أذكياء يقودهم أغبياء
سلام الشماع
وحقكم، إن ما قلته قبل سنين مازال يصدق، وهو أن التفجيرات لن تتوقف في العراق.
وقتها اتهمني أحد الأصدقاء، رحمه الله، بأني
داعشي وأني أسعى إلى إبادة الشيعة الذين يحبون آل البيت.
إن ذلك الصديق، وكان مناضلاً قومياً، ومديراً عاماً في أخطر جهاز هو الإعلام إبان النظام الوطني قبل الاحتلال، نظر إلى مقالي من وجهة نظر طائفية ضيقة، بينما كانت الأمور تبدو لكل ذي عينين أنها حرب إبادة على العراقيين جميعاً من الاستحالة أن تتوقف من دون إزالة من سلطهم الاحتلال على رقاب العراقيين، ومن دون إزالتهم ستبقى حرب الإبادة التي ينفذونها ضد الشعب مستمرة، فهي سر وجودهم وبقائهم، فبها يطمئنون إلى أن الشعب لن تتوحد كلمته ضدهم ويبقى منشغلاً بما يشيعه من ضحايا حربهم الإبادية، وشماعتهم دائماً تنظيم (داعش) وقبله (القاعدة)، ولكي يبقى الشعب منشغلاً بالحالة الاقتصادية المتردية التي نتجت عن نهبهم وسرقاتهم لخيرات البلد الذي كان غنياً قبل أن يرى وجوههم الكالحة.
إذا كان العراقيون قد استقبلوا العام الجديد بضحايا جدد لتفجيرات نفذها إرهابيون، ليس بمقدور أحد أن يبرئ من سلطهم الاحتلال بتوجيه منفذيها، فإن السنوات السابقة من 2003 إلى الآن أكلت من أبناء شعبنا ما أكلت والسنوات المقبلة ستأكل منهم من تأكل إذا لم تنتبه قوى الشعب وتوحد صفوفها وتوجه طاقات الشعب نحو مقاومة العملية السياسية التي فرضها المحتل وتدمر حياة العراقيين وتمزق نسيجهم الوطني.
لا أحد يلوم أمريكا أو إيران عندما تنفذان ما تريدان في العراق فلكل منهما مصالحها ومشروعها وإرادتها، ولكن الملامين نحن كشعب عندما نقف مكتوفي الأيدي أمام ما تنفذان ولا ندافع عن مصالحنا ومشروعنا وعندما لا نفرض إرادتنا..
إرادتنا ينبغي أن تصارع إرادة الأجانب المتدخلين في شؤوننا ومشروعنا يجب أن يقف نداً لمشاريع المتدخلين ومصلحة بلدنا يجب أن تتقدم على أي مصلحة، وقد انكشف بعد هذه السنين كل شيء وبتنا نعرف عدونا من صديقنا وانكشفت لنا هوية من يقتلنا وثبت لنا أن شخوص ما تسمى الحكومة العراقية هم في الحقيقة عمال لسلاطين أمريكا وإيران.
سيذبح شعبنا بالتقسيط المريح إذا لم ينتفض ويثور، إن لم يكن ثأراً لنفسه فثأراً لأجياله المقبلة وحياتها المهددة بما يحاك لها من مخططات خبيثة في واشنطن وطهران، ومن حق أجيالنا أن نوصل إليها الأمانة وطناً حراً كما تسلمه جيلنا من الجيل الذي سبقه.
لاشكّ أن عمال المحتلين على بلادنا نجحوا في تأجيج الطائفية واستثمارها إبان ولاية إبراهيم الجعفري وولايتي نوري المالكي، ولكن لا شكّ أيضاً أن مثقفي شعبنا نجحوا في التصدي لها ومقاومتها وقبرها حتى صار رموزها اضحوكة لشعبنا وليس ببعيد عنكم ما حصل للمالكي في المحافظات الجنوبية، وليس ببعيد أيضاً التظاهرات الشعبية المنددة بالعملية السياسية وشخوصها.
ولكن النجاح في الانتصار على الطائفية ينبغي أن يطور ولا يتوقف عند النتائج التي حققها ولابد أن يسير نحو اقتلاع هذه العملية المقيتة وبناء عملية سياسية عراقية يتوافق عليها جميع العراقيين، وعند ذلك فقط تتوقف هذه التفجيرات ونكتشف منفذها، الذي لن يعدو أن يكون عمال المحتلين أنفسهم.
وصلت إليّ رسالة على (الوتساب) من أحد الأصدقاء ذات مغزى عميق وتتعلق بحديثنا هذا يقول نصها:
(عشت في الصين قرابة الأربع سنوات من العام ٢٠٠٥ إلى العام ٢٠٠٩ وتعرفت على ضابط كبير متقاعد في المخابرات الصينية يمتلك مصنع ألواح للطاقة الشمسية، وبعد نقاش طويل معه قال لي: إن أغلب من التقيتهم من العراقيين وجدتهم يعرفون في كل العلوم ويتحدثون في التجارة والاقتصاد والتصنيع والسياسة.. انتم شعب غير اعتيادي، فنحن في الصين عدد نفوسنا نحو ملياري نسمة وأعترف لك أن معظمنا أغبياء، ولكننا سلمنا امورنا بيد مليون صيني ذكي يقودون البلاد في جميع المجالات وأصبح الآخرون أتباعاً لهؤلاء المليون، وأنتم ٣٦ مليون ذكي يقودكم ١٠٠٠٠ غبي متى ما تخلصتم منهم سترتقون إلى مصاف الدول العظمى).
فهل نحن نريد الارتقاء إلى مصاف الدول العظمى فنتخلص من أغبيائنا، أم نريد أن تصدق علينا تغريدة أستاذة علم الاجتماع العراقية الدكتورة منى العينة جي في صفحتها على الفيس بوك: (في العراق حصراً كلما زاد الظلم والموت زاد سكوت الناس)؟!!
ذلك متروك للشعب نفسه...