن !!
حزب حاول أغتيال الرئيس ليس حباً في الوطن بل حباً في السلطة وطمعاً في الثروة هذا ما يردده اليوم الناس الذين يخرجون في تظاهرات يرفعون شعارات الفساد ضد هذا الحزب ويضربون قياداته بالأحذية وقناني الماء .
في مدينتي نفسها الدجيل ، لم اجرؤ يوماً أن أرفع صوتي عالياً أو أرفع رأسي عالياً وامشي بطولي لأني أبنة شهيد بينما مازالت رحاب صديقة طفولتي –أبنة الجندي المكلف عماد – ترفع رأسها عالياً وعندما تتكلم لن يجرؤ أحد أن يسكتها فهي ابنة جندي شريف دافع عن وطنه بينما أنا أبنة رجل شارك في أغتيال الرئيس .